يقصد المريض المستشفى متسمماً بوجبة غذاء فاسدة من أحد المطاعم، هذا أمر طبيعي، أو أن يلتقط المرء فيروساً ساماً تائهاً في الهواء، ويقع مريضاً، هذا أمر طبيعي أيضاً، ولكن أن يسبب الدواء تسمماً يجعل المرء طريح الفراش، فهذا أمر غير طبيعي. وما يزيد الأمر غرابة هو معرفة أن 50 في المئة من إصابات التسمم تنتج عن تناول الدواء، إنما في شكل غير صحيح. وذكر الدكتور صلاح بوحليقة أن"الأدوية تمثل أكثر من 50 في المئة من مجموع الإصابات التسممية في جميع أنحاء العالم"، موضحاً أن"الأطفال من عمر ستة أشهر الى خمس سنوات، يعتبرون الأكثر عرضة للتسمم بالأدوية، ويأتي كبار السن في المرتبة الثانية، وتعتبر الإناث أكثر من الذكور بنسبة واحد إلى ثلاثة". جاء ذلك في محاضرة بعنوان"التسمم بالأدوية والمنظفات وسبل الوقاية منها"، ونظمها نادي الخويلدية الرياضي في نهاية الأسبوع الماضي. وعرف بوحليقة الدواء بأنه مادة تستخدم لغرض التشخيص والوقاية، والعلاج بغرض القضاء على المرض، أو التخفيف من حدته والتحكم فيه، أو التعويض عن نقص. وقال إن"التأثيرات الجانبية للدواء منها ما هو مرغوب فيها كالشفاء، أو غير مرغوب فيه، خصوصاً إذا خلف أعراضاً جانبية تؤثر في وظائف الجسم". ويشير إلى أن بعض الأجساد لديها حساسية تجاه بعض الأدوية أكثر من غيرها. وأضاف أن"جرعة الدواء تكون سامة إذا تجاوز المستخدم الحد الأقصى المسموح به، وتكون غير فعالة إذا كانت أقل من المسموح به، لذلك يجب أن تكون في حالة وسط للحصول على نتيجة ايجابية وفعالة". ويعرف السم بأنه أي مادة تدخل الجسم بكمية كافية، تحدث فيه اضطراباً موقتاً أو دائماً أو تؤدي إلى الوفاة، وتتناسب شدة التسمم مع نوع ومقدار السم الداخل إلى الجسم. موضحاً أن"الأشخاص يستجيبون بنسب متفاوتة، إذ بعضهم وإن تناول جرعات عالية من بعض الأدوية، فإنها لا تحدث إلا أضراراً بسيطة، ولكن تناول جرعة بسيطة من بعض الأدوية تحدث أضراراً فادحة تصل حد الموت". وأوضح أن أسباب التسمم بالأدوية تكون غير متعمدة، بسبب الاستخدام الخاطئ، أو متعمدة بسبب مشكلات أسرية أو اجتماعية أو نفسية. مشيراً إلى أهم أنواع المجموعات الدوائية التي تسبب التسمم، ومنها أدوية الجهاز العصبي المركزي، والمسكنات ومضادات الحمى، وأدوية الجهاز الدوري، والأدوية المضادة ل"الهستامين"، والمخفضة للسكر والأدوية المانعة للحمل، والأدوية المرخية للعضلات. ويتم تحديد سمية أي مادة بمعرفة نوعها والمقدار المتعاطي منها، والوقت المستغرق منذ تعاطيها، وعمر الشخص ووزنه، والأعراض المصاحبة"شديدة كانت أو بسيطة، وكذلك إذا كان الشخص يستخدم أدوية لمرض ما. وتصنف السموم حسب تأثيرها على الإنسان، إما تأثير موضعي، أو تأثير على الوظائف الفسيولوجية للخلايا، أو سموم تؤثر بالطريقتين معاً. ومن أنواع السموم: السموم الأكالة، والمعدنية، والنباتية، والغازية، والطيارة، والتسمم بمبديات الحشرات، والتسمم الدوائي، والسموم الحيوانية. وأوضح أن من أنواع التسمم المزمن والحاد، والأخير يكون من طريق الفم بجرعات عالية. وتبدأ دورة التسمم منذ دخولها الجسم سواء عبر التنفس أو الجلد أو الحقن، ويتم علاجه عبر التقؤ أو البول، أو عمل غسيل للمعدة، وفي بعض الأحيان يتم إيقاف امتصاص السم بإعطاء الترياق. وذكر من أنواع الأدوية التي تسبب التسمم"أدوية الصداع"، كمثال متداول في شكل كبير بين الناس، وقال إن"استخدامه الخاطئ يسبب تسمماً خطراً، وتظهر الآثار الجانبية له في حالة تناول البالغ من ستة إلى سبعة جم 13-14 قرصاً، و150 مجم/ كجم للأطفال. ويؤدي إلى فشل كبدي كامل، وليس له علاج إلا زراعة كبد". وأضاف"لتفادي الخطر يجب إحداث تقيؤ، وعمل فحص في المستشفى لمعرفة تركزه في الدم". معتبراً أن أفضل النتائج يتم الحصول عليها إذا تمت المعالجة خلال ال12 ساعة الأولى. وأشار إلى أن المنظفات تشكل أيضاً خطورة، وقال:"الموجود في شكل تجاري يحوي على نسبة خطر 4-6 في المئة، ويعتبر الموجود في المستشفيات الأكثر خطراً، إذ يحتوى على نسبة 15 في المئة من المادة الخطرة". ولا ينصح في هذه الحالة بإحداث تقيؤ أبداً، وإنما إعطاء كميات من السوائل. وأشار المحاضر إلى طرق الوقاية في التعامل مع الدواء، منها حفظه بعيداً عن متناول الأطفال، وعدم تعريض الدواء للحرارة العالية أو المنخفضة جداً، وحفظه بعيداً عن الضوء والرطوبة، وكذلك حفظ الدواء في عبوته الأصلية، وعدم خلط مجموعة من الأدوية في عبوة واحدة. وقال إن فترة صلاحية بعض الأدوية تحسب منذ فتحها للاستعمال.