في السهوب الواسعة في شمال الصين، ووسط عاصفة رملية تعمي الأبصار، تلوح في الأفق خمسة خيول من نوع برزوالسكي، تشبه إلى حد كبير ما تصوره اللوحات المنقوشة على جدران الكهوف الأوروبية من ما قبل التاريخ، إذ إنها ذات عنق قصير، ووبر مصفف، ولون فاتح مع أطراف سوداء. ويقول سان زيشينغ، أحد المسؤولين عن محمية شيو بحيرة الغرب:"هذه الخيول تسمح بالاقتراب منها، أما الخيول الأخرى فتبقى على مسافة 300 متر". في الثمانينات من القرن التاسع عشر، اكتشف الضابط والمستكشف الروسي نيكولاي برزوالسكي هذه الخيول الصغيرة في صحراء غوبي، فأطلق عليها اسمه. وعام 1960، أعلنت هذه الفصيلة من الحيوانات فصيلة مهددة. واليوم، تحاول الصين أن تطلق خيول برزوالسكي في تلك الأراضي التي تمتد على مساحة 660 ألف هكتار على أطراف مقاطعة غانسو حيث ما زال يعيش عدد قليل لم يدجن من هذه الحيوانات. وينقل سان ما جاء في الحكايات عن هذه الخيول، ومفاده أن"رجلاً منفياً من دونوانغ رأى قرب البحيرة أحد هذه الخيول، فصنع دمية على شكل إنسان ووضعها في طريق الحصان. وفي أحد الأيام وضع نفسه مكان الدمية التي ألِفها الحصان، فقبض عليه وأهداه للإمبراطور". ويضيف أن"الرجل كذب على الإمبراطور هان وودي، قائلاً له إن الحصان خرج من نبع ماء، ... وقد احب الإمبراطور هذا الحصان كثيراً وكتب فيه قصيدة". وعلى مدى قرون طويلة، تأثرت هذه الفصيلة بالصيد والأسر. وعام 1986 اشترت الصين من حدائق حيوان أميركية وألمانية وبريطانية خيولاً من نوع برزوالسكي، في محاولة لإعادة تنشيط هذه الفصيلة، وقد بات عدد هذه الخيول في محمية شيو يناهز السبعين. ويقول سان:"لقد أطلقناها في الطبيعة للمرة الأولى في أيلول سبتمبر 2010، ثم في 2011، واليوم لدينا 16 أنثى و11 ذكراً، وقد ولد لدينا مهر، وهذا يشكل خطوة ناجحة". ويحتاج حصان برزوالسكي إلى الماء يومياً، على أن يكون مصدره بعيداً منه أكثر من 30 كيلومتراً، وهو يقتات بعشرة كيلوغرامات من المواد الغذائية الجافة يومياً، على ألا تكون هذه المواد الغذائية بعيدة من مصدر الماء. وقد اضطر القائمون على المحمية لتوسيع عشرة آبار لتلبية حاجات الخيول. وفي الشتاء يتعين على العاملين في المحمية أن يكسروا الجليد حتى تصل الخيول إلى المياه للشرب. وتقدر عالمة الأحياء كلوديا فيه عدد خيول برزوالسكي بما بين 1800 وألفين في العالم، منها 500 حصان ضمن مشاريع مماثلة لمشروع محمية شو. وتقول من مكان وجودها في منغوليا حيث تشرف على مشروع للحفاظ على هذه الفصيلة:"أخطر ما يواجه هذه الخيول هي الخيول الداجنة، وذلك لسببين: الأمراض المعدية، وأخطار التهجين". وتضيف:"الخريطة الوراثية لخيول برزوالسكي ضيقة جداً، لأنه قبل نصف قرن لم يكن يتبقى من هذه الحيوانات سوى 13 أو 14، موزعة على مناطق عدة في أوروبا، ستختفي هذه الفصيلة وراثياً إن لم نتجنب التهجين". ولهذه الأسباب، تعمل السلطات على اختيار مناطق نائية لهذه المشاريع، يمكن أن يتفهم سكانها المحليون أخطار اختلاط الخيول الداجنة مع هذه الخيول.