أكد رئيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين، أهمية المرتكزات الشرعية التي يحب أن تبنى عليها الرؤية الوطنية في العلاقة مع"الآخر"، مشدداً على ضرورة أن تكون للمملكة العربية السعودية رؤية وطنية واضحة تنطلق من المسلمات الشرعية. وأوضح الشيخ الحصين في افتتاح اللقاء التحضيري الأخير الذي شهدته مدينة الرياض أمس، ضمن التمهيد للقاء الوطني الخامس للحوار الفكري"أهمية أن تكون لكل أمة ولكل وطن رؤية واضحة للعلاقة مع الآخر، تراعي مصالحه الوطنية وتحقق أهدافه"، وسيقام اللقاء الخامس للحوار الوطني في أبها تحت عنوان"نحن والآخر: رؤية وطنية مشتركة للتعامل مع الثقافات العالمية". وسعى المشاركون في لقاء الرياض التحضيري إلى الوصول إلى رؤية مشتركة من خلال تحقيق ثلاثة أهداف، تتمثل في توضيح الأسس والقواسم المشتركة التي تقوم عليها العلاقات بين الثقافات المتنوعة، والوصول إلى رؤية وطنية مشتركة تحقق الفهم الرشيد للحضارات والثقافات العالمية، إضافة إلى إشاعة الوعي بالحضارات والثقافات العالمية، ودورها في بناء التنمية الإنسانية، وأخيراً تحديد الوعي بالأطر الدينية والثقافية للتعامل مع الثقافات المتنوعة. وتناول اللقاء ثلاثة محاور رئيسة، حددتها اللجنة العلمية في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، بالمحور الشرعي الذي عني بتوضيح الأسس الشرعية لفهم"الآخر"والتعامل معه، مع بيان الضوابط الشرعية وموقف الإسلام من الثقافات الأخرى، والمحور الحضاري الثقافي الذي يدور حول بيان اثر الحوار الحضاري والثقافي بين الثقافات المتنوعة، مع توضيح الأساليب والمنطلقات التي يبنى عليها، والمحور السياسي الاقتصادي، الذي يتمحور حول الإطار السياسي والمصالح المشتركة والتعاون على الخير في"علاقتنا بالثقافات الأخرى"، وتوضيح أسس التعامل مع الكيانات والدول المعاصرة. ولم يكن الحديث خلال اللقاء الذي شارك فيه أكثر من 60 مشاركاً ومشاركة، يمثلون تخصصات متنوعة، مرتكزاً في كثير من أوقاته على المحاور الثلاثة المحددة، بل كان في أحيان كثيرة عامّاً ومتجاوزاً الفترات الزمنية المحددة للحديث عن كل محور، فيما أخذت مسألة تحديد المعني ب"الآخر"حيزاً كبيراً من نقاشات المشاركين، من دون الانتهاء إلى تعريف واضح للمعنيّ به. وتوصل اللقاء الذي امتد أكثر من ست ساعات إلى مجموعة نتائج أوردها الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور فيصل بن معمر في بيان ختامي، من أبرزها: الإشارة إلى أن الدور الريادي للمملكة في العالم الإسلامي والمحافظة عليه يوجبان تبني منهج وسط معتدل يقدر التعددية والتنوع الثقافي والفكري في المجتمعات الإسلامية، وجعله أصلاً لموقفنا في الحياة وتعاملنا مع"الآخر"، مع وضع الإجراءات العلمية لذلك، ونشرها عبر الدعوة والإعلام والتعليم. كذلك أهمية الوعي بالجانب السياسي للعولمة وما نتج منها من انتشار قيم سياسية مشتركة بين مختلف الثقافات والديانات، ما يتطلب تأكيد قيم التفاعل الإيجابي والانفتاح على الغير. وشدد المشاركون على ضرورة تأسيس العلاقة بالآخرين على الاحترام المتبادل والثقة وتجنب الأحكام المتسرعة المبنية على صور وانطباعات غير موضوعية، إضافة إلى أن سياسة المصالح المشتركة هي من أهم ركائز العلاقة ب"الآخر"، وضرورة التوعية بهذا المبدأ من خلال مناهج التعليم ووسائل الإعلام، مع الاهتمام بالوسائل التي تدعم العلاقة مع"الآخر"وتطورها في المجالات الثقافية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية، ومن ذلك المشاركة في الندوات العلمية والمؤتمرات والمناسبات الثقافية المتنوعة. وأكد المشاركون ضرورة الاهتمام بالعمل الديبلوماسي وبرامج الإغاثة وتمثيل المملكة في الخارج، والانتقاء الجيد لمن يمثل المملكة، مع تزويده بالمعلومات عن ثقافة"الآخر"وتدريبه على أسس الحوار معه. وطالب البيان بتأسيس مراكز دراسات مدنية، تتفاعل مع مثيلاتها في الغرب لكونها اللغة التي يفهمها،"لتكون لدينا مراكز دراسات سعودية للثقافات الأميركية والأوروبية، وغيرها لتكون وسيلة لمعرفة الآخر وإحسان التعامل معه بعلم وموضوعية". وشدد البيان على أهمية إعادة تأهيل الأجيال المقبلة على أسس صحيحة، تقوم على المفاهيم الإسلامية التي تضمن مخرجات تُحسن التعامل مع"الآخر"، والتأكيد على دور المجتمع المدني في التعامل مع"الآخر"، مع منحها مساحة أكبر في علاقتها الخارجية بضوابط، تراعي مصالح الوطن وتضمن تضافر الجهود في سبيل ذلك. وأشار البيان إلى أهمية عدم تجاهل مسؤولية"الآخر"عما يحدث من خلاف وصدام نتيجة سياسات القوة والهيمنة وتجاهل مصالح العالم الإسلامي، مع وضع الآليات المناسبة لإشعار"الآخر"بذلك.