يعش عدد من الفارسات السعوديات جواً بطولياً في أجواء اسطبلين للخيول، أحدهما داخل أرامكو، والآخر في مدينة الظهران. فمنى الظفيري 38 سنة، أم لخمسة أطفال، لكنها تتحدى ثورة الفرس، على رغم حداثة عهدها به"عندما أكون على ظهر الفرس"أشعر أنني أملك العالم بكل عنفوان وحرية". وتعترف أنها حينما ركبت الخيل للمرة الأولى"شعرت برغبة للانطلاق من دون عودة، وعلى رغم ذلك، فأنا حذرة في تعاملي مع الخيل، وأحاول التركيز على تمارين المدربات، بعد اشتراكي في اسطبل أخيراً". ولا تخفي رغبتها في وجود أماكن ونوادٍ تستقبل السيدات"أنا وغيري كثيرات، نتمنى وجود نوادٍ رياضية، نمارس فيها مختلف الرياضات، مثل التنس الأرضي، فهذا يوفر لنا متنفساً". وتمتطي نادية البسام، فرسها محافظة على عباءتها، بتحدٍ واضح"كنت شغوفة بكل ما يتعلق بالخيل، وهذا ما دفعني إلى تعلم ركوبه منذ فترة وجيزة". وتصف عالم الخيل ب"الرائع". وعلى رغم ذلك تحافظ على ارتداء العباءة السعودية"أراعي حشمتي حتى في أدق التفاصيل، وأحاول أن أوازن بين هوايتي ومبادئي". وتعتقد أن هذه الرياضة"تصقل الجسم، وتحرك الدورة الدموية"، ولكن التقاليد والمجتمع لم يقفا عثرة في طريق البسام"على رغم استنكار الجميع، وأولهم أهلي، إلا أن أحداً لم يتدخل في ذلك، فزوجي أول من شجعني، وأنا بدوري بدأت تعليم ابنتيّ نورة ولينا منذ الصغر، لتكونا فارستين من الآن". ولا تبالي أم عبدالله بالمستنكرين عليها إصرارها على تعلم رياضة ركوب الخيل، كما لم تبال بمن يستنكر عليها تلثمها بعباءتها، إلا أنها أصرت على المواصلة. ولا تخفي عزيزة الغانم ولعها بالخيل منذ الصغر. فعزيزة سيدة لها أبناء في مراحل دراسية مختلفة، ولكنها تحافظ على علاقتها في هذه الرياضة كهاوية، إلى أن تعثرت قبل فترة"بدأت في ممارسة هذه الرياضة منذ مدة طويلة، عندما تدربت كهاوية على الفروسية في مزرعتنا الخاصة، إلا أن تعثري في الفترة الأخيرة جعلني أتوقف فترة، إلى حين معاودة ذلك قريباً". وشأنها شأن أخريات، ترى مضاوي العوهلي أن رياضة الفروسية هي الأفضل للمحافظة على جسد قوي ورشيق"بدأت قبل أشهر فقط، ولكنني أشعر بالرضا، لأنني سلكت هذه الطريق، بعد أن اتبعت نصيحة صديقتي، التي وجهتني لهذه الرياضة، فقد كنت مهتمة في متابعة ما يتعلق في الخيل منذ صغري". وتتمنى مضاوي بكل حماس أن تصل إلى الاحتراف، والمشاركة في العروض والمسابقات قريباً". واحترفت جمانة بخش الفروسية منذ 12 عاماً، تعلمت خلالها أصول الفروسية، لذا تعطي دروساً في الفروسية لصديقاتها وصغار العائلة"نشأت في عائلة تهتم بكل ما يتعلق في الخيل، إضافة لتملك والدي مزرعة واسطبلاً للخيول، ما شجعني في شكل أكبر على الاحتراف، إضافة لتنظيم العروض الخاصة بين فترة وأخرى". ولم تكن وحدها، فلديها بنات العائلة مثل ابنة عمها ملاك بخش، والصديقات اللواتي يجتمعن للتدريب، ويكلفن كل من تتعثر منهن إحضار كعكة مقابل ذلك، تذكيراً لهن بكل عثرة. وإذا كان لجمانة ما يشجعها على هذه الرياضة، إلا أن مشاعل التميمي الطالبة الجامعية، لم يكن في عائلتها من يهتم بذلك على الإطلاق"اندفعت تجاه هذه الرياضة منذ سنوات، على رغم عدم اهتمام أحد من عائلتي بهذا النمط من الرياضات، إلا أنهم انساقوا لرغبتي، وبدأت في