عادت هدى سعد الطويل 8 أعوام من مدرستها التي تبعد عن منزلها نحو 400متر في حي الجنادرية شرق الرياض، وهي في حال من الرعب والإعياء، ارتسما على محياها البريء. لم يبذل والدها كبير عناء ليلاحظ الحال السيئة البادية على وجه ابنته، فهو كان يهم بالخروج بسيارته ليقلها إلى المنزل، بحسب الوقت المخصص لانتهاء اليوم المدرسي. وما إن بسط والد هدى ذراعيه لها حتى ارتمت وسط أحضانه وهي تجهش بالبكاء وتتمتم بكلمات لم يستطع فهم شيء منها لتلعثمها بالكلام من شدة الخوف. بادر الأب والحيرة تتملكه إلى إدخال ابنته طالباً من والدتها غسل وجهها وتهدئتها وتقديم وجبه الغداء لها، وهنا بدأت هدى تسرد قصة الطريق الذي سلكته للوصول إلى البيت. خروج هدى المبكر على غير العادة، كان نتيجة قرار مديرة المدرسة المفاجئ بإخراج الطالبات قبل الوقت المخصص من دون إعلام عائلاتهن. ولأن هدى انتظرت أكثر من نصف ساعة مع الحارس أبو مرزوق الذي أمرها بألا تذهب بعيداً عن عينيه حتى مقدم والدها وسئمت المكوث تحت أشعه الشمس نظراً إلى عدم وجود غرفة للحارس في مبنى المدرسة المستأجر، استغلت فرصه ذهابه إلى سيارته لإحضار بعض الماء لها وركضت مسرعة باتجاه الطريق المؤدي إلى منزلها. وتضيف هدى أنه أثناء رحلة العودة إلى منزلها التي لا تخرج منه إلا بسيارة والدها، تعرضت للكثير من المواقف المخيفة، مشيرة إلى أنه عند اقترابها من الرواق الذي يوجد فيه منزلها مرت سيارة مليئة بشبان وجهوا إليها كلمات نابية، بل إن أحدهم أمرني بالصعود إلى السيارة. لم تتوقع الطفلة المغلوبة على أمرها أن صرخاتها التي أطلقتها بدافع الخوف ستجبر هؤلاء الشبان على تغيير مسار سيارتهم والخروج من الحي بأكمله. وتذكر هدى أن مديرة المدرسة غادرتها، على رغم وجود عدد كبير من الطالبات الصغيرات اللاتي تسمرن أمام بوابه المدرسة وفضلن البقاء والانتظار مع أبي مرزوق حتى مقدم آبائهن أو إخوانهن، لافتة إلى أن المديرة غادرت مع أن حارس المدرسة طلب منها البقاء حتى مقدم الأهالي. لكن المديرة رفضت ذلك وركبت سيارتها وطلبت من الطالبات الذهاب إلى بيوتهن مشياً على الأقدام على رغم صغر أعمارهن. والد هدى سعد الطويل الذي ثارت ثائرته، ذهب في اليوم التالي للتحدث مع مديرة المدرسة حول ما حدث مع ابنته وتركها تغادر المدرسة وحدها قبل الوقت المحدد، إلا أنه فوجئ بأن المديرة غادرت المدرسة أثناء انتظاره عند أبي مرزوق الذي لم يستطع إخباره بأنها قد غادرت خوفاً على"لقمه عيشه". يقول أبو هدى:"لم أتخيل أن يصدر هذا التصرف من المديرة التي لم تجد سبيلاً لتجنب تبرير ما حدث مع ابنتي إلا بالهروب من المدرسة والتخلي عن مسؤولياتها". ويؤكد سعد الطويل أن مدارس البنات في حيي الجنادرية والنظيم شرق الرياض أصبحت تمثل عبئاً مالياً ثقيلاً على الأسر في الحيين، لا سيما ومعظم السكان من ذوي الدخول المحدود، مستطرداً:"هناك مراهقون يزيدون من العبء الأمني ويثيرون مخاوف أهالي الطالبات الذين لا يملكون وسائل نقل خاصة لنقل بناتهم". عوض الفياض - الرياض