أدت الأوضاع السياسية المضطربة والاحتجاجات المصحوبة بأعمال عنف في المحافظات المصرية، إلى تراجع سوق المال وخسارة الأسهم ما يزيد على 1.2 بليون دولار من قيمتها. وكان لافتاً أن عمليات البيع تركزت عند المصريين والعرب، بينما أقبل الأجانب على الشراء. وأنهت البورصة المصرية تعاملاتها على تراجع جماعي لمؤشراتها وفقد رأس مالها السوقي نحو 2.7 بليون جنيه نحو 400 مليون دولار متراجعاً إلى نحو 378.9 بليون جنيه، مقارنة ب 381.6 بليون في آخر جلسات السوق الأسبوع الماضي. وهبط المؤشر الرئيس"اي جي إكس 30"نحو 0.02 في المئة إلى 5688 نقطة، فيما تراجع مؤشر"اي جي إكس 20"بنسبة 0.09 في المئة ليصل إلى 6503 نقطة. كذلك تراجع مؤشر"اي جي إكس 70"بنسبة 0.47 في المئة ليبلغ مستوى 466 نقطة، في حين انخفض مؤشر"اي جي إكس 100"الأوسع نطاقًا 0.55 في المئة، ليصل إلى 796 نقطة. وشهدت الجلسة تداول 90.9 مليون سهم بقيمة 432.4 مليون جنيه من خلال 18.6 ألف صفقة، وارتفعت أسهم 42 شركة من بين 160 شركة تم التداول عليها، وانخفضت اسهم 99 أخرى، بينما استقرت 19 شركة. واتجهت تعاملات المستثمرين العرب نحو البيع مسجلة 129 مليون جنيه، بينما فضل الأجانب والمصريون الشراء بصافي 104.3 مليون جنيه و24.8 مليون جنيه على التوالي. وافتتحت مؤشرات البورصة على تراجع جماعي متأثرة بأعمال العنف وسقوط ما يزيد على 40 قتيلاً وأكثر من 700 جريح. وقررت إدارة البورصة إلغاء خمس عمليات منفذة على أسهم مجموعة"هيرميس"المالية، كما ألغت ثلاث عمليات أخرى على أسهم"بولفارا"وعملية واحدة على أسهم"مستشفى القاهرة التخصصي". العملات وانعكست الأوضاع الأمنية على سوق العملات أيضاً حيث فقد الدولار من السوق بعد أن سجل أعلى معدلاته أمام الجنيه في 10 سنوات هذا الأسبوع. واعتبر مراقبون أن تحديد سعر الدولار بات صعباً في ضوء شحه وتضارب الأرقام الرسمية حول سعره الحقيقي الذي يقترب من 7.5 جنيه في السوق السوداء، في حين أن سعره في المصارف بلغ 6.67 جنيه. وأشار عضو مجلس إدارة شعبة الصرافة في"اتحاد الغرف التجارية"بلال خليل، إلى هدوء حذر في تعاملات سوق الصرف ترقباً لما ستسفر عنه الأحداث، لافتاً إلى أن حركة العملاء ضعيفة على شركات الصيرفة حالياً، متوقعاً ارتفاع سعر الدولار والعملات الأجنبية. عروض الدولار من جهة أخرى، يطرح المصرف المركزي المصري خلال الأسبوع ثلاثة عروض لبيع الدولار للمصارف وسط توقعات بأن تصل قيمة كل عرض إلى 75 مليون دولار. وسبق للمصرف أن ضخ نحو 895 مليون دولار في المصارف المصرية خلال 13 عرضاً للعملة الأميركية، إلا أن تلك الآلية لم تساهم في وقف نزيف الجنيه المصري خلال الأيام الماضية، وتراجع أمام الدولار بأكثر من 10 في المئة. في سياق متصل، يُتوقع أن تؤثّر الأحداث الجارية أيضاً في مصير قرض"صندوق النقد الدولي"لمصر، إذ تعتبر المعارضة والكثير من المصريين أن الرئيس محمد مرسي وإدارته لم يحققوا أدنى المطالب. وتوقع مسؤول سابق في الصندوق تأثير الاضطرابات في مسار مفاوضات مصر مع الصندوق، في ظل عدم وضوح الرؤية الاقتصادية للحكومة وغياب خطة للنهوض بالأوضاع المعيشية. وأوضح أن الحكومة الحالية ما زالت تفتقد الحس الاقتصادي، وهو ما يرجع لشخص رئيس الحكومة هشام قنديل، الذي لا يمتلك أي خبرات اقتصادية تحتاجها المرحلة الحالية بكل تحدياتها. ويشير مراقبون إلى أن الحكومة المصرية منشغلة بملف قانون الصكوك، ولم تنشغل بإنجاز المراجعة النهائية للبرنامج الإصلاحي المقدم إلى"صندوق النقد"للموافقة على القرض بقيمة 4.8 بليون دولار. وفي ظل الأزمات المتتالية، أعلن وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري، أشرف العربي، أن الحكومة تعتزم رفع الدعم عن السولار المستخدم للقطاع السياحي، على أن يباع بسعر الكلفة اعتباراً من أيار مايو المقبل. وأوضح أن الرفع تم بالتفاوض مع الجهات المعنية في القطاع السياحي، لافتاً إلى إعداد خطة لاستبدال بعض مشتقات الطاقة، كالسولار والبنزين للمنشآت السياحية بالغاز الطبيعي من خلال توفير قروض ميسرة لهذا البرنامج. وأشار إلى تطبيق برنامج ترشيد دعماً للبنزين العربي اعتباراً من نيسان أبريل المقبل من خلال توفير 1800 لتر لكل سيارة سنوياً، أي نحو 150 لتراً شهرياً، مؤكداً أن الدراسات أثبتت أن المعدلات الطبيعية لحركة السير لكل سيارة تصل إلى 50 كيلومتراً في اليوم. واعتبر رئيس"اتحاد الغرف السياحية"، إلهامي الزيات في تصريح الى"الحياة"، أن إعلان الحكومة رفع الدعم كلياً عن السولار الذي يستخدمه القطاع السياحي مطلع أيار مايو المقبل، يمثل رضوخاً لشروط صندوق النقد الدولي، لافتاً إلى تجاهل الدولة مطالب السياحة والعاملين فيها. وأكد أن قرار رفع الأسعار جاء مخالفاً للمناقشات التي دارت بين الحكومة والقطاع السياحي خلال الحوار المجتمعي، والذي أوصى بضرورة إبلاغ القطاع السياحي بأي زيادة قبل ذلك بثمانية أشهر. لكنه رحّب برفع الدعم عن المحروقات تدريجاً، حيث يصل سعر لتر السولار حالياً إلى 1.20 جنيه وسيصل في حال رفع الدعم عنه لنحو 5.40 جنيه. وشرح أن رفع أسعار السولار دولاراً واحداً سيؤدي إلى زيادة أسعار الغرفة الفندقية للسائح ما بين 15 و40 دولاراً في اليوم، خصوصاً أن الوقود يمثل 45 في المئة من كلفة الرحلات النهرية، مشيراً إلى أن اختيار شهر أيار مايو لرفع الأسعار"غير موفّق"، حيث تقدِّم الفنادق العائمة في هذا الشهر خفوضات كبيرة لجذب العملاء، وهو ما يؤدي إلى إغلاق ما تبقى من تلك الفنادق.