عادت المنتخبات العربية الثلاثة المغرب وتونسوالجزائر بخفي حنين من مشاركتها في كأس الأمم الأفريقية ال29 لكرة القدم المقامة في جنوب أفريقيا. وحل المغرب ثالثاً في المجموعة الأولى برصيد 3 نقاط، وتونس ثالثة أيضاً في المجموعة الرابعة برصيد 4 نقاط بفارق الأهداف خلف توغو، والجزائر رابعة وأخيرة في المجموعة نفسها بنقطة واحدة من تعادلها مع المنتخب العاجي الاحتياطي، وربما تكون هذه الحال"سابقة"في المشاركات العربية في البطولة الأفريقية. وسبق أن استضافت جنوب أفريقيا البطولة عام 1996 بعد إلغاء نظام التمييز العنصري والسماح لها بإقامة التظاهرات الرياضية القارية والدولية، وجنى العرب من تلك المشاركة غلة طيبة نسبياً فتخطت المنتخبات الثلاثة مصر والجزائروتونس الدور الأول، ثم خرج الأولان من ربع النهائي على يد زامبيا 1-3 وجنوب أفريقيا 1-2 على التوالي. من جهتها، أكملت تونس المشوار وتغلبت على الغابون بصعوبة في ربع النهائي بركلات الترجيح 4-1 الوقتان الأصلي والإضافي 1-1، وثأرت مصر من زامبيا 4-2 في نصف النهائي، وحلت وصيفة بخسارتها أمام الدولة المضيفة صفر-2، يوم كان مدربها الحالي سامي الطرابلسي لاعباً. وفي الدورة الماضية في الغابون وغينيا الاستوائية قبل عام، شاركت 4 منتخبات عربية هي تونس والسودان والمغرب وليبيا، فخرج الأخيران وتأهل الأولان إلى ربع النهائي، إذ خسر السودان أمام زامبيا صفر-3، وتونس أمام غانا 1-2 بعد التمديد وكان الطرابلسي مدرباً. بات الدور الأول عقدة للمغرب، بطل عام 1976 في إثيوبيا، بعد خروجه في الدورة الحالية للمرة الثانية على التوالي، والرابعة في مشاركاته الأربع الأخيرة غاب عن أنغولا 2010، ولم يستطع"المنقذ"رشيد الطاوسي المضي برجاله إلى أبعد من هذا الدور، علماً بأن الوحيد من المنتخبات الثلاثة الذي لم يخسر، حيث كانت غلته 3 تعادلات مع أنغولا صفر-صفر، ومع الرأس الأخضر 1-1 ومع جنب أفريقيا 2-2. وكان الطاوسي انتشل المغرب إلى النهائيات، بعد أن كان خاسراً صفر-2 أمام موزامبيق في ذهاب الدور الثاني من التصفيات على يد البلجيكي إريك غيريتس، بفوز كبير في الإياب 4-صفر. ولازمت لعنة الخروج المبكر المغرب، وبكى الطاوسي ولم يستطع حبس دموعه خلال المؤتمر الصحافي بعد التعادل الدرماتيكي مع منتخب الدولة المضيفة بعد ان وصلت اللقمة إلى الفم إذا تقدم مرتين، وكانت فرحته مع لاعبيه لا توصف في كل مرة، بيد أن القدر شاء ذلك. ويحق للطاوسي والمنتخب أن يحزن من"مأساة"الدور الأول، كما يحق له أن يأمل ويطمح في الوقت عينه، طالما أن الهدف المعلن كان بحسب المقربين منه هو إعداد المنتخب الحالي للنسخة الثلاثين التي يستضيفها المغرب عام 2015، خصوصاً أنه لم يتلق أي هزيمة بتعادله في ثلاث مباريات، وعلى هذا الأساس سيكون العمل المقبل فيما لو بقي مدرباً مع أن اسم المدرب السابق 2002-2006 وحارس مرمى المنتخب سابقاً بادو الزاكي بدأ يتردد على الألسن في المعسكر المغربي لخلافته. لكن تصريحات الطاوسي توحي بالاطمئنان، إذ قال:"عينت مدرباً للمنتخب قبل 3 أشهر ولم أعمل على الأرض إلا لمدة شهر واحد، ورثت منتخباً منهاراً على الصعيد الذهني، والتطور الذي طرأ عليه اليوم جلي وواضح للعيان. إنه منتخب شباب لا يتجاوز معدل إعمار لاعبيه 24 عاماً وأمامه مستقبل واعد". وأشار الطاوسي الذي يؤخذ عليه استبعاد بعض العناصر المؤثرة عن التشكيلة مثل صاحب الخبرة القائد السابق الحسين خرجة ومروان الشماخ وعادل تاعرابت، إلى أن رئيس الاتحاد علي الفاسي فهري"اتصل وجدد ثقته بي من أجل الاستمرار". واختلفت الصحف المغربية على تقويم أداء ونتائج