اكتشف العلماء وحضروا الادوية لحماية الانسان من الامراض او لمعالجته من اصابات مرضية تهدد حياته بالخطر لذا يفترض في الادوية والعقاقير الطبية ان تكون صديقة الانسان ولكن الادوية انتشرت بكثرة في هذا القرن وبعد تقدم تصنيع الدواء اصبح بمتناول العديد من الناس غير المتخصصين الذين يسيئون استعمال الدواء فيتعاطونه دون استشارة الطبيب او يصفونه لغيرهم فهل يمكن ان تصبح الادوية والعقاقير مواد ضارة للانسان وتتحول الى عدو؟.. هذا ماسوف نحاول التأكد منه من خلال حوارنا مع الدكتور عبدالرزاق السعيد استاذ طب الصيدلة. @ ما (علم الادوية)؟ علم الادوية هو العلم الذي يدرس العلاقة بين الاعضاء الحية والجزئيات الكيميائية التي تدخل الى الاعضاء من خارجها هو ايضا علم يدرس كيفية الوقاية من الامراض وتشخيصها وعلاجها والتأثيرات الضارة لهذه المواد على مختلفة انسجة الجسم. @ ما الدواء؟ الدواء هو مجموعة من الجزئيات الكيميائية تتفاعل مع العضيات في الجسم فتؤدي الى تغيير في وظائف الاعضاء او في الحالة الكيميائية التي كانت تعيشها هذه الاعضاء قبل دخول المادة الدوائية اليها وتعطى الادوية عن طريق الفم او عن طريق الاستنشاق او كحقنة عن طريق الوريد.. الخ.. وبالرغم من اختلاف طرق اعطاء الدواء فانها تهدف جميعها الى ايصال جزيئاته الى الجسم؟ فما هذه الطرق بتفصيل اكثر وما اسرعها؟ بالفعل هناك عدة طرق معروفة وهي: الطريق الفموي, طريق الاستنشاق, الطريق الموضعي, الطريق الشدقي, الطريق العضلي, الطريق الوريدي, الحقن الجلدية وطريقة التحاميل اما اسرع الطرق لايصال الدواء الى الدم فهي حقنة عن طريق الوريد حيث تدخل الجزئيات الدوائية مباشرة الى الدم من دون المرور بأية حواجز واليكم تفصيل للطرق السابق ذكرها: الطريق الفموي oralroute هذه الطريقة تعتبر من اكثر الطرق شيوعا لاعطاء الادوية بالفم اي عبر طريق الجهاز الهضمي يلجأ الى هذه الطريقة نظرا لسهولتها على المريض وللمساحة الواسعة للامتصاص التي توفرها مخاطية الجهاز الهضمي والاوساط الكيميائية المتعددة التي يؤمنها ففي المعدة يكون الوسط حمضيا وفي الامعاء قلويا كذلك فان مخاطية الجهاز الهضمي على اتصال وثيق بجهاز الدوران وهذا مايؤمن وصول الدواء الى الدم بتركيز مناسب وسرعة مقبولة. إلا ان لهذه الطريقة محاذيرها فالانزيمات والمواد الهاضمة التي يفرزها الجهاز الهضمي وفطور الامعاء التي تعيش فيها وطبيعة الغشاء المخاطي الشحمية التركيب كل هذا يفرض ان تشتمل الادوية على مواصفات اهمها الا تتفكك بمفرزات هذا الجهاز او بفعل انزيمات الجراثيم المتعايشة فيه وان تكون سريعة الانحلال في المستقبلات الشحمية التي تتشكل منها مخاطيته وكذلك الا تكون مخرشة لهذه المخاطية في حال عدم توفر هذه المواصفات تعطى الادوية عن طريق الحقن. الطريق الموضعي Topical route يلجأ الى الطريق الموضعي في حالة اعطاء الادوية الهادفة للعلاج الموضعي كما في امراض الجلد والعين والاذن والانف والبلعوم الخ.. من هذه الادوية مضادات الالتهابات والمضادات الموضعية ومضادات الفطور تتميز هذه الادوية بقدرتها الكبيرة على الانحلال في الشحوم وبالتالي بسرعة عبورها من خلال الجلد او الاغشية المخاطية تكون هذه الادوية على شكل مراهم او سوائل او دهون. طريق الاستنشاق Inhalation ان مخاطية الرئتين تشكل مساحة واسعة وغنية بالاوعية الدموية التي يمكن من خلالها عبور الجزئيات الدوائية الدم بالطبع ان الادوية المستخدمة بحسب طريق الاستنشاق يجب ان تكون سريعة التبخر غير مخرشة لمخاطية القصبات او لانسجة الرئتين سريعة الانحلال في الماء لكي تعبر بسرعة الى الدم من خلال الشعيرات الدموية التي