إن هذه الأرواح التي تزهق نتيجة لرعونة السائقين وعدم التزامهم بقواعد السير، ليست مسؤوليتهم وحدهم، بل نحن مسؤولون عنهم. فلنبدأ بطريق الموت نحو الجنوب، أو المعلمات والحوادث أثناء انتقالهن اليومي صباحاً ومساءً في طرق موحشة ومسافات طويلة، وسائقين يعلم الله مهارتهم في السواقة أو مشكلات سياراتهم فنياً وميكانيكاً! انقلبت أمس أمامي حافلة صغيرة عند تقاطع الأربعين مع التحلية، والسبب: رعونة سائق آخر أراد وبكل حماقة تجاوز الإشارة وهي حمراء، فاصطدم بالحافلة. وعلى الخط السريع في اليوم نفسه اصطدمت سيارة سائق آخر الصغيرة بالحاجز الأسمنتي، لأنه كان مسرعاً وفقد السيطرة على سيارته، اذ كان يتجاوز السيارات بشكل خاطئ، والحوادث كثيرة... ماذا عن ضبط السرعة والتجاوز الخاطئ والتقيد بالمسارات، وتفعيل نظام منع الجوال أثناء القيادة؟ هذا بالنسبة للخطوط السريعة والشوارع الرئيسة، أما الشوارع الداخلية فماذا عن وقوف السيارات التي تتعدى الخط الأصفر؟ فسيارات الإطفاء لا تستطيع تجاوز السيارات، ولا حتى سيارات الماء أو المجاري! وماذا عن الشوارع الضيقة في الأحياء الشعبية؟ لا يختلف أحد على ضرورة الخطوط الصفراء، أمنياً، لكن ماذا بعد رسمها ووجودها في الشوارع؟ هل تبدأ عملية توزيع القسائم على السيارات المخالفة التي تقف على الخطوط الصفراء؟ وعوداً إلى الحوادث، كيف نحل مشكلة السرعة المحددة والسائقين المتهورين أصحاب الطرق الانتحارية الغريبة بتنقلهم من مسار إلى آخر وكأنهم يمتطون دراجات هوائية أو نارية! بل حتى في السباقات الدولية للسيارات، يستحيل الانتقال من مسار إلى آخر إلا بالطريقة الصحيحة وإلا فستقع الحوادث التي نراها في التلفزيون، والشيء نفسه يحدث على الطرق السريعة عندما يتجاوز هؤلاء الحمقى وهم مسرعون السيارات من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين، من دون أي مراعاة لما قد يقع بسبب اقل غفوة أو تعد خاطئ للمسافة بين السيارات. وإليكم هذه القصة: فعلى الخط السريع وبالقرب من"بريمان"فوجئت بسيارة"شبابية"تصطدم بسيارتي من الخلف، ولولا لطف الله لانحرفت يميناً أو يساراً. اعترف السائق الشاب أنه كان"يجاكر"شاباً آخر! إن عدم الالتزام والتوعية، تزيد الحوادث الكثيرة كثرة، وبالتالي نضطر إلى الاستعانة بالهليوكوبتر للوصول إلى المصابين بسرعة مناسبة، وكم مات أناس بسبب تأخر الإسعاف والنقل والوصول إلى المستشفيات بسبب تكدس السيارات عند إشارات المرور؟ نظراً لأنه لا أحد يهتم بالخط الأصفر! هل نحن أمام منظومة وعي مجتمع كلها مختلة؟ هذا غيض من فيض بالنسبة للحوادث وغيرها من أمور السير والمرور. وهل نحتاج إلى إيجاد لجنة عليا دائمة لدراسة أحوال المرور، لدرس الحوادث المرورية الكثيرة وتقصي أسبابها ووضع الحلول اللازمة لها، أسوة بلجنة الحج العليا لتطوير المشاعر؟