هددت إيران باستخدام "سلاح النفط" في حال فرض عقوبات عليها من مجلس الأمن. وهنا يكون مفترق الطرق بين السياسة النفطية السعودية والسياسة النفطية الإيرانية، إذ قررت السعودية التعامل مع النفط على أنه سلعة تجارية غير قابلة للتسييس، توصلت إلى هذه الرؤية بعد درس مطول للتاريخ وفق حسابات المكاسب والخسائر من استخدام النفط في السياسة، باعتباره عنصراً من عناصر القوة الاقتصادية في تركيب الدولة. وعندما نستبعد تهديد إيران باستخدام"سلاح النفط"واعتباره ورقة من أوراق الضغط والتفاوض الإيراني، نجد السؤال يطفو على السطح مرة أخرى كيف تستخدم إيران سلاح النفط؟ نجد الإجابة حاضرة على صعيدين: الأول هو ما أعلن عنه من الإيرانيين، وهو وقف تصدير إيران للنفط، ولك أن تتخيل حجم التأثير، وإذا توقف المصدر الثاني للبترول في منظمة"أوبك"فمن المتوقع أن تحدث كارثة وأزمة في السوق الدولية، تبرز آثارها أكثر على الدول الصناعية الاستهلاكية للنفط، أما الصعيد الثاني لاستخدام"سلاح النفط"فنحن نعلم أن إيران تحتل الجزر العربية الثلاث أبو موسى، طنب الكبرى، طنب الصغرى وموقع الجزر الثلاث تقريباً في وسط مدخل الخليج العربي الصالح للملاحة. والسيادة على هذه الجزر تؤمن السيطرة على المواصلات البحرية التي تعبر"مضيق هرمز"الذي تمر به صادرات وواردات دول الخليج، إذ تمر به ناقلة نفط واحدة كل 15 دقيقة متجهة إلى دول الشرق الأقصى، ودول غرب آسيا والبحر المتوسط والولايات المتحدة الأميركية. وهذا الموقع الجيو استراتيجي للجزر القريبة الثلاث، يفسر هدف الاستيلاء عليها والتمسك بها من إيران. ما يجعلها قادرة على إعاقة الصادرات الخليجية النفطية من العبور إلى"مضيق هرمز"وتكون سبباً في أزمة دولية، قد تتطور إلى مواجهة عسكرية في منطقة يمكن تصنيفها بأنها"منطقة أزمات"نظراً للقيمة الاستراتيجية التي تتمتع بها منطقة الخليج. لذلك نلاحظ أنها عادة ما تكون منطقة تصادم للايديولوجيات واستراتيجيات الدول العظمى. إن إيجاد"ممر آمن"لتصدير النفط السعودي أصبح ضرورة ملحة في ضوء ما تمر به منطقة الخليج من أزمات، وما يتوقع لها في المستقبل من صراعات وتنافس لقوى عظمى، هدفها السيطرة على منابع النفط. والسعودية لها جهود في هذا الجانب من خلال ما عرف بخط"التابلاين"لنقل النفط السعودي عبر الأراضي السعودية مروراً بالأراضي الأردنية والسورية واللبنانية إلى مصب الزهراني الواقع جنوب مدينة"صيدا"في لبنان، ولقد تعرض هذا الخط إلى عدد من الأحداث متأثراً بمواقف الدول السياسية التي يمر بها الأردن وسورية ولبنان، إذ أنشأت السعودية خطاً داخلياً ينقل النفط إلى البحر الأحمر لتأمين نقل النفط السعودي للخارج وقت الأزمات، ولكن تظل قدرة هذا الخط محدودة، ما يتطلب تفكير السعودية بجدية حيال تأمين خط أنابيب النفط يمر في الأراضي السعودية متجهاً جنوباً إلى"البحر العربي"ولعل البيئة مهيأة الآن، وخصوصاً بعد توقيع السعودية اتفاق الحدود مع سلطنة عمان عام 1410ه، ومع الجمهورية اليمنية في عام 1421ه ما سينعكس إيجاباً على"مشروع خط أنابيب النفط"ينقل النفط السعودي إلى البحر العربي. أحمد الحاوي باحث سعودي في"الجيوبولتيك" [email protected]