يراقب خبراء الطاقة السويسريون تحركات شركة"روساتوم"الروسية، إذ لم يعد النفوذ الطاقوي يقتصر على شركة"غازبروم"في موسكو، بل يشمل أيضاً شركة"روساتوم"التي بدأت إبرام اتفاقات في كل القارات. ويرى محللون سويسريون، أن شركة"روساتوم"ستصبح عملاقة في قطاع إنتاج الطاقة النووية. وفي حين تُعتبر"غازبروم"شركة قابضة وأسهمها مدرجة في الأسواق المالية، يمكن اعتبارها مملوكة من حكومة موسكو. وفي ما يتعلق بسعر إنتاج الطاقة النووية، يشيرون إلى أن مادة اليورانيوم تستأثر بنحو عشرة في المئة من السعر، كما يعتمد سعر إنتاج كيلواط واحد من هذه الطاقة بنسبة 90 في المئة على تقلبات أسعار المواد الأولية. ويلفتون الى أن ثقل روسيا في إنتاج الطاقة النووية أخف كثيراً من ذلك المتصل بإنتاج الغاز. ويستوطن 37 في المئة من مصادر إنتاج الغاز العالمي في روسيا، فيما تتوزّع مصادر اليورانيوم الضروري لإنتاج الطاقة النووية بين مناجم منتشرة في أفريقيا وآسيا الوسطى وكندا وروسيا. وبما أن دول العالم بدأت تتمسك بإنتاج الطاقة النووية"النظيفة"، بدأ يبرز دور"روساتوم"اليوم في التنافس مع الشركات الغربية لإنتاج الطاقة ومن ضمنهم السويسريون. ويعمل حول العالم 439 مفاعلاً نووياً، ويُتوقع أن يُضاف إليها 345 مفاعلاً عام 2030. ودخلت شركة"روساتوم"الروسية على الخط لإنتاج التوربينات الخاصة بتشغيل هذه المفاعلات النووية من الجيل الحديث، لا بل نجحت في"تفكيك"الشراكة بين"أريفا"الفرنسية و"سيمنز"الألمانية التي اختارت"روساتوم"شريكة جديدة. كما تمكّنت الأخيرة من استقطاب شركة"اي دي أف"الفرنسية إليها. ولتعزيز قوة"روساتوم"المالية والاستثمارية، قررت حكومة موسكو وفق المعطيات الأخيرة التي حصل الخبراء السويسريون عليها، ضخ نحو 30 بليون يورو فيها خلال السنوات العشرين المقبلة. وعلى غرار سويسرا، تحاول روسيا توسيع اعتمادها على الطاقة النووية لإنتاج 20 إلى 25 في المئة من الكهرباء في الأعوام المقبلة. وفي وقت تصطدم الصناعة النووية السويسرية بأكثر من عائق منوط بتصدير تقنياتها إلى الخارج، تنجح"روساتوم"في تأسيس شبكاتها التجارية الدولية بذكاء. وعلى سبيل المثال، ستبني الشركة محطة الطاقة النووية الأولى في تركيا بكلفة 20 بليون يورو تقريباً. وستستفيد حكومة أنقرة على مدى 15 سنة من إنتاج الطاقة النووية لحاجاتها الكهربائية بكلفة متدنية. توسّع والى جانب تركيا، تتحرك"روساتوم"في شكل تعجز عنه منافساتها الغربية، لكسب اهتمام السويسريين الذين يتابعون بحذر مخططاتها الضخمة. كذلك تعزز الشركة وجودها في الهند وبلغاريا والصين وفيتنام وأرمينيا وبيلاروسيا، وحتى بعض دول الشرق الأوسط مثل مصر. وساعدتها حكومة موسكو في تأسيس مستودع اليورانيوم"لاو انريتشمنت يورانيوم بنك"، بهدف تزويد كل الدول المستخدمة للنووي بالوقود. وعلى رغم سعي شركة"روساتوم"إلى انتزاع حصص في أسواق الطاقة النووية، يستبعد المحللون السويسريين أن يتحوّل قلق اللاعبين النوويين ومنهم الأميركيون والكنديون والأوروبيون، إلى خوف منها على المديين القريب والمتوسط?. ولا شك في أن روسيا تسعى إلى تقوية مصالحها الدولية، من طريق تسويق آفاق تكنولوجية جديدة للطاقة النووية. لكن الأسواق الغربية لن تسمح لحكومة بوتين بتخطي الخطوط الحمر.