على رغم أن معظم بيوت الشباب والفنادق والشقق الفندقية في تركيا تقدم الآن خدمة الإنترنت اللاسلكيّة عبر ال"واي- فاي"، مهما كان تصنيفها سياحيّاً، يحتاج معظم السيّاح للتوجه إلى أحد مقاهي الإنترنت المنتشرة في تركيا. ويقدر عدد هذه المقاهي بقرابة 22 ألفاً، تتوزّع على 81 محافظة. فإذا لم يكن زائر تركيا راغباً في الاشتراك على هاتفه الخليوي بخدمات الإنترنت التي تقدمها شركتا الاتصالات"تورك سيل"turkcell و"فودافون"vodafone، أو بالإنترنت الأرضية عبر شركة"تي تي نت"TTNET التركية، فسيجد نفسه مضطراً للجوء إلى مقاهي الانترنت. وعند دخول الزائر إلى مقهى للإنترنت، يرى أنها كثيراً ما تكون مكتظة بالشباب والأطفال الذين يتسمرون أمام شاشات ألعاب الفيديو المختلفة، في حين ينتظر آخرون دورهم لممارسة تلك الألعاب، ويكتفي آخرون بتصفح مواقع الإنترنت. ووفق وسائل إعلام متنوّعة، تبيّن أن نسبة كبيرة من السياح أو المقيمين الأجانب في تركيا، يستغلون الوقت في مقهى ال"نت"للتكلّم مع أقربائهم وأصدقائهم عبر ال"سكايب"، لذا تسمع بعض رواد تلك المقاهي يرطنون بالانكليزية أو اليابانية أو غيرها، مستخدمين سماعات وكاميرات يوفرها المقهى. ملامح مميّزة في الوقت الذي تتفاخر فيه تركيا بأنها أصبحت في المرتبة الأولى بين الدول الاوروبية من ناحية استخدام تقنيات الألياف الضوئية في شبكات الإنترنت وأنها صنفت ضمن أول ثلاث دول أوروبية في امتلاكها لأسرع شبكات إنترنت، لا تزال بعض مقاهي ال"نت"في تركيا تعاني من مشكلة سرعة الاتصال مع الانترنت. وفي المقابل، باتت معظم المنازل التركيّة مزوّدة بخطوط الاتصال السريع مع الانترنت من نوع"إيه دي أس آل"ADSL. وعندما تكون في مقهى إنترنت تركي، ستضطر لاستخدام لوحات المفاتيح"كيبورد"بالتركيّ. وعند تشغيل الحاسوب، ترى كلمة الدخول التركيّة ba?lamadan. وتفرض هذه الأمور معرفة أن أبجدية اللغة التركية تحتوي على حرفين متشابهين تماماً، على نحو مربك. فهناك حرف i بصورته المألوفة، ولكن هناك نظير له لا تعلوه نقطة، ويوجد في المكان المخصّص لحرف i في ال"كيبورد"الانكليزي الشائع. ولذا، يجب على مستخدم الإنترنت من السيّاح المعتادين على ال"كيبورد"الانكليزي، التأكد من استخدام i الصحيحة عند طباعة عنوان صفحة ال"ويب"أو ال"إيميل"أو كلمة السر"باس وورد". وفي الحال الأخيرة، ربما يصل الأمر لكتابة كلمة المرور مرات عدّة قبل التوصّل إلى طباعتها بالطريقة الصحيحة! وكذلك فإنه لاستخدام علامة @ على المستخدم أن يضغط على مفتاح q بالتركية بالتزامن مع الضغط على مفتاح ALT الأيمن. ولن يستغني من يرتاد مقهى ال"نت"عن طلب المساعدة من صاحب المكان الذي لا يتقن اللغة الانكليزية في أغلب الأحيان! وأحياناً، تأتي النجدة من أحد الزوار الشباب الذي يتطوّع لتعريف السائح الى خفايا الكومبيوتر التركي الذي يتم الدخول إليه وإغلاقه بكلمات تركية وشريط الأدوات فيه مكتوب باللغة التركية أيضاً... أغراض ملتبسة في الحادي عشر من أيار مايو 2009 مُنِع 2601 موقع إلكتروني في تركيا، 81.4 في المئة منها بسبب مضامينها الجنسية و8,6 في المئة بسبب ما قيل أنه"ضد إهانة أتاتورك"، وهو"الأب الروحي"المؤسس لدولة تركيا الحديثة لحقب ما بعد سقوط الخلافة الإسلامية. ويعترض على هذا الوضع مدافعون عن حرية التعبير، عبر الإشارة إلى عدم وضوح نص هذا القانون، إضافة إلى غياب الشفافية في الآليات التي تبيح فرض رقابة على المواقع الإلكترونية. ويشير شاب تركي اسمه محمد أوزفين إلى أن"القانون تضمن في البداية سُبلاً من أجل بقاء الاطفال بعيدين من الأفلام الإباحية. وبعدها، أضيفت إليه أشياء أخرى تتعلق بالإباحية على نحو عام، ومنع الانتحار وتمجيد المخدرات وإهانة اتاتورك والمراهنات الإلكترونيّة وغيرها". وبذا، باتت الرقابة في تركيا تشمل مئات المواقع الإلكترونية تحت مبرّر أنها فاحشة، أو مهينة لشخص أتاتورك. في المقابل، لا يأبه كثير من مستخدمي الإنترنت لهذه العوائق، بل ينجحون على الأغلب بتخطيها بطرق متنوّعة. وعلى رغم الاعتراضات على الحجب السابق، تنوي وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية التركيّة، تطبيق حزمة جديدة من الإجراءات الرامية للحيلولة دون الاستخدام السيء لقرابة 22 ألف مقهى للإنترنت في 81 محافظة تركية، إذ كشفت دراسة أجرتها الوزارة أن 5 ملايين مواطن يترددون يومياً على مقاهي الإنترنت في عموم البلاد، أغلبهم من الشباب والأطفال، مشيرةً إلى أن هذا العدد يرتفع إلى 6 ملايين خلال فصل الصيف وعطلات المدارس. لذا، تعكف الوزارة على إعداد لائحة من 20 مادة للتخلّص من الأضرار المجتمعية التي تتسبّب بها مقاهي الإنترنت، وتجنّب الآثار السيّئة التي تتركها في نفوس الأطفال والشباب، وهم أكثر الفئات العمريّة تردداً على هذه المقاهي بقصد ملء أوقات الفراغ وممارسة الألعاب الإلكترونية على الإنترنت مباشرة. وتتضمن خطة وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية، التنسيق مع"اتحاد الألعاب الإلكترونية الرقميّة"التابع لوزارة الشباب والرياضة من أجل تحديد الفئات العمرية المناسبة لكل لعبة مخصّصة للأطفال والشباب في مقاهي الإنترنت. وبصورة عامة، تعتبر تركيا من أكثر الدول نمواً في مجال الاتصالات المتطوّرة وشبكات الإنترنت، إذ بلغ حجم الاستثمار في مجال الاتصالات خلال العام الجاري، قرابة أربعمئة مليون ليرة تركية، ما يعادل مئتين وثلاثين مليون دولار. وحقّق قطاع الاتصالات خلال الشهور التسعة الاخيرة، نمواً وصل الى أربعة وخمسين في المئة، ما يعتبر من أعلى النسب عالميّاً.