أنا أعمل في معمل سمك وأتعب كثيراً، هل يجوز لي أن أفطر في بعض الأيام إذا جاء شهر رمضان المبارك - إن شاء الله -، علماً أنني لا أستطيع أخذ إجازة أثناء شهر رمضان، فماذا أفعل؟ - إذا كنت مسافراً فيجوز لك الفطر، وإذا كنت مريضاً يشق عليك الصيام فيجوز لك الفطر، وعليك في الحالين قضاء الأيام التي أفطرتها من رمضان، لقوله - تعالى-:"فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ"الآية البقرة: 185. أما ما سوى ذلك فلا يجوز لك الفطر، حتى ولو كنت تعمل وتتعب في العمل، إلا أن تكون عاجزاً، فحينئذ"لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا"الآية البقرة: 286 وبإمكانك أن تأخذ إجازة في شهر الصيام، أو تبحث عن عمل آخر أقل مشقة، وعلى كل حال عليك الصوم، ما لم تكن مريضاً ولا مسافراً والله أعلم،،، من كان يفطر رمضان، أو يصوم بعضه ويفطر بعضه الآخر، وإن صام لا يصلي الفروض إلا البعض منها، ثم منّ الله عليه بالهداية، فهل يقضي تلك الأيام التي أفطرها؟ من كان في سالف عمره يصلي ويترك، ويصوم ويفطر، فإن الراجح في شأنه من أقوال أهل العلم أن عليه التوبة الصادقة النصوح، واستئناف العمل، والمحافظة على صلاته وصيامه، وليس عليه قضاء ما مضى"لقوله ? تعالى -:"فإن تابوا وأقاموا الصلاة فإخوانكم في الدين"الآية التوبة: 11. وقوله ? تعالى -:"فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله"الآية البقرة: 275. وأحاديث التوبة في الصحاح وغيرها كثيرة، وليس في شيء منها الأمر باستدراك ما مضى، إلا أن يكون شيئاً من حقوق العباد، فيجب رده إليهم، سواء كان مالاً أو غيره، ويستحلهم عن الوقوع في أعراضهم، أو عما لا يستطيع أداءه. ولو طُلب من التائب أن يقضي ما فاته، لترتب على ذلك مفاسد عظيمة: منها التردد في التوبة، أو الإعراض عنها"لأنه في بداية أمره، فإذا حّملناه ذلك الحمل الثقيل ناء به، وقعد عن المسير، فكان هذا من رحمة الله وتخفيفه على عباده. ومن المفاسد المترتبة على المطالبة بالقضاء: الوقوع في الوساوس والأوهام، وقد وجدت أن كثيراً من الناس يفتيه من يفتيه بالقضاء، فيشك: كم صلاة ترك؟وكم يوماً أفطر؟ وهل كان حجه صحيحاً؟ وهل؟ وهل؟ فيدخل في باب الوسوسة، ويضطرب عليه أمره، وربما أفضى به إلى الوسوسة في العقائد، حتى إن منهم من يتمنى أنه على ما كان عليه قبل ذلك، ويرى أنه كان أسلم له، حتى من الناحية الدينية. ومن المفاسد: فقدان لذة العبادة، وانشغال المرء بأعمال شغلت ذمته في ما يحسب، ويريد الخلاص منها. ولو أنه اكتفى بالاستدراك في ما يستقبل من أمره، وأكثر من الطاعات والنوافل والأذكار والأعمال الصالحة لكان خيراً، وأحسن تأويلاً.