كل امرئ كان قبل قدوم شهر الخير يعد نفسه بتقديم أحسن الأعمال وأكملها، ها هو شهر الصوم انقضى، وربما ارتكب بعض الناس أخطاء في رمضان من دون قصد. ولعل التذكير ببعضها يجنبنا الوقوع فيها ثانية: لا داعي لجلب مواد غذائية زائدة عن الحد المطلوب وكأنك مهاجر إلى بلد خال من الأطعمة، ما يؤدي إلى التزاحم في"البقالات"، ويربك المطبخ بعدم وجود أماكن تخزين لها، ولا داعي لطلب أصناف منوعة كل يوم ما يشغل الزوجة عن الدعاء والعبادة، ومنها ما يؤكل ومنها ما يرمى في القاذورات. فشهر رمضان كسائر الأشهر، بل على العكس عدد الوجبات يكون أقل... وإعداد أنواع كثيرة للأفطار يتعب المعدة فيصاب الصائم بالتخمة، وعسر الهضم، وبدلاً من الذهاب إلى المسجد لأداء التراويح يذهب الصائم ليزور الطبيب. ومنهم من يستلذ بطبق الفول كل يوم وكأنه لم يتناوله دهراً، فيذهب قرب الغروب عند بائعي الفول فيكون التزاحم وكأنه مهرجان، فينقص أجر صيامه بالشتم واللعن، وأحياناً الضرب... أو يستلذ بأكل البصل والثوم بعد صيامه، ويذهب للتراويح فيؤذي الملائكة قبل الناس... أو يشعل سيجارته عقب الصلاة وهو واقف عند باب المسجد، ينتظر زوجته فيخلط رائحة بخور المسجد وعطره الفواح برائحة التبغ فتذهب روحانية العبادة أدارج الرياح، ويؤذي المصلين فيعم الضرر له ولغيره... أما بعض النساء فتأتي إلى المسجد لتزيد أجرها فتنقصه، فإما أن تأتي بكامل زينتها وروائح العطر وادوات التجميل تتبعها لأنها مرتبطة بزيارة بعد الصلاة أو تأتي ورائحة المطبخ معها فتعكر رائحة المسجد، فنقول لهن لا إفراط ولا تفريط وخير الأمور أوسطها، إذ الطهارة والنظافة مطلوبة في بيوت الله، ولكن من دون لفت الانتباه... وتتداخل أصوات الموسيقى والغناء الصادرة من جوالات النساء فتختلط الأغاني مع القرآن فتتحمّل الآثام ويضيع الأجر، أو تحضر جميع الأبناء الصغار فينتشرو في المسجد ويركضون وكأنها ملاه، حيث المرور أمام المصليات فيكون خبط الرؤوس بالأقدام من الكبار وصراخ وبكاء من الصغار... وبعد كل صلاة تتسامر بعضهن مع الصديقات وعذرها أنها لم تراهن منذ عام، ولو بقيت في بيتها بعد كل هذا لكان أفضل... وأخيراً، كل عام والجميع بخير. مريم عبدالكريم - جدة