ليس لدينا فساد بل ليس لدينا فقر ولا بطالة... المؤسف جداً في مجالسنا الخاصة وربما العامة أننا نطلق بعض الكلمات أو بعض الأحكام من دون أن نعي خطورتها وآثارها البعيدة، لأن الكلمات إذا تكرر إطلاقها وتم ترديدها بين الناس ربما تتحول إلى مفاهيم يعني حقائق يقرها الناس وتصبح جزءاً من السلوك العام لدى الأفراد ويصعب التخلص منها أو علاجها. أذكر أن النائب الثاني الأمير سلطان بن عبدالعزيز سأله أحد الصحافيين عن وجود الفساد الإداري، الأمير سلطان كعادته كان حكيماً وحليماً قائلاً ليس لدينا فساد إداري والحمدلله ولكنه أضاف بل لدينا خلل إداري. نعم للأسف لدينا خلل إداري وربما فراغ إداري في كثير من الأجهزة الحكومية، ولن تتم معالجة هذا الخلل إلا بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيداً من المجاملات أو المحسوبيات أو المصالح الشخصية، لأن هذا الخلل بلا شك إذا لم تتم معالجته فسيتحول مع الزمن إلى فساد إداري، نعم حقيقة ندركها جميعاً ونحمد الله عليها أنه لا يوجد لدينا فساد لأن الفساد لا قدر الله يعني انتهاك الأعراض، التعدي على الحريات، سلب الأموال. ولكن الحقيقة أن مجتمعنا والحمد لله ما زال محافظاً على قيمه وعاداته المنبثقة من ديننا الإسلامي، وحتى لو شذ أحد الأفراد فإن القيادة بدءاً بوزارة الداخلية إلى أعلى الهرم لن تسمح له بتجاوزاته، بل ستردعه ويأخذ جزاءه ليكون أسوة لغيره ممن تسول لهم أنفسهم، أما الفقر والبطالة ليسا موجودين بالشكل الذي يردده بعض الناس وأن وجدت أحياناً نتيجة لسوء الإدارة هنا أو هناك، فلو نظرنا نظرة إلى الأسر السعودية الفقيرة وأكد على كلمة الأسرة السعودية... فإنه بمجرد تكافل هذه الأسر المنتشرة في جميع أنحاء السعودية وبدعم من الحكومة والمؤسسات الخيرية فإن الفقر بما تحمل هذه الكلمة من معناها اللغوي أو الشرعي القضاء عليه سهلاً وبخاصة ما يتعلق بالسكن الذي أرى أنه بحسن النية وحسن الإدارة ممكن حل مشكلته وخلال زمن قصير نسبي، والجميع يدرك والحمدلله أن خيرات ومساعدات هذه البلاد وصلت إلى معظم بقاع الدنيا وخصوصاً إخواننا المسلمين ومن المؤشرات أن المناسبات التي تقام لجميع التبرعات الخيرية نجد أن الكثير من الأموال يتم تقديمها على رغم أن بعض هذه الحملات تفتقر لحسن الإدارة، أيضاً نرى التسابق من المواطنين على المساعدة لحل المشكلات التي يتم الكتابة عنها في الصحافة المحلية، أما البطالة فحدث ولا حرج فبلد يوجد فيه أكثر من ستة ملايين عامل وفني ومهندس وطبيب... من غير ابنائه ونقول إن هناك بطالة، سيدي يقال عمى البصر ولا عمى البصيرة نعم العلاج موجود والحمد لله ليس صعباً وأن احتاج بعض الزمن وهو علاج الخلل الإداري والفرق بين الإنسان الذي عنده بصيرة والذي ليس عنده بصيرة، أن الذي عنده بصيرة يعرف أنه مريض وبخاصة الأمراض النفسية، وتكون لديه الرغبة والقدرة على معالجة نفسه، أما الذي يفتقد البصيرة فلا يدرك أنه مريض وبخاصة نفسياً ويظل على عماه، فإذا كان مسؤولاً فالله يعين الناس وبخاصة مرؤوسيه عليه، أقول لكل مواطن أن يخاف الله بخاصة أننا في مجتمع كلنا نخاف الله أن لا نعطي فرصة لأعداء هذه الأمة للتدخل بيننا وبين قادتنا، وحتى لمواطن نتيجة ظروف شخصية أو مرض نفسي أن يعمل على هدم البيت بمن فيه، نحن في نعمة لن يدركها أو يعيها البعض إلا بعد فقدها لا قدر الله نعمتان مجحودتان الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان ان هذا البلد وفي الزمن المنظور والعلم عند الله لا يمكن أن يقوده إلى بر الأمان إلا هذه الأسرة الكريمة أسرة آل سعود، فالجميع يعلم ما كان هذا الوطن عليه من جهل وفقر ومرض وخوف حتى وهب الله هذا البلد ابنها وقائدها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وانتشلها مما كانت عليه إلى ما هي عليه الآن من نعم لا تعد ولا تحصى ويؤطرها هذا الأمن الوارف، التركيبة الاجتماعية والوعي لدى بعض المواطنين يوجب علينا أن نضع يدنا بيد القيادة من أجل الوطن، وهذا لا يمنع من الكلام وربما بصوت مرتفع إذا لزم الأمر لمعالجة الأخطاء، مع المحافظة على احترام وتقدير ولي الأمر. فشريعتنا الإسلامية حثتنا على الشورى، والشورى تعني الرأي والرأي الأخرى ولكن تحت مظلة ديننا الإسلامي وبرعاية من القيادة لأن الأمن والأمان في النهاية لمصلحة واستقرار واطمئنان الجميع قيادة وشعباً. د. عثمان بن عبدالعزيز المنيع