"إنسان وسلوك وكلمة وموقف" هكذا تصف الفنانة التشكيلية غادة بنت مساعد التشكيلي الحقيقي. وترى أن مهمة الفنان ربط الأحداث بعضها ببعض، من دون تصنيف ومن دون تميز.غادة تحدثت ل"الحياة"حول بدايتها مع فن"البورتريه"، وقالت إن لوحاتها يشوبها الغموض، ولكنها في الوقت نفسه تحمل تعبيراً إنسانياً، وليست مجرد رسوم سطحية. إلى نص الحوار. لنتعرف بداية على سر اهتمامك بالفن التشكيلي، كيف كانت البداية مع الرسم؟ - أولاً الفن التشكيلي موهبة، من الضروري أن تصقل بالدرس الأكاديمي حتى تظهر للعيان، لأنه حس داخلي وهو جزء من حياتي، لذا تعبت كثيراً حتى وصلت إلى المستوى الحالي، وطبيعي أن الدراسة وحدها غير كافية، فالفنان سلوك قبل أي شيء. ودرست في البداية في جامعة الملك سعود، قسم تربية فنية، ولكني لم أجد الإشباع الذي كنت أبحث عنه، فدرست على أيدي متخصصين في الداخل والخارج. ولماذا فن ال portrait تحديداً، هل تؤرقك الوجوه العادية، فتبتكرين منها تفاصيل لم يلحظها الآخرون؟ - هذه رسالتي. فأنا أرى أن أي فنان يجب أن يكون لديه إحساس مرهف تجاه الآخرين، وعلى رغم دراستي للبورتريه تجدين أن كل لوحة تحمل تعبيراً معيناً، أهم من مجرد رسومات سطحية أو عادية تشوش على المتلقي وقد لا يفهمها، أعمالي قد تصدم المتلقي ولكن ما إن يفهمها حتى يحبها. لديك لوحة تصورين فيها هتلر؟ لم تحديداً هذه الشخصية الدموية؟ - لأني قرأت عن جانبه الإنساني، وليس بصفته مجرم حرب أو تمجيداً له أو للشر، ولكني تأثرت بطفولته الحساسة وشغفه بالرسم، فانا أرسم جانبه الإيجابي لا السلبي. الوجوه التي ترسمينها، تشير ملامحها إلى القسوة والتهدل والانكسار، لماذا؟ - ذلك يعود إلى إحساس المتلقي، وغالباً تعبير الوجه يختلف حينما تضحكين أو تشعرين بالانزعاج، هناك نوع من الغموض في لوحاتي لكنه مجرد تعبير عن لحظة قد يمر بها أي إنسان. إلى أي مدرسة فنية تنتمين؟ - اعتبر نفسي تلميذة القرن 17 و18 و19 و العصر الذهبي ل"ليوناردو دافنشي"و"رامبرنت"الذي يعتمد على الضوء، فتلاحظين في لوحاتي الخلفية السوداء ونقطة الضوء، التي ينطلق منها عملي"الإسقاط"فأنا اتبع المدرسة الواقعية التعبيرية. ما الخامات التي تعتمدين عليها في لوحاتك؟ - الألوان الزيتية على القماش ولكني ارسم على السطح الخشن وهو أمر نفسي بالنسبة إليّ. هل هناك طقوس معينة تعيشينها أثناء الرسم؟ - كل حياتي عبارة عن طقوس، أنا انسانة أعيش في دائرة سلام وإحساس بالآخرين، والفنان له عالمه الخاص الذي يستقي منه المشاعر التي ينقلها إلى الناس، أتأثر بأعمالي وأحياناً أتحدث مع لوحاتي، فهي الجزء الأكبر من حياتي. كيف ترين دعم جمعية الثقافة والفنون للفنانين التشكيليين؟ - هناك كثير من الفنانين المبدعين الذين يستحقون الالتفات إليهم، ولا أعلم ما الأسباب التي منعتهم من الوصول. في بداياتي أسهمت الجمعية قليلاً في انتشار فني، ولكن في ما يتعلق بالآخرين لم يحدث ذلك. والمشكلة أنهم يعتمدون على فنانين معينين، ونحن في عصر جديد وهناك دماء جديدة، لا ننكر القدماء ولكن هناك مواهب جديدة. تدعمين جيل الفن الناشئ، هل ينبع ذلك من اعتقاد شخصي أن مواهبهم لا تحظى بالرعاية والاهتمام؟ - الفرص ضعيفة والاهتمام ضعيف، والفن جزء من تاريخ الوطن، ولا أقدم سوى بعض الخدمات لمن يرغب في ذلك . حدثينا عن معارضك في الخارج، وما ردود الفعل حول أعمالك؟ - آخر معرض لي كان في بيروت، وكانت له أصداء إيجابية، من بينها القدرة على تجسيد الإنسان، من دون عوائق أو حواجز أو عنصرية. والإحساس أولاً وأخيراً نابع من ذاتي، ولكن اختلاطي بجميع الطبقات لا شك أنه أثر، وليس بالضرورة أن يكون الإنسان من طبقة معينة ليشعر بالآخرين، الإحساس هو الوعي بمشاكل وهموم الآخرين ومعاناتهم، بصرف النظر عن المستوى الذي يعيش فيه الإنسان أشرت في المؤتمر الصحافي الذي عقد على هامش المناسبة، أن على الإنسان أن يكون فاعلاً في مجتمعه... كيف يمكن ذلك؟ - يكون ذلك باستثمارالوقت في ما هو مفيد، والحرص على تحديد الأهداف والأفكار الإيجابية الواضحة، والعمل على تحقيقها، ليسهم من خلالها في بناء مجتمعه وبلده، سواء من الناحية الثقافية أو الحضارية أو الاقتصادية. هل لديك اهتمامات أخرى الى جانب الفن التشكيلي؟ - أمارس الكتابة في مجال الصحافة منذ أربعة أعوام، كما أنني أقضي معظم وقتي في القراءة وخصوصاً في السيرة الذاتية للعباقرة باختلاف مجالاتهم، لأن التجارب الإنسانية والشخصية لهؤلاء تثريني كفنانة وإنسانة معا، وأجد متعة في مشاهدة الأفلام الوثائقية. ما رأيك بانتشار أعمالك الفنية من خلال الإعلانات لتصل الى أكبرعدد من الناس؟ - يسعدني كثيراً تبني فكرة انتشار أعمالي في شكل واسع، من خلال الإعلانات أو غيرها من أجل أن تصل الى أكبر عدد من المهتمين. حرف ولون في الذائقة البصرية بعد كتابه الأول"لوحة وفنان"صدر حديثاً للفنان التشكيلي ناصر الموسى كتاب"حرف ولون في الذائقة البصرية". في مقدمة الكتاب نقرأ: إن هذا الكتاب أتى ليسهم في ريادة مساحة التذوق في مجال من مجالات البصر، وأنه يتصدى للمواضيع التي تلامس مواطن الجمال، وقد بدأ بهدف الحوار وقيمته كلغة اتصال مشتركة المفردات بين المتحاورين، وكمكتسب للذات البشرية، ومن قبيل لغة الاتصال الفني كتعبير إنساني، مدللاً بأن الرمز والشكل واللون أبجدية بصرية لا تحتاج إلى مترجم أو وسيط". يناقش المؤلف بعض الأمور المتعلقة بالذائقة والسؤال عن مضامين اللوحة الفنية. هذا السؤال الذي يتكرر عادةً بين النّاس فور مشاهدتهم للأعمال التجريدية خصوصاً، ويقول انها ليست عبثاً كما يراها البعض، بل لها مضمون يشتغل على تبسيط الأشياء من تفاصيلها الدقيقة. ويتناول الموسى تقادم الفن وعامل الزمن فيه، إضافة إلى نقاط عدة حول الجمال، كصوت الحرف وحركته، وقراءة التشكيل، وعلاقة المرأة بالمرآة كمقدمة لقراءة علاقة الفنان باللوحة، وحضور التاريخ في منازل الرياض القديمة كثقافة شعبية. يقع الكتاب في 181 صفحة من القطع الصغير.