المنتخب، فمنها من أشار إلى"الانسجام والروح القتالية"لدى هذه المجموعة، ومنها من وجه الإصبع نحو"تكتيكي قابل للنقاش". خاضت تونس بطلة 2004 على أرضها، الدور الأول بثقة زائدة كما اتضح من تصريحات المدرب، ففازت على الجزائر 1-صفر بصعوبة وبهدف جميل قد يكون الأجمل في البطولة حتى الآن ليوسف مساكني في الوقت بدل الضائع 90+1، وأصر الطرابلسي أن"نسور قرطاج"كانوا الطرف الأفضل في المباراة، وسيطروا على المجريات في معظم الفترات، بيد أن واقع الحال على الأرض كان بنظر النقاد غير ذلك، وكان على المنطق أن ينصف منتخب"الخضر"الجزائري أقله في التعادل إن لم يكن الفوز لأنهم كانوا أقرب إليه. وفي المباراة الثانية، خسرت تونس أمام ساحل العاج صفر-3، وأصر الطرابلسي مجدداً على أن رجاله كانوا الأفضل في اللقاء، وأنه زج بأربعة مهاجمين، لأنه كان قريباً من التعادل بل الفوز"على منتخب منهك من التعب"حين كانت النتيجة 1-صفر، فانقلب السحر على الساحر، وارتفعت النتيجة إلى ثلاثية بيضاء ليقول بعدها:"تجرأنا على أن نغامر لأن الخسارة هي الخسارة ومهما يكن فنحن الأفضل". وشنت الصحف التونسية في اليوم التالي حملة شعواء لا رحمة فيها على أداء منتخب بلادها، ومع ذلك وقبل المباراة الثالثة مع توغو، لم ينكر المدرب التونسي صعوبتها، لكنه كرر مجدداً أن الفوز سيكون حليفه، لأن رجاله أفضل من التوغوليين من دون أن ينسى التقليل من شأن منتخب ساحل العاج أيضاً المرشح لإحراز الكأس، الذي برأيه"لم يظهر بالمظهر الموجود في أذهان البعض ولا هو أفضل من غيره من المنتخبات المشاركة. وبعد التعادل مع توغو 1-1 والخروج، لم يتخل عن لازمة"نحن الأفضل وكنا مسيطرين"مختصراً المؤتمر الصحافي في بضع كلمات احتجاجاً على سؤال عن التحكيم طرح عليه بعد أن احتسب الحكم الجنوب أفريقي دانيال بينيت ركلتي جزاء لتونس"واحدة منهما على الأقل مثيرة للجدل". وعلقت الصحف التونسية اليوم على الخروج المبكر من الدور الأول، ورأت أنه"مستحق جداً"بعد الأداء المخيب الذي قدمه"نسور قرطاج". وعنونت صحيفة"لوتان"الصادرة بالفرنسية"تعادلنا مع توغو فخرجت تونس.. إننا أردنا ذلك بأنفسنا"، وأضافت:"في هذه المباراة وفي كامل مشاركته، لا يستحق المنتخب التأهل"إلى ربع النهائي. وتابعت:"عجز على مختلف الأصعدة، عانت تونس كثيراً في المباراة، ولم تكن مسيطرة، لكن الفرصة أتيحت لها للتأهل وخالد مويلهي شاء غير ذلك فانتهت المغامرة"، في إشارة إلى إهداره ركلة الجزاء الثانية بعد أن سجل الأولى. أما المنتخب الجزائري، بطل 1990 على أرضه، فقدم أفضل العروض بين المنتخبات العربية، لكنه كان عقيماً في التسجيل قبل أن تفك العقدة في المباراة الأخيرة ضد بدلاء ساحل العاج 2-2 بقيادة ديدييه دروغبا، بعد أن جرب مدربها الفرنسي صبري لموشي 9 بدلاء لاطمئنانه إلى التأهل الذي تأمن من الجولة الثانية. وحمل المدرب الفرنسي-البوسني وحيد خليلودزيتش على لاعبيه بعد المباراتين الأوليين، وقال:"لم يمر علي منتخب أو فريق يسيطر تماماً في مباراتين متتاليتين، من دون أن يسجل. لا يوجد في الجزائر لاعبون يصنعون الفارق". ورأى خليلودزيتش أن تأهل المنتخب الجزائري بسهولة إلى النهائيات"شكل نوعاً من الصدمة الإيجابية لدى الكثيرين في الجزائر فرفعوا السقف واعتبروا أن بإمكانه أن يصل إلى ربع النهائي، ثم إلى نصف النهائي، وأخيراً إلى المباراة النهائية ويعود أخيراً إلى بلاده حاملاً معه الكأس". ونبه إلى ضرورة أن يعي الجميع أن المنتخب الجزائري"لا يزال صغيراً وشاباً، ولكي يكبر عليه المرور بمحطات ومراحل إجبارية، فما من منتخب كبر بلمسة سحرية أو بكسبة زر".