قدمت لجنة العشرة المصرية المسودة الأولى للتعديلات على دستور 2012 للرئيس الموقت، ولما كانت هذه المسودة هي النواة التي تناقشها لجنة الخمسين لإقرارها، فإن أهم المناقشات هو ما سيكون الآن، وليس بعد ذلك، حيث يكون الأوان قد فات أو كاد. - خلت الديباجة الجديدة من أي إشارة إلى ثورة 25 يناير التي تصدرت ديباجة دستور 2012. - تم إحداث تغيير مزدوج ? في منتهى الخطورة من وجهة نظري - في الفقرة الخاصة بالقوات المسلحة، فبعدما كانت في ديباجة دستور 2012 كالآتي:"قواتنا المسلحة مؤسسة وطنية محترفة محايدة لا تتدخل في الشأن السياسي، وهي درع البلاد والواقي"، فإذا بكونها مؤسسة محايدة يحذف! وعدم تدخلها في الشأن السياسي هو الآخر يحذف! ويوضع بدلاً من ذلك"قواتنا المسلحة درع البلاد الواقي تحمي حدود الدولة وتذود عن أمنها القومي"، فأضيفت مهام القوات المسلحة بجملتي:"تحمي حدود الدولة"، وهي متفقة مع جملة درعها الواقي، والتعبير الآخر"وتذود عن أمنها القومي"، وهو تعبير مطاطي مفتوح على كل التفسيرات للأمن القومي، ومن دون وضع تعريف له أو الإحالة إلى وثيقة أو قانون يضع تعريفاً له ولحدوده، وهو بالتالي يفتح الباب على مصراعيه للتدخل الداخلي للقوات المسلحة بدعوى حماية الأمن القومي كما حدث بالفعل في 3 يوليو، وهو مشابه لما طالب محمد البرادعي به من قبل من وضع مادة تجعل الجيش حامياً لمدنية الدولة، فتم تسميتها"الأمن القومي"، بل ويفتح هذا التعبير المجال لتجاوز ما ذكر في الجملة الأولى من حماية الحدود، وتخطيه إلى إطلاق المجال للتدخلات خارج الحدود على رقعة واسعة، تحت الدعوى نفسها"الذود عن الأمن القومي". - وكما طاول التغيير دور القوات المسلحة في ديباجة الدستور طاول كذلك مؤسسة الشرطة على نحو لا يقل خطورة، فبعدما كانت في ديباجة دستور 2012"لا عدل بلا حماية، ولا حماية بغير مؤسسات أمنية تحترم كرامة الإنسان وسيادة القانون"، إذا بكرامة الإنسان وسيادة القانون تتبخر من الفقرة وتصبح كالآتي"فلا عدل بلا حماية، ولا اقتصاد من دون أمن، ولا تنمية ولا استقرار مجتمعي في ظل انفلات أمني"، وهكذا فإن الفقرة التي كانت متوازنة في دستور 2012 بين ضرورات الأمن ووجود مؤسساته، وبين احترام كرامة الإنسان وسيادة القانون إذا بها تفقد توازنها في دستور 2013 وتبدو كما لو كانت مكتوبة لحالة طوارئ وانفلات أمني، حاذفة الإشارة في هذا الموضع إلى احترام كرامة الإنسان وسيادة القانون. يحيى حسن عمر- القاهرة