تحيط بكثافة بالاسناخ الرئوية هذه الطريقة تستعمل ايضا في معالجة الامراض الموضعية في القصبات والرئتين كالابخرة الموسعة للقصبات التي تعطى في حالات الربو او الابخرة الكبريتية التي تعطى لمعالجة التهابات القصبات. الطريق العضلي Intramusculer route من الطرق الاكثر استعمالا بعد الطريق الفموي فالعضلات توفر مكانا يستوعب جرعات غير قليلة من الادوية مهما اختلف حجم جزئياتها ونوعية العضلات الدموية جيدة من الادوية التي تعطى عن طريق الحقن العضلية مايتم امتصاصه فورا فيدخل الدورة الدموية او مايحتاج الى وقت اطول وتختلف نسبة الامتصاص باختلاف طبيعة الدواء حجم الجزئيات ودرجة انحلالها في الشحميات. الطريق الشدقي bucca تعتمد هذه الطريقة عندما لايراد ان تمر الادوية مباشرة الى الكبد ان الكبد قادر على استقلاب وتخريب بعض الادوية بنسبة 90% ففي حال اعطاء هذه الادوية عن طريق الفم لتنتقل من الامعاء الىالوريد البابي فالكبد وتفقد تسعين بالمئة من كميتها وبالتالي تنعدم فعاليتها اما الشدق (جوف الفم) مخاطيته مليئة بالاوعية الدموية واوردتها تصب في الوريد الاجوف العلوي الذي ينقلها الى القلب من دون المرور بالكبد الا بعد ان يتم انتشارها في الدم الجهازي وكمثال على هذه الادوية مشتقات النتروغليسرين الموسعة للاوعية الدموية والتي تستخدم لمعالجة الذبحة الصدرية ان اعطاءها عن طريق الشدق حيث يضع المريض حبة الدواء تحت لسانه مما يؤدي الى سرعة امتصاصها نظرا لقدرتها الكبيرة على الذوبان وسرعة وصولها الى هدفها العلاجي (اوعية القلب) في خلال دقيقتين الى 3 دقائق قبل ان تمر في الكبد الذي يفككها ويستقلبها. التحاميل يلجأ الى هذه الطريقة لاعطاء الادوية التي لايمكن اعطاؤها بالطرق الاخرى لاسباب تتعلق بطبيعة الدواء او بحالة المريض مثلا قد يعاني بعض المرضى قرحة هضمية او التهابا في المعدة يمنعهم من تناول الادوية المخفضة للحرارة او الحامضة التفاعل عن طريق الفم عندها يلجأ الى التحاميل كما تستخدم هذه الطريقة لاعطاء الادوية التي يراد ادخالها ببطء الى الدم ووفق توقيت منظم. الطريق الوريدي كما ذكرت سابقا هو الطريق الاسرع لمعظم الادوية الاسعافية او المسكنة او المبنجة او ادوية القلب او المصول المختلفة او نقل الدم.. الخ.. والاوعية الدموية اقل الاعضاء تخرشا لهذا يلجأ الى هذا الطريق لاعطاء الادوية المخرشة للطرق الاخرى كالعضل او الامعاء او المعدة يلجأ احيانا الى الطريق الشرياني في حال الضرورة القصوى لايصال الدواء الى الهدف فورا في هذه الحالة يتم حقن الدواء في اقرب الشرايين الموصلة الى العضو الهدف. الحقن الجلدية هي حقن تعطى بطريقتين: حقن في الادمة لاعطاء الادوية التي يراد لها ان تدخل الدم ببطء شديد وعلى مراحل والادمة خير طريق لذلك فهي كثيفة ومتقرنة تسمح بامتصاص الادوية ببطء شديد ومن هذه الادوية على سبيل المثال هرمون الانسولين الذي يعطي لعلاج السكري. @ ما العوامل التي تحدد سرعة امتصاص الدواء وسرعة توزعه؟ ثمة عوامل عدة تلعب هذا الدور وهي: شراهة وقوة الجزئيات الدوائية على الارتباط بالبروتينات, غزارة الدم الجائل في منطقة دخول الدواء, سلامة الدورة الدموية وسلامة مكونات الدم, قدرة الجزئيات الدوائية على اختراق الاغشية وسرعة انحلال جزئيات الدواء في السوائل الخلوية. @ كيف يتخلص الجسم من البقايا الاستقلابية للدواء؟ تعرف عملية طرح الجزئيات الدوائية من الجسم بأنها آلية اخراج هذه الجزئيات او مستقلباتها خارج العضوية وهي تختلف عن استقلاب هذه الجزئيات الذي يتم خلاله تحويل الجزئيات الدوائية الفاعلة الى جزئيات كيميائية غير فاعلة قابلة للطرح واهم الاعضاء التي تقوم باستقلاب واطراح الدواء هي الكبد والكليتان والجهاز الهضمي والرئتان يساهم في ذلك مستوى اقل الجلد عن طريق عملية التعرق وعن طريق حليب الارضاع عند السيدة المرضع. @ نرى كثيرا من الاشخاص عند استعمالهم عدة انواع من الادوية المختلفة يتناولونها مرة واحدة دون الفصل بينها بمدة زمنية؟ قد يوجد التضاد بين الادوية تفاعلا كيميائيا مباشرا بين الجزئيات الدوائية نفسها مما يؤدي الى ظهور مواد جديدة فاعلة او غير فاعلة ويختلف ذلك تبعا لاختلاف الادوية فالتضاد بين الادوية على انواع: سام: تنتج عنه اعراض ومضاعفات جانبية على العضو المعالج او اعضاء الجسم الاخرى. قاتل: في بعض الاحيان يكون للاسف التضاد قاتلا. منقذ للحياة: وذلك حين يلجأ الاطباء الى اعطاء اضداد السموم في حالات التسممات الدوائية لابطال فعل الدواء السام. @ ما اهمية تقيد المريض بالجرعة الدوائية التي يحددها الطبيب؟ ان تحديد الجرعة الدوائية وتقيد المريض بها لها اهمية كبيرة في فعالية المعالجة ان الطبيب بوصفه دواء ما يدرك فعالية هذا الدواء العلاجية والسمية فالدواء لكي يقوم بدوره العلاجي المطلوب يجب ان يتواجد في الدم والنسج بتركيز معين يختلف من دواء الى آخر ان التركيز في بعض الادوية يؤدي الى نتائج سمية على اعضاء اخرى في الجسم او اثر اكبر من المطلوب للعلاج نتيجة وجود اصابات مرضية اخرى في الشخص المعالج لم يتم الكشف عنها فتؤدي الى زيادة فعالية الدواء, ان جرعة الدواء تختلف باختلاف السن والجنس والحالة الصحية لباقي اعضاء الجسم كما قد ترتبط بالادوية الاخرى التي يتناولها المريض وايضا بالغذاء والحالة الصحية لاعضاء الاطراح والاستقلاب الرئيسية وهي الكبد والكليتان والجهاز الهضمي, ان رد فعل المرضى تجاه دواء ماء بالجرعة نفسها يختلف من فرد الى آخر وقد يختلف احيانا لدى الشخص نفسه اذا ماتناول هذا الدواء في مرحلتين زمنيتين متباعدتين تقلبت خلالهما حالته الصحية, ان استجابة المريض الاولى لدواء ما تحددها صفاته الوراثية التي تحدد عدد ونوع المقرات المستقبلة وانواع الانزيمات المستقبلة في جسمه وقدرتها على استقلاب المواد الدوائية كذلك يلعب الجهاز المناعي دورا رئيسيا في تحديد تقبل المريض لدواء ما او رفضه له واعتباره مادة مؤرجة يستجيب ضدها بتفاعل حساسي كما يحدث لدى بعض المرضى عند تناول المضادات الحيوية والمشاهدات الطبية لمرضى السكري الذين يصابون بنوبة هبوط السكر في الدم بعد علاجهم بجرعات مناسبة من الانسولين دلالة واضحة على اختلاف رد فعل العضوية تجاه الادوية وتعرف درجة تقبل العضوية لدواء ما بدرجة التحمل. يتبين مما سبق اهمية التعامل مع الدواء كمادة كيميائية سمية اولا ولها مفعول علاجي يعرفه ويصفه الطبيب فقط وبالتالي اهمية الابتعاد عن وصف دواء ما الى الاقرباء والاهل فالطبيب فقط هو المؤهل لمعرفة جدوى اي دواء لاي حالة مرضية وفي آخر حديثنا ارجو ان تختم لنا هذا الموضوع ببعض النصائح لنا وللقراء الاعزاء. بالفعل ان الدور الملقى على عاتق الطبيب في وصف الدواء الفعال الذي يؤمن العلاج المناسب بأقل مايمكن من التأثيرات الجانبية السمية مهم وخطير لذا وفي هذه المناسبة اؤكد على دور المريض في مساعدة طبيبه في اختيار الدواء فعليه ان يوضح له مختلف الامراض المهمة التي تعرض لها سابقا كذلك مختلف الاعراض التي سببها دواء مافي اثناء تناوله له ومن المهم جدا ان يقوم المريض باعلام الطبيب اذا كان يجهل قصة المريض العائلية عن الامراض الوراثية في العائلة كالميل الى النزف الدموي مثلا وعلى المريض ان يتقيد بكمية الجرعات الدوائية واوقاتها وطرق تناولها وتجنب تناول اي دواء آخر دون استشارة الطبيب مسبقا.