إن مديري المدارس مطالبون قبل غيرهم بفتح قنوات الحوار مع زملائهم، والاستفادة من مواهبهم واطروحاتهم وأفكارهم الإبداعية... وعملية الاتصال المستمرة بين الإدارة والمعلم ستنعكس على طبيعة العمل حيث سيتم تسخيرها في زيادة إخلاص المعلم في فصله وفي مدرسته، أما الشعور باللامبالاة فهو سبب تخلف الكثير من المشاريع والإبداعات والابتكارات المدرسية. من هنا نقول إن المناخ التنظيمي الذي يسوده احترام الرأي الآخر يحتاج إلى قاعدة يرتكز عليها ويتمثل ذلك في الحوار الذي يوصل للجديد والمفيد...وإدارة المدرسة الناجحة تعرف كيف تشجع منسوبيها ليقدموا المقترحات للتطوير والتحسين... أما الإدارات المنغلقة حول ذاتها فإنها ومع بالغ الأسف تحكم على نفسها بالفشل الذريع. "مجالس حوارات المعلمين" هذا المشروع الرائع - الذي سيطبق مع بداية الفصل الدراسي الثاني في غالبية مناطق السعودية التعليمية - بحاجة إلى اهتمام وتشجيع لكي تسود الحرم المدرسي روح الفريق الواحد... روح الجماعة الواحدة... روح المحبة والأخوة... أما أن تظل الإشكالات والمشكلات عالقة بالنفس طوال العام الدراسي، فإن ذلك سيسبب الكره والنفور، وبالتالي التأثير في الروح المعنوية للجميع... بل وسيزيد الطين بلّة حينما تنطلق الشللية وكلُ يدلي بدلوه في الخفاء... وهنا تتحطم الآمال والأحلام العريضة التي يأملها ولي الأمر.... وتأملها الأسرة... بل ويأملها المجتمع بأسره والأمة بأكملها. إن حوارات المعلمين مع بعضهم، وحوارات المديرين مع زملائهم من خلال مجلسهم الموقر سيضفيان على العملية التعليمية والتربوية مرونة إضافية من شأنها إنجاز الكثير من الأعمال المنوطة بهذه الفئة من هذه المؤسسة التربوية... وسيلاحظ المعلم أنه محل اهتمام ورأي... وبالتالي سيجتهد في عمله وسيُحقق إنتاجاً أفضل، وسيشارك بهمة ونشاط في أنشطة المدرسة المختلفة، وسيسهم مع زملائه في إثراء الحركة التعليمية في مدرسته. أما المدير المتقوقع داخل إدارته... الذي يُملي قراراته وملاحظاته على الجميع من دون إعطاء الفرصة للنقاش والمحاورة والمصارحة والمكاشفة... فإنه ومع بالغ الأسف شخص هدام في هذه المؤسسة... ولا يؤهلها لدور قيادي وسمعة طيبة... وقد رأينا الكثير من المؤسسات التربوية قد تحولت إلى مؤسسة عسكرية... يُمنع فيها الكلام أثناء الاصطفاف الصباحي حتى ولو كان من أجل الصالح العام... فالويل والثبور لذلك المعلم الذي وقف يناقش زميله في أمر طالب ما... بل سيطاوله لفت النظر إن تكرر منه الحديث مع أي زميل آخر... كما أن تقارير الأداء الوظيفي ستنخفض إلى معدلات قياسية قد تصل إلى درجة "مرضي" إذا خرج هذا المعلم من المدرسة لأمر طارئ أو مفاجئ... بينما يحق للمدير متابعة حركة البيع والشراء في معارض السيارات وينهي العمليات المالية والإدارية التي تخصه سواء في البنوك أو الإدارات الحكومية، بينما يقبع ذلك المعلم داخل فصله وعليه اتباع التعليمات والأنظمة التي سنها هذا المدير المتعجرف. من هنا تجيء المصارحة والحوار من دون أي اعتبار آخر لتكشف جزءاً مما يعانيه الكثير من المعلمين في مدارسهم... على أن يتم ذلك في وجود مراقب "مشرف تربوي" بصفة مراقب متابع... مع إعداد تقرير متكامل عن هذا اللقاء التصارحي... وكتابة وإبراز إيجابياته وسلبياته... وتزويد مسؤولي الإدارة المدرسية بنسخة منه لأخذه بعين الاعتبار عند حدوث أي إشكال قد يقع مستقبلاً بين المعلمين أنفسهم أو بين إدارة المدرسة ومعلميها.. وسنعرض أبرز الملاحظات والسلبيات التي تحتاج إلى تغيير وتعديل والتي تتمثل في الآتي: 1- أنصبة المعلمين المتفاوتة... فتجد أن نصف عدد مدرسي المدرسة بأنصبة تتجاوز العشرين، بينما هناك مجموعة ليست بالقليلة نصاب المعلم الواحد منها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. وهذه تحتاج إلى علاج جذري من خلال سن نظام وقانون لكل مدرسة للتقيد به ويخضع لاعتبارات عدة منها عدد فصول المدرسة وعدد طلابها ونوعية المبنى "حكومي أو مستأجر" وما إلى ذلك... وسنقوم بتفصيل هذا المقترح لاحقاً بمشيئة الله. 2- مراقبة المشرفين لأعمال المعلمين بطيئة وتسير كسير السلحفاة... ولا أقصد مراقبة الحضور والانصراف من الدوام أو مراقبة دخول الفصل أو الخروج منه، بل القصد هو المراقبة الدقيقة لمدى إسهامات المعلمين في تحقيق الأهداف التي يسعى الجميع لتحقيقها. 3- يرى الكثير من المعلمين اعتماد ميزة "معلم أول" و"معلم ثانٍ" مع الأخذ بالاعتبار تخفيف نصاب الأول لكي يقوم بالإشراف على زملائه المعلمين، وتدارس المشكلات التي تعترض عملية سير دروسهم داخل الصف مما سيشكل إزاحة عقبة كؤود في طريقهم. 4- تخفيض نصاب المعلمين القدامى وإيلاؤهم أهمية كبرى في مسألة الاستفادة من خبراتهم وما احتوته جُعبتهم خلال هذه السنين مع تقدير ذلك لهم. 5- هناك مقولة تقول "المدارس القائم فيها كالجالس" فالمعلمون الجادون في حاجة إلى من يكافئهم والكسولون في حاجة إلى عقاب رادع يردعهم. وهذه تحتاج إلى نقاشات جادة ربما يتم التحاور في شأنها في مجالس حوارات المعلمين المقبلة. إن هذه المجالس المزمع عقدها - بمشيئة الله تعالى - ستطور بيئة العمل وستُشجع على الانفتاحية والإبداع... وستُقلل ما أمكن من السلوكيات الخاطئة التي تصدر من البعض... وهذا من شأنه زيادة التنظيم والإتقان وستتحقق بيئة تعليمية تنافسية ستؤدي بإذن الله إلى نتائج باهرة. صالح جرمان الرويلي تربوي سعودي