على الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة المواصلات في سورية لتطوير شبكة الطرق والاجراءات التي تتخذها مديرية المرور لتأمين سلامة المواطنين فإن نسبة حوادث السير وخصوصاً الدهس منها، لا تزال مرتفعة وتصنف سورية في المراتب الاولى في العالم في هذا المجال. ويتبين ذلك في عدد حوادث الدهس والصدم التي نشرت في ثلاث من الصحف الرسمية خلال فترة اسبوعين اذ وصل عددها الى 22 حادث صدم. وبلغ عدد الاطفال الذين صدمتهم سيارات مسرعة خلال اجتيازهم الطرقات خلال الفترة تلك 13 طفلاً. وحصل معظم هذه الحوادث نتيجة عدم تقيد المشاة بقواعد اجتياز الطرقات وعدم تقيد السائقين بالسرعة المفروضة. اما عدد البالغين فوصل الى 11 شخصاً. يقول احد سائقي السيارات ان المشاة يشكلون 80 في المئة من اسباب الحوادث، اذ انهم يعبرون الطرقات من دون ان يتأكدوا من امانها وخصوصاً الطرقات العامة خارج المدن حيث يصعب تقدير المسافة. ويشير آخر الى ان اكثر الطرقات السريعة التي تربط بين المدن السورية تمر بين القرى المنتشرة على طرفي الطريق، بل ان معظمها يقسم القرية الواحدة الى نصفين، اذ ان سكان هذه القرى يتنقلون وأطفالهم من دون حذر. ويضيف السائق: "المصيبة الحقيقية هي عندما ترفض الحيوانات متابعة الطريق وتقف في عرض الطريق معلنة تمردها". أما أسباب حوادث تصادم السيارات على هذه الطرقات فهي اكثر تنوعاً. تبدأ من السرعة الزائدة مروراً بالنوم اثناء القيادة وانتهاءً بعدم اشعال المصابيح الامامية والخلفية في الليل. ويقول أحد ضحايا هذا النوع من الحوادث: "كنت على الطريق الذي يصل بين مدينتي حلب واللاذقية عندما اعتقدت خاطئاً ان الآلية التي تسير في الاتجاه المعاكس للطريق هي دراجة نارية فأنا لم اشاهد سوى مصباح امامي واحد ولم اعرف الا متاخراً انها شاحنة ومصباحها الايمن معطل ولم يكلف سائقها نفسه جهداً لإصلاحه قبل سفره". وهناك سبب آخر هو وجود حفريات على الطرق من دون وجود اشارات كافية تنبّه السائقين او ان هذه الاشارات توضع مباشرة قبل الحفريات مما يؤدي الى عدم تمكن السائق من تخفيف سرعته في الوقت المناسب. ويقول سائق: "من المستغرب جداً ان اكثر اعمال صيانة الطرق تبدأ في شهر تموز يوليو وهو اشد الاشهر ازدحاماً وهو شهر الاجازات والسياحة مما يزيد من احتمالات حوادث السير". ومن اغرب الحوادث ما يذكره الشاب أحمد: "عندما وقع رجل في عقده الخامس خلال عبوره الطريق في حفرة تصليحات متروكة في منتصف الشارع وخلال محاولته الوقوف فوجئ به سائق السيارة معتقداً انه خرج من تحت الارض مما اضطره خلال محاولته على تفادي صدم الرجل الى الخروج من الطريق والاصطدام بعمود الانارة". وتنخفض حوادث السير في المدن نسبة الى الطرقات الخارجية. وتشير ادارة المرور الى ان حوادث السير في مدينة دمشق بلغت 6349 حادثةً في العام 1997. وناهز المتوفون نتيجة هذه الحوادث 72 شخصاً منهم 46 بالغاً و26 طفلاً. ويصل عدد الجرحى من جراء هذه الحوادث الى 2354 شخصاً. ويقول احد ضباط المرور: "ان 95 في المئة من هذه الحوادث تنتج عن السرعة الزائدة وعبور الضوء الاحمر وعدم عبور الطريق في المكان المخصص". وما لم يشر اليه الضابط هو ان سائقي الميكرو باصات البيضاء التي يطلق عليها ابناء المدينة "الارانب المسعورة" او "الجراذين البيضاء" ينتقلون من اقصى اليمين الى اقصى اليسار خلال ثوان ويتوقفون فجأة من دون اي انذار ولا يتقيدون بالمواقف المخصصة لهم معتبرين ان اي شخص يسير ببطء في الشارع هو... زبون محتمل عليهم اصطياده. انها حوادث السير التي تحفل بها لا المدن السورية فقط وانما معظم مدن العالم الحديث.