يرى اقتصاديون ومصرفيون سعوديون، أن قرار السلطات النقدية السعودية رفع سعر الفائدة على الريال"الريبو"، بواقع 25 نقطة أساس"ربع نقطة مئوية"، إلى 4.75 في المئة، كان استجابة سريعة لقرار مجلس الاحتياطي الاتحادي برفع أسعار الفائدة الأميركية إلى 4.25 في المئة أول من أمس، للمرة الثالثة عشرة. والاتفاق السائد بين الاقتصاديين أن قرار مؤسسة النقد العربي السعودي ساما، يأتي"استجابة طبيعية لقرار مجلس الاحتياطي الاتحادي أو البنك المركزي الأميركي، لرفع الفائدة على الدولار، خصوصاً أن السعودية تتبع سياسة سعر تحويل عملة ثابت بين الريال والدولار، منذ عام 1986، ما يعني أنه، ومن أجل المحافظة على السعر الثابت، ينبغي صد أي محاولة للمضاربة، ففي حال ارتفاع سعر الفائدة على الدولار، ترتفع قيمته في السوق المالية السعودية، ويلحق ذلك التأثير في تحول الودائع الادخارية إليه". وبحسب أستاذ الاقتصاد والإدارة أسامة فيلالي، فإن قرار"ساما"بالتدخل لمصلحة الريال السعودي، يعتبر من الإجراءات"الاعتيادية"، إن صح التعبير، ما يعني أخيراً أنه ليس مفاجئاً. ويمكن النظر إلى القرار على أنه يحمل مضامين عدة، في مقدمها: ارتباط الاقتصاد السعودي وانكشافه الدولي، خصوصاً بالولاياتالمتحدة الأميركية. وتبعاً لذلك، تحرص السلطات النقدية السعودية على تقارب أسعار الفائدة بين العملتين بشكل كبير، مع إيجاد فارق هامش صغير، خصوصاً أن الزيادة تعتبر الثالثة بعد زيادة آذار مارس الماضية. لكن السياسة النقدية السعودية كانت وما زالت تهدف أخيراً إلى المحافظة على السعر الثابت للعملة السعودية تجاه الدولار، على خلفية أن استقرار العملة واحد من أهم أدوات جذب الاستثمارات الأجنبية، ويعني ذلك، التحوط الباكر ضد أي ضغوط ربما يتعرض لها مستقبلاً، خصوصاً"المضاربة"، إضافة إلى أن سعر الفائدة يرتبط مباشرة بالودائع، والتقارب بين العملتين يمنع التسرب إلى العملة الأميركية. وفي شكل عام، فإن القرار الأميركي له ما يبرره، إذ تتوقع الدارسات الاختصاصية حدوث نمو في الولاياتالمتحدة، ما يرفع نسبة المخاوف من حدوث ردات فعل تضخمية كما هو معروف، ما يستدعي أخيراً ضرورة رفع سعر الفائدة على الدولار، للتخفيف من حدة السيولة النقدية أو المعروض النقدي. وهنا ينظر فيلالي إلى قرار"ساما"، على أنه إيجابي، للحد من السيولة النقدية في السوق، كما أنه ينظر إليه من جانب آخر، للحد من تدفق الأموال نحو سوق الأسهم، وبالتالي إغراء المستثمرين من ملاك السيولة بالادخار والتضحية ببعض السيولة في سبيل الحصول على الفوائد المصرفية. في المقابل، يشير المستشار المالي عبدالله سموم، إلى أن قرار"ساما"الخاص برفع سعر الفائدة، من شأنه أيضاً أن يلعب دوراً في السيطرة على نسبة التضخم، وتخفيف الضغط على سوق الأسهم السعودية، مع المساهمة في عودة بعض رؤوس الأموال السعودية المستثمرة في الخارج". وحول توقعاته بشأن اتجاه مؤسسة النقد في الفترة المقلبة إلى إقرار رفع الفائدة مرة أخرى، قال فيلالي:"نحن مرتبطون في تعاملاتنا المالية مع الدولار، لذا فعندما ترفع الحكومة الأميركية من خلال البنك الفيديرالي سعر الفائدة، فإن معظم المرتبطين بعملة الدولار سيتجهون إلى رفع الفائدة، وبالعكس في حال إقرار أي تخفيض". ومع ذلك كله، فإن ازدهار النشاط الاقتصادي في العديد من القطاعات، وفي مقدمها الأسهم، أسهم في زيادة الأرصدة النقدية الحرة. والتوقع السائد أن استمرار ارتفاع أسعار الفائدة حتى نهاية العام، لن يوقف ضخ الأموال داخل السوق، باتجاه أسواق الأسهم.