شرعت البنوك السعودية في درس إمكان توسعها في الأسواق العالمية، بشكل أكبر من خلال فتح عدد من الفروع للخدمات المصرفية المتطورة، بهدف القيام ب"ضربات استباقية"، لعدد من المصارف الأجنبية، الراغبة في دخول السوق السعودية، استناداً إلى أنظمة منظمة التجارة الدولية، التي تتيح فتح فروع نظامية لتلك المصارف، وتقديم مختلف خدماتها المصرفية في شكل كامل. ووفقاً لذلك يقول المدير العام المساعد للخدمات المصرفية الإسلامية في بنك الجزيرة الدكتور محمد دماس الغامدي، إن من حق المصارف السعودية ومن خلال فتح المجال للتنافس داخل السوق المصرفية، أن تفكر جدياً في دخول الأسواق الخارجية ومنافسة المصارف الأجنبية، وتقديم خدمات مصرفية إسلامية عالية المستوى، في ظل توافر فرص حقيقية للنجاح في الأسواق العالمية. وألمح الغامدي إلى أن التحول الحالي في خدمات المصارف السعودية إلى مصرفية إسلامية، سيكسبها من دون شك مساحات جغرافية في الدول التي تبحث عن هذا النوع من الاستثمار والتعاملات المصرفية، كما أن الخبرات المتراكمة للمصارف السعودية، تخولها التوسع والانتشار عالمياً. من جانبه يقول كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري سعيد الشيخ، إن المصرف يعمل حالياً وفي شكل مباشر على افتتاح فروع له في دول خليجية، ودرس عدد من المواقع في العالم العربي ودول أجنبية، لتقديم الخدمات البنكية، التي باتت ضرورة ملحة للتوسع والاستثمار، في ظل التنافس الحقيقي الذي ستشهده السوق المصرفية السعودية، بعد الانضمام فعلياً لمنظمة التجارة العالمية. ويؤكد أستاذ جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بسام باحمدان، أن اشتراك السعودية في منظمة التجارة الدولية، يعني تلقائياً قبولنا جميع الاتفاقات التي تقع تحت مظلة التجارة العالمية، وأهمها اتفاق تحرير الخدمات المالية التي تنص على السماح للمؤسسات المالية المختلفة من مصارف وشركات تأمين والوساطات المالية وشركات الاستثمار وغيرها، بالعمل في السعودية وفتح فروع لها من دون الحاجة إلى كفيل محلي، ومع الاحتفاظ بملكية كاملة للفرع المحلي. وقال باحمدان إن دخول المنافسة الأجنبية السوق المصرفية والمالية السعودية بكثافة، سيفيد المستهلك المحلي، لكنه سيزيد من حدة المنافسة أمام المصارف السعودية التي تتمتع حالياً بنوع من الحماية، نظراً لأن عدد المصارف محدود والمخاطر المترتبة على دخول السعودية منظمة التجارة تشمل العديد من الجوانب، وهي إمكان خسارة جزء كبير من الودائع غير المتعلقة بالعمولات، والتي بلغت 46 في المئة من إجمالي الودائع في المصارف السعودية بالمقارنة مع 19 في المئة في المصارف الأميركية، وإمكان خسارة جزء من أسواق الودائع وأسواق الائتمان المحلية، وإمكان خسارة جزء مهم من أسواق الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في السوق السعودية. لكن في المقابل بإمكان المصارف السعودية مواجهة التحديات المتوقعة من خلال التوسع في إعداد وتقديم الخدمات المالية الإسلامية، والتوسع جغرافياً ودخول الأسواق الإقليمية والدولية، ففي الولاياتالمتحدة"والحديث لباحمدان"يبلغ عدد المسلمين ثمانية ملايين، وعدد المساجد ألفي مسجد، إضافة إلى أن عدد المدارس الإسلامية يبلغ 300 مدرسة، وإذا افترضنا أن الكتلة السكانية المسلمة تتمتع بالمزايا الاقتصادية نفسها التي تتمتع بها سائر التجمعات السكانية الأخرى في الولاياتالمتحدة، فإننا نرى أن حصة الكتلة السكانية المسلمة في إجمالي حجم الأرصدة المتوفرة"الموجودات"في المصارف التجارية الأميركية التي تشملها عمليات مؤسسة ضمان الودائع FDIC تعادل 184 بليون دولار، وهي تزيد على إجمالي الموجودات في القطاع المصرفي السعودي. وأوضح باحمدان أن بإمكان المصارف السعودية التوسع والحصول على جزء من هذه الأرصدة. والموقف نفسه يتكرر في فرنسا وكندا وسائر الدول الأوروبية، فالتوسع الجغرافي إقليمياً ودولياً يتيح للمصارف السعودية تنويع وتوسيع قاعدة عملياتها، من حيث الودائع، القروض، الاستثمارات. ما يساعد في تخفيف تأثير الأزمات الإقليمية على عمليات المصارف السعودية ويعزز قدرتها التنافسية.