التدرب على هذه الرياضة في أميركا، وواصلت هنا، بعد أن أصبح ليّ فرس خاص". وللفروسية دافع آخر لدى مشاعل"أشعر أن الجسم يكتسب مرونة كبيرة، إضافة للصحة العامة، التي أنشدها دائما". وكما هي الحال بالنسبة للفارسات، فالتعثر بداية الطريق للاحتراف، وهذا ما عاشته لطيفة الشيخ"كانت تجربة لا تمحى من الذاكرة، فقد كنت أؤدي أحد العروض، وكانت درجة الحرارة تفوق الأربعين، حيث كنا في عز الصيف، وكانت الفرس هولندية الأصل، ولا تتحمل درجة حرارة طقسنا، ما جعلها تنفر وتسقطني أرضاً، في عرض كان يحضره جمع غفير من الناس". واحترفت لطيفة الفروسية منذ سن الخامسة، على يد مدربين أجانب،"نشأت ولديّ إلمام كبير في الفروسية، بتشجيع كبير من والديّ. وشاركت في عدد من المسابقات والعروض". ويشجع المدرب عدنان توفيق على ممارسة هذه الرياضة المهمة"يجب البدء بها من الصغر، ليتسنى لهن تطبيق التدريبات والاحتراف فيما بعد". ويرى أنها رياضة"مميزة، شديدة الارتباط في تاريخنا وعروبتنا الأصيلة، التي أقر بها الرسول في أحاديثه. وهناك فارسات تميزن في تاريخنا العربي، ليصبحن قدوة لفارساتنا الآن". ويتمنى توفيق أن يأخذن طريقهن للاحتراف"لاسيما أن هناك من تحافظ على حجابها، وحشمتها في شكل لافت". ويضيف"ألاحظ اتجاه السيدات وكثير من العوائل لاقتناء الخيول، وتدريب فتياتهم أخيراً. وهذا اتجاه جيد بالفعل، حيث أن هناك اهتماماً كبيراً من عدد من السيدات من مختلف الأعمار، ومن طبقات المجتمع كافة". "مختلف الأعمار"في كلام توفيق ربما تشير إلى الطفلة السعودية إباء حسين. فعلى ارتفاع متر ونصف المتر تنتصب صورة الأميرة هيا الحسين، ممتطية جوادها المائل إلى السواد، وتحتل مع جوادها، مكانة بارزة في غرفة نوم إباء. فهي ترى في الأميرة الأردنية نموذجاً لها، وتحرص على متابعة أخبارها، وتتواصل معها عبر الرسائل الإلكترونية، لم تفوت خبراً لها. وإلى جانب السرير صورة أخرى للأميرة في يوم زفافها. وسر الإعجاب لدى إباء التي تتدرج في عامها ال 11، ليس شخصية الأميرة هيا الحسين، بل فروسيتها، ولطالما تمنت أن تكون فارسة مثلها، تقفز فوق الحواجز وتجتاز العقبات على فرسها، ولكنها تفضله أبيض، وبذيل قصير. ... واخرى رفسها الفرس في بطنها ولا تزال تمتطيه! على رغم مرارة التجربة التي عاشتها سارة الرزقي الطالبة الجامعية 23 سنة فلم تثنها عن مواصلة تدريبات الفروسية. "أتذكر تلك المغامرة التي كادت تودي بحياتي، لولا رحمة الله، فقد حدث أن كنت أهرول بالفرس بسرعة كبيرة، وأوقفته فجأة في منتصف الساحة، ولم أوصله للإسطبل، وما إن نزلت حتى رفسني في بطني برجله رفسة قوية، لم أستوعب الحدث حينها، إلا أنه عاود رفسي مرة أخرى، فوقعت على الأرض من شدة الألم". وتضيف"كانت الفرس إنكليزية الأصل، وذات سيقان غليظة، وأرادت صديقاتي استدعاء الإسعاف، إلا أنني رفضت، خوفاً من أن يعلم والداي بالحادث، فيمنعاني من الرياضة خوفاً على صحتي، ولكن ساورني الشك في حدوث نزيف داخلي، ومع إصرار صديقتي ذهبنا لمراجعة الطبيب بعد أسبوع، وقد كانت نجاتي من تلك الحادث أعجوبة". وسمعت نصيحة المدربين، حيث يشجعون على ركوب الخيل مباشرة بعد كل عثرة"قد يكون لتفادي الرهبة التي تحدث للمبتدئين، وللتعود ولتحدي الفرس نفسها أيضا".