في الغرفةِ، يتآكل وجه الضوء الشاحب يذوي، يتحرك في بطءٍ يسترخي يتمدد فوق زجاج النافذة الدكناء. * * * أي صباحٍ هذا؟ أية ريحٍ حملته إلى عالمنا؟ لا شيء أمامي في هذا الصبح الكامد. من بُعدٍ يومض ضوء السيارات على الدرب المعتم مثل شموعٍ ناصلةٍ صفراء. * * * لا طريق إلى بيتنا أغلقته العواصف وهي تهب عليه، على حينا من جميع الجهاتْ. ولا ماءَ في البئر من أين يشرب أطفالنا ثم من أين تستقي الشجراتْ؟ * * * حارتنا المسكونة بنفايات الضوضاء تنام الآن على وقتٍ مبتلٍ بالصمت... لا أصواتَ هنا هل أطفأها البرد؟ لا أوراقَ على الأشجار ولا صوت لعصفور شارد! * * * مثل طيور لا ترغب في ترك الأعشاش يسير الأطفال رويداً صوب مدارسهم خطواتٌ مثقلةٌ بالبرد ومثقلةٌ بالخوف من المجهول وفي الأيدي أكياسٌ مثقلةٌ بالأوراق المثقوبة والمعلومات الهشة والخبز الجاف. * * * هذا زمنٌ لا يتقدم، رجعي السحنة كعجوز يتوكأ خيبتَهُ زمن لا يشبه أحلام الناس يتوارى خلف سعال متقطع وفتى يقذفه بالطوب، ويصرخ: فلترحل... فلترحل... * * * ماذا يتبقى من بهجات الله على هذي الأرض المنذورةِ لمسوخٍ في لون العتمة؟ من يحمي كوكبنا هذا العاثر ببنيه ومن يمنح هذا الجسد المقرور قبساً من نار الروح ودفئاً من شمس لا تغشاها الظلمة؟