قضت على حلمه وطموحه جغرافية مضطربة، وصفت ذات تاريخ بأنها سعيدة. طلقات مارقة في أركانها، مزقت كل ما تبقى من ذاكرة تنتصر لها، فأحالتها إلى صورة مأسوية مشبعة بالفوضى والنرجسيات، غدرت جميعها بجسد الطالب السعودي محمد الكثيري، الذي سقط نتيجة طلقة طائشة من يد عابثة بمدينة صنعاء أردته قتيلاً، ليعود إلى عاصمته الرياض، يوارى في ثراها بعد صلاة عصر اليوم في مسجد أم إبراهيم في حي المنصورية (جنوبالرياض). سالم الكثيري أحد أصدقاء الطالب المغدور روى ل«الحياة» تفاصيل الحادثة فقال: «عند الساعة الواحدة ظهراً توجَّه محمد ومعه اثنان من أصدقائه لتناول طعام الغداء بشارع الجزائر بالعاصمة اليمنية صنعاء، وبعد الغداء تحرك الجميع نحو شارع «حدة» مسرح الحادثة، وفي منتصف الطريق سقط محمد على الأرض، وبدأ يشتكي من ألم في ظهره، ولم يكن يعرف ما الذي أصابه، كما أنه لم يستطع الوقوف على قدميه، حتى تبيَّن أن رصاصة طائشة استقرت في ظهره، فتم نقله على الفور إلى أقرب مستشفى إلا أن قدر الله تم، ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد محاولات عدة لإجراء تنفس اصطناعي باءت جميعها بالفشل». وأشار سالم إلى أن محمد كان خائفاً من الدراسة: «بعد العودة إلى اليمن بشهر تقريباً كان محمد يخشى من الاضطرابات الأمنية، لكن خوفه من أن يضيع سنة دراسية كان وراء سفره، خصوصاً أنه أكمل ثلاث سنوات بالطب ولم يتجاوز من العمر 23 عاماً». فيما قال شقيق المبتعث المتوفى: «عاد أخي قبل شهر لإكمال دراسته باليمن بعد تلقي اتصال من جامعته بضرورة العودة للدراسة بعد المظاهرات التي اجتاحت اليمن أخيراً، أكدوا فيه كذباً أن الأوضاع استقرت، لكن الحقيقة كانت غير ذلك».