أعلنت اللجنة الانتخابية في فنزويلا فوز الرئيس بالوكالة نيكولاس مادورو في انتخابات الرئاسة التي نُظمت الأحد، بفارق ضئيل في شكل مفاجئ جداً، عكس استياءً شعبياً متصاعداً من مشكلات متفاقمة تعانيها البلاد، فيما رفض خصمه زعيم المعارضة إنريكه كابريلس الاعتراف بالنتائج الرسمية وطالب بإعادة فرز الأصوات، معتبراً أن النظام"ينهار مثل قلعة من رمال". وعلى رغم أن مادورو تحدّث عن نصر"قانوني"، اعتبره"تكريماً"للرئيس الراحل هوغو تشافيز الذي اختاره لخلافته، بدا أن نتيجة الانتخابات التي أرادها معسكر تشافيز تكريساً لحكمه وإعلاءً لشأن"إرثه"و"ثورته الاشتراكية البوليفارية"، أحدثت صدمة بين قادته، إذ اعتبر رئيس البرلمان ديوسدادو كابيّو الذي يُعدّ منافساً محتملاً لمادورو، أن"النتائج تتطلّب نقداً ذاتياً عميقاً". ورأى"مفارقة أن فقراء صوّتوا للذين يستغلونهم دوماً"، داعياً إلى"قلب كل حجر لكشف أخطائنا، لكن لا يمكننا المخاطرة بالوطن أو إرث قائدنا تشافيز". وكان مادورو يتقدّم بفارق واسع على كابريلس، في استطلاعات الرأي قبل أسبوعين من الاقتراع، لكن اللجنة الانتخابية أعلنت فوزه بنسبة 50.7 في المئة فقط من الأصوات، في مقابل 49.1 لكابريلس. ويبلغ الفارق بين المرشحَين 234935 صوتاً فقط، من أصل 14.8 مليون، في اقتراع بلغت نسبته 78 في المئة، في مقابل 80 في المئة في انتخابات تشرين الأول أكتوبر الماضي، حين هزم تشافيز كابريلس بفارق 11 نقطة، لكن الأخير سجل آنذاك أفضل نتيجة للمعارضة في مواجهة الرئيس الراحل. واحتفل أنصار تشافيز بالنصر في شوارع كراكاس وأمام قصر ميرافلوريس الرئاسي حيث خطب فيهم مادورو، معتبراً أن"فوزه"في الانتخابات يثبت أن تشافيز"ما زال لا يُقهر". وأضاف:"حققنا فوزاً انتخابياً عادلاً وقانونياً ودستورياً. هذا فوز آخر، تكريم لقائدنا هوغو تشافيز. للذين لم يصوّتوا لنا، أدعو إلى الوحدة. سنعمل سوياً من أجل أمن البلاد واقتصادها". "الشعب لا يحبك" لكن كابريلس رفض الإقرار بهزيمته، ولوّح لأنصاره بوثيقة تحصي 3200"حادث خلال العملية الانتخابية"، من إطلاق نار إلى إعادة فتح مراكز تصويت بعد إغلاقها رسمياً. وقال:"المعركة لم تنتهِ، سنصرّ على كشف الحقيقة. لن نعترف بأي نتيجة، قبل إعادة تعداد كل صوت من أصوات الفنزويليين، واحداً واحداً". وخاطب خصمه، قائلاً:"سيد مادورو، إذا كنت غير شرعي سابقاً، فإنك الآن مُثقل بمزيد من اللاشرعية. أنت الخاسر، أقولها بحزم. الشعب لا يحبك. النظام ينهار، إنه مثل قلعة من رمال، مسّها وتقع". وأضاف:"لم أحارب مرشحاً واحداً اليوم، بل استغلالاً كاملاً للسلطة. الحكومة هُزمت". وحضّ مادورو اللجنة الانتخابية على"تبديد أي شكوك في النتائج"، قائلاً:"لتفتح مئة في المئة من صناديق الاقتراع، لسنا خائفين، لندع الصناديق تتكلم وتقول الحقيقة". لكن تيبيساي لوثينا رئيسة اللجنة التي تضمّ مؤيدين لمعسكر تشافيز، شددت على أن النتيجة"لا يمكن أن تتغيّر". وعلى رغم التوتر بين معسكري المرشحَين، فإنهما لم يدعيا أنصارهما إلى النزول إلى الشوارع، تجنباً لعنف. وقال مادورو في خطاب الفوز إن كابريلس اتصل به قبل إعلان النتائج، مقترحاً إبرام"صفقة"لم يحدد تفاصيلها بين الجانبين، وأشار إلى أنه رفض ذلك. ولم يعلّق معسكر مرشح المعارضة على ذلك، لكن كابريلس بدأ خطابه قائلاً إنه"لا يعقد صفقات مع أكاذيب أو فساد". وكان كابريلس أشار عبر"تويتر"، إلى"رغبة بتغيير الخيار الذي عبر عنه الشعب"خلال الانتخابات. واعتبر محللون أن الفارق الضئيل بين المرشحَين يشكّل كارثة لمادورو، إذ قال خافيير كورّاليس، وهو عالم سياسة أميركي خبير في شؤون فنزويلا في"كلية أمهرست":"هذه نتيجة يبدو معها الفائز رسمياً، الخاسر الأكبر. الخاسر رسمياً المعارضة يخرج أكثر قوة مما كان عليه قبل 6 أشهر، وهذه حالات حرجة جداً في أي نظام سياسي، خصوصاً حين يكون هناك كثير من انعدام الثقة في المؤسسات". وعلى رغم ضبابية الوضع في كراكاس، هنأت الرئيسة ألأرجنتينه كريستينا كيرشنر نظيرها الفنزويلي على فوزه، كما فعل الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاتشينو، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أبدى"ثقته بأن فنزويلا بقيادة مادورو ستعزز علاقات الشراكة الاستراتيجية مع روسيا".