كنت منذ فترة ليست بالقصيرة أبحث عن معلومات لمشروع خاص بي، وفوجئت بأني لا أجد حتى خيط معلومات عن شركة التابلاين، التي تم الانتهاء من إنشاء خط أنابيب الزيت الذي أنشئت لأجله هذه الشركة في 1950، وكان يبدأ من شمال شرق القيصومة إلى طريف شمالاًً. وقد أدى هذا الأنبوب إلى قيام تجمعات سكنية أو مستوطنات أصبحت مدناً كبيرة بدءاً من محطة بدنه التي أنشئت فيها مدينة عرعر ثم كانت طريف ورفحاء وغيرها من مدن الشمال... إلخ، وكان لهذه الشركة دور في توطين البادية، ولم يقتصر فقط على نقل الزيت الذي ينتهي إلى محطة الزهراني في ميناء صيدا اللبناني. وأنشئ طريق عالمي يربط البحر المتوسط عبر الأردن ثم الخليج العربي، وكان من نتائج هذه الشركة توفير المياه في هذه المناطق الصحراوية النائية. وكان هناك مستشفى باسم مستشفى التابلاين ثم تم بناء مدارس وازدادت الهجر واستقر أهل البادية نظراً إلى وجود آبار الماء التي تم حفرها بعد دراسات جيولوجية بجهود هذه الشركة التي توقفت ربما عام 1967. لا أعرف تفاصيل كثيرة عن شركة التابلاين فاتصلت بدارة الملك عبد العزيز، ومع الأسف لم أجد من يعرف عنها شيئاً إلا أن خط أنابيب الحدود الشمالية هو الذي أوجد معظم مدن الشمال القائمة حالياً. لا أذكر إلا المستشفى وقد فوجئت بتحويل مستشفى التابلاين في عرعر إلى مستشفى نساء وولادة كما نشر في إحدى الصحف المحلية. إن دارة الملك عبد العزيز التي تعتبر أرشيف السعودية ليس لديها أي معلومات عن شركة التابلاين ولا عن خط الأنابيب، الذي من خلاله يتم تأريخ معظم مدن الحدود الشمالية، ولم أجد فيها معلومات عن العمال وتدريبهم ولا عن المنشأة أين أرشيف تأسيس مدن الأنابيب؟ أين الأفلام الوثائقية؟ وأين أرشيف المستشفيات؟ وأين أرشيف المنشآت وتاريخها؟ وحتى البعثات الأثرية التي اكتشفت من خلال التابلاين. وأين المعاهدات والاتفاقات؟ أين أرشيف تلفزيون أرامكو؟ وأين التابلاين الشركة الأم لأرامكو؟! لقد نشأ جيل على ضفاف ذلك الأنبوب ويهمه أن يكون له تاريخ! أما أنا شخصياً فأريد معلومات عن التابلاين منشأة وعمالاً ومستشفى ومدارس وهجر، أو بالتعبير الحالي مستوطنات بشرية أنشئت بسبب هذا الأنبوب الذي امتد من الشرق إلى أقصى الشمال، فيا ترى... الإجابة عند من؟ لقد تألمت عندما طرقت كل الأبواب فلم أجد لتاريخ منطقة الشمال التي نشأت بنشأة هذه الشركة أي معلومات. والطريف، ولعله أمر يسعدنا، هو قيام دارة الملك عبدالعزيز بأرشفة 120 رواية شفوية في مشروع الحياة الاجتماعية السعودية، وأقول لا تنسوا أن تأخذوا رواية المرأة لأنها أم الحياة الاجتماعية، فلا يكفي أن تكون رواية التاريخ من خلال رجال فقط. وفي أرشيف شركة التابلاين ملاحم وقصص لبطولات العمال السعوديين من الحضر ومن البادية خصوصاً، ومدى نبوغهم. ولعل السعودة تقتدي بما قامت به تلك الشركة بدءاً من توظيف العمال السعوديين إلى برنامج تملّك البيوت. وأخيراً أقول: عودوا إلى تاريخكم وأرشفوه من الأرشفة من خلال دارة الملك عبدالعزيز!.