حظي اليوم الأول للملتقى الثقافي الثاني للمرأة السعودية، "دور المرأة في الثقافة الوطنية" بحضور نسائي كثيف، إذ امتلأت مدرجات القاعة المخصصة بحضور أكثر من 500 سيدة يمثلن مختلف شرائح المجتمع. وفي حين يستهدف الملتقى تعزيز دور المرأة في نشر الثقافة الوطنية وحمايتها وتنقيتها من مخاطر تطورات العصر على الأجيال من الجنسين، تأرجحت طروحات اليوم الأول بين إشارة بأصابع الاتهام إلى العصبية القبيلة وبين مفند لهذا الاتهام. وطالبت الأستاذ المساعد في قسم الجغرافيا عضو اللجنة المنظمة للملتقى الدكتورة أمينة السوداني، في محاضرتها لمناقشة المحور الأول في الملتقى"الوطن والوطنية"، بالحديث بصوت مسموع في الملتقيات الثقافية والرسمية لكبح جماح أي عنصر جذب يزاحم حب الوطن أولاً. وقالت إن"هناك قطاعاً كبيراً من السعوديين يقابلون المواطنة بالتعصب القبلي، وهو موضوع طالما تم تداوله في المجالس الخاصة للسعوديين، على رغم عدم مداولته لحد الآن في المنتديات والملتقيات الثقافية". وتساءلت لماذا يعالج هذا الانجذاب نحو القبيلة بالحديث الموسع والصريح على مستوى المجالس الخاصة ولا يظهر للنقاش علناً وتفتيح الذهن إلى قضايا وطنية لا يفيد معها إلا الانصهار في معين الوطن. وتساءلت السوداني أيضاً:"لو كان سلمان الفارسي - رضي الله عنه - يعيش في زماننا هذا، هل ستكون لديه المكانة التي منحت له في صدر الإسلام؟". ورأت أن في السعودية نسيجاً من القبائل، يحرص أبناؤها على انتمائهم القبلي كما يحرصون على انتمائهم للوطن الأم. وقالت:"إن التعصب القبلي أصبح لدينا كالقومية العربية التي نادت بها بعض الدول أيام الاستعمار الأجنبي". وطالبت بأن يكون هناك"انتماء إسلامي للسعوديين وللعرب اجمع قبل كل شيء".ودعت السوداني في نهاية مداخلتها المثقفين والمبدعين، إلى النظر في شكل واع ومكثف لهذه الزاوية،"خصوصاً أولئك الذين يدعون إلى الترابط والتلاحم". إلا إن أستاذ مساعد قسم اللغة العربية الدكتورة فاطمة الراجحي اختلفت معها بالقول:"العصبية القبلية ليست في حدتها في وقتنا الحالي مثلما كان عليه الحال في السابق"، مرجعة ذلك إلى أن"كثيراً من أبناء القبائل السعودية من المثقفين والواعين بواجباتهم تجاه بلادهم وقبائلهم التي ينتمون إليها". وقالت:"عهد العصبية القبلية انتهى والدليل على ذلك تعامل السعوديين بعضهم مع بعض على أساس المحبة، وإنهم أبناء وطن واحد". فيما علقت الدكتورة لطيفة القرشي على الموضوع بقولها:"الافتخار بالقبيلة ليس فيه حرام، أما الانتقاص من شأن الآخرين فمنهي عنه في الدين، وقد وردت آيات صريحة في القرآن الكريم بهذا الخصوص"، وطالبت الدكتورة سهير فرحات"مشاركة صانعي القرار في الحوار الوطني، مما يساعد في سرعة تنفيذ التوصيات". وأشارت فرحات إلى أن"ثقافة السكوت والصمت الغالبة على السعوديين، تخالف الخطاب الإسلامي الداعي للخطابة والحوار، الذي أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم". مؤكدة على أن الحوار يعتبر من أساليب التربية الحديثة". أما الدكتورة خديجة الصيدلاني فدعت إلى التفرقة بين الثقافة الوطنية السعودية وبين مفهومنا للسعودة. وقالت:"هناك خلط بين مفهومنا الثقافي للوطنية السعودية والسعودة، وهذا الخلط يؤدي إلى العديد من المشكلات الفكرية والسلوكية". وعرفت الصيدلاني السعودة في ابسط معانيها"بأن لها أهدافاً اجتماعية وتنموية وسياسية واقتصادية، وهذه الأهداف لا يمكن أن تقضي على سلبيات، أو تناقضات التعددية الثقافية، فكون المجتمع السعودي يؤمن بالسعودة، لا يعني بالضرورة أن العقل السعودي حقق أعلى الدرجات من الالتصاق الوطني". وأضافت:"ان السعوديين يتفقون على مبدأ السعودة على أساس أنها غاية تنموية مهمة، في إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة، واستمرار رأس المال الوطني في المشاريع المحلية". مؤكدة أن هذا الاتفاق لا يعني بالضرورة وجود التصاق أو منهج فكري واضح في سبل وطرق العمل الوطني". وقالت:"في الوقت الذي نطالب فيه الاقتصاديين بإحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية، نطالب العلماء والمفكرين بإحلال الأفكار الإسلامية الوطنية محل الأفكار الوافدة، إلا ما تثبت فائدته والحاجة إليه على المستوى الفكري والعملي".