«أن تكون عمدةً لأحد أحياء جدة فهذا لا يعني أنك تؤدي واجبك الوظيفي فقط الذي تحكمه ساعات العمل بل أنت مكلف بمهمة إنسانية ووطنية، فأحياناً تجد نفسك مصلحاً اجتماعياً، وفي أخرى واعظاً دينياً يذكر بمحاسن الأخلاق وحسن الجوار، أو مستشاراً لشؤون الأسرة يقف مدافعاً أمام كل ما يهدد استقرارها أو يمس كيانها»، بهذه الكلمات تحدث محمد حوقان عمدة حي الكورنيش في جدة وشاعر «العرضة» المعروف عن وظيفته وكيف يقضي وقته بين سكان الحي الذي يشرف عليه منذ 10 سنوات. ولعل اللافت في الأمر أن حوقان موجود حاضراً على الدوام بين أوساط الناس، سواء في محيط الوظيفة أو الهوية والإبداع كما يحدث مع جمهور القصائد الشعرية، لذلك هو يشعر بالسعادة عندما يلتف الجميع حوله ويجد من يقدم له العون بحكم مهمته الاجتماعية. ويؤكد أن النقص في توعية المواطن بدور عمد الأحياء ومهماتهم وواجباتهم، أوجد خللاً في العلاقة و قصوراً في الفهم لدى الكثيرين، منتقداً الصورة النمطية القديمة عن العمدة التي تتلخص في وصفه شخصاً مسناً يعتمر «العمامة» متربعاً مركاز الحارة طوال اليوم، ويجر أطراف الحديث مع جلسائه، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن وظيفة العمدة أصبحت مشغولة من أناسٍ ذوي درجةٍ عاليةٍ من المؤهلات الدراسية ومعدل أعمار لا يتجاوز 40 عاماً. ويعترف حوقان بأن دور العمدة لم يتطور كثيراً مع الأيام سوى ما يتعلق بسلم الرواتب والدرجة الوظيفية، إذ يعتبر العمدة في السابق أكثر تأثيراً لعوامل عدة، منها قلة عدد السكان في الماضي إلى جانب آلية اختياره التي كانت تتم بالإجماع وعن قناعةٍ تامة، الأمر الذي يشجع على اختيار الأكفأ والأرجح عقلاً، والذي يحظى بقبولٍ لدى السكان، منوهاً بضعف الخبرة والممارسة لدى البعض، ما ينعكس على تعاملهم مع قضايا ومشكلات أحيائهم بشكلٍ سلبي. وعن استخدام التقنية الحديثة في تقديم الخدمات، كشف أن موقعه الالكتروني الذي أطلقه منذ مدة، يعنى بتلبية حاجات السكان كافة، ويوفر النماذج المطلوبة كافة لدى بعض الجهات وإمكان طباعتها مباشرةً من الموقع، موضحاً أنه يعمل على تطويره في الوقت الراهن في حيه الذي يحظى بهذه الخدمة دون غيره من أحياء مدينة جدة. وحول أبرز المشكلات التي تواجه العمدة ويلجأ السكان إليه لحلها، أشار حوقان إلى أن أكثرها قضايا الأسرة بأنواعها سواءً المشاجرات أو الطلاق أو غيرهما إلى جانب قضايا الحق الخاص والمديونيات وذلك من خلال طلب الكفالات الحضورية التي يصدرها مكتبه للمواطنين من الحي نفسه، ولم يتردد عمدة حي الكورنيش بقوله إن كثيراً من تلك المشكلات الأسرية عادةً ما تنتهي بشكلٍ ودي، نظراً للجهد الذي يبذله في سبيل تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين. ولفت إلى أن عدداً من رجال الأعمال من سكان الحي يحضرون لقاءً نهاية كل أسبوع مع السكان من المواطنين، وعادةً ما تكون تلك اللقاءات بعد صلاة الجمعة تتم فيها مناقشة بعض الجوانب المتعلقة بالحي إلا أنها تأخذ طابعاً أدبياً في أغلب الأوقات. الوصول إليها مسؤولية وليس وجاهة