بين صيحات الأمهات وتوسلات المحتجزات كانت ل “المدينة” وقفة على أوضاع الأسر التي تعرضت بناتهم للاحتجاز بسبب أمطار الاربعاء، التي هطلت على جدة. وقد كان الأكثر رعبا الطالبات والمعلمات، لأنهن الفئة التي تغادر البيوت صباحًا وتعود بعد منتصف النهار ولكن يوم الأربعاء كان مختلفا في جدة، فطالبات التعليم العام محتجزات في المدارس وطالبات الجامعة متناثرات في الشوارع والبعض لم يصلن إلى منازلهن إلى ساعة إعداد هذا الموضوع. تقول هدى عبدالله فاضل انها عاشت يوما مختلفا بسبب احتجاز اثنتين من بناتها كانتا في الطريق لأداء الاختبارات في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. وتضيف هذه الأم التي لم تر بناتها حتى الآن بسبب فهي من سكان مكة وعندما حاولت الذهاب لانقاذ بناتها والعودة بهن الى مكة بعد أن أوصدت أبواب الجامعة في وجوههن، فإحداهن كانت قد ادت اختبارها وخرجت على بداية حدوث الكارثة والاخرى وصلت للجامعة في وقت المطر فبقين محتجزات في الشوارع كل واحدة منهن في اتجاه بعيدة عن الاخرى، ولان لديهن خبرة في السباحة استطعن الغوص لمسافة طويلة للبحث عن منقذ ولكن للاسف لا حياة لمن تنادي فقد وصل بهن الحال إلى هذه الدرجة. بينما تقول المعلمة أحلام حموة إحدى معلمات مدرسة ثانوية بقويز: قبل هطول المطر بنصف ساعة كان هناك موجهة إدارية متواجده معنا داخل المدرسة لمراقبة سير الاختبارات. وعند شعورها بالخطر خرجت فجأة وقالت الدنيا مطر دون ان تبلغنا بالخروج وقامت المديرة بإخراج الطالبات فطالبنا بالخروج لان الوضع كان مخيفا فاكتفوا بعبارة (الوضع عادي كملوا تصحيح الاختبارات) ألهذه الدرجة أرواحنا رخيصة لديهم وكانت هناك مسافة بيني وبين عائلتي التي تقطن شمال جدة والوصول لقويزة قد يصبح شبه مستحيل فكلما تأخرنا داخل المدرسة تأزم الامر وازداد سوءًا بقينا الى الساعة الرابعة عصرا، ولم نعد نحتمل هذا الخوف والرعب الذي يداهمنا من كل النواحي فانهار البعض من زميلاتنا خاصة ان التيار الكهربائي مقطوع والماء كان داخل ساحة المدرسة بشكل مخيف ومنسوبه عاليا جدا. وبعد الساعة الرابعة عصرا طلعت الشمس فشعرنا بالاطمئنان قليلا فخرجنا الى كوبري الملك عبدالله ورأينا بأعيننا الطائرات وهي تقوم بانتشال المحتجزين من الخط السريع وركبنا سيارة أجرة الى السليمانية فدخلت السيول الى داخل السيارة وكدنا نغرق فكنا مخيرات بين حلين اما الاستمرار في الطريق والمجازفة بحياتنا داخل السيول او العودة الى المدرسة فعدنا الى المدرسة وكانت المديرة لازالت هناك والحارس ايضا. وحضرت سيارة المديرة والى هذا الوقت لم يأتنا الاذن بالخروج. وكانت والدة احلام لازالت تبكي من الخوف الذي اصابها على مصير ابنتها غير المتزوجة فلم تتوقع ان يقف المطر حائلا بينها وبين ابنتها.. تقول: شعرنا بالهلع على مصير ابنتنا خاصة اننا لا نستطيع الوصول اليها وايضا زوجة ابني كانت محتجزة في الخط السريع بعد خروجها من الجامعة وابنتي الاخرى محتجزة في قويزة ولو ماتت بناتنا ما الفائدة التي سيجنيها المهملون فزوجة ابني جلست في السيارة من الساعة 11 صباحا الى أذان المغرب الى أن تبولت على نفسها من الخوف والرعب فهي مع سائق محتجزة وعند حضور ابن خالتها لانقاذها خرجت من السيارة وبقيت الى الساعة الثانية والنصف فجرا بدون اكل ولا شرب وشعور بالهلع ووضع لا يعقل وبعدها انهارت فكانت تبكي بهستيرية. وتقول ع. القحطاني إحدى الطالبات المحتجزات: خرجت من الجامعة وهناك الكثيرات لم يستطعن الخروج ومازلن محتجزات الى الآن جلسنا الى الساعة الخامسة وحتى سيارات الإسعاف كانت تتعطل بسبب السيول وتقف أمامنا ولا تستطيع الوصول للأهالي فأنا إحدى طالبات كلية ابن سينا وأسرتي في جدة، ولكن لصعوبة الوصول منعونا من مواصلة الطريق وخيرونا بين الذهاب الى طريق الحرمين او مكة فاخترنا مكة وأتينا الى بيت عمي وإلى الآن لا نستطيع العودة لأسرنا. أما يارا من الغرفة التجارية بجدة فقالت إن زملائي وزميلاتي تعرضوا للاحتجاز وحدث التماس كهربائي في المبنى وتعرض 90% من موظفين للاحتجاز فالكابلات احترقت والمكيفات تعرضت للتلف ولا توجد تهوية والسيول دخلت الى داخل المبنى فخرجوا الى خارج المبنى واحتجزوا بالقرب من المبنى لساعات طويلة ما تسبب لهم في رعب وحالات خوف.