يُؤدي الاستعمال المُكثّف للمبيدات الحشريّة إلى أورام سرطانية في الدماغ. هذا ما خلَصتْ إليه دراسة علمية فرنسية في محصلة عن تجاربها في مناطق تحتوي حقولاً للعنب في جنوب غربي فرنسا. ولاحظت الدراسة أن نسبة سرطان الدماغ ترتفع مع زيادة التعرض المباشر للمبيدات. وشملت هذه التجارب خمسمئة شخص في تلك المناطق. في السياق عينه، خلصت دراسة كندية مُشابهة إلى أن الأطفال هم الأكثر عرضة لأذى المبيدات، نظراً لأن أجسادهم تكون في مرحلة النمو السريع، مع الإشارة إلى أنهم يصابون أكثر بسرطان الدم بأثر من المبيدات. وكذلك يتعرض الأطفال أكثر من غيرهم للتسمم الغذائي من مبيدات الحشرات، التي تعلق بأيديهم عند لمسهم نباتات البيوت والحدائق التي تعرضت للرش بهذه المبيدات. ولوحظت آثار مماثلة على النساء الحوامل وأجنّتهن، بل رصدت زيادة في وفيات الأجنة في الأماكن المعرّضة أكثر من غيرها للمبيدات. ورصدت الدراسات الكندية أيضاً علاقة بين التعرّض للمبيدات وضعف المناعة في الجسد البشري. كما لاحظت أن أمراضاً متنوّعة تصيب خلايا البشرة والمعدة والشفاه بسبّب بالمبيدات التي تؤثّر أيضاً في الهرمونات الأمر الذي يؤدي إلى أمراض في الثدي والمبيض والخصيتين. وما زال العلماء منهمكين في البحث عن هوية المواد التي تحتويها المبيدات، وتتصل مع الأورام السرطانية في الدماغ. وثمة ثلاثون دراسة عن هذا الموضوع، إضافة إلى عشر دراسات عن أمراض أخرى تسببها المبيدات. واهتمت مجموعة من جمعيات حماية البيئة وحق الأجيال المقبلة في ظروف عيش سليمة، بهذه الدراسات بهدف استعمال نتائجها في نشر الوعي عن هذا الخطر وإيجاد الحلول المناسبة له. وبعد مرور عقود على استعمال المبيدات، شرعت بعض نتائجها الوخيمة في الظهور. ولوحظ أن هناك عشر مواد كيماوية مُسرطِنَة تدخل في صنع مبيدات تُباع في الأسواق الأوروبية، على رغم وجود تشريعات صارمة في هذه الأمور. دور الوراثة في مقابل الدراسات الكندية والفرنسية، ظهرت مجموعة الدراسات العلمية الانغلوساكسونية التي تأخذ في الاعتبار الدور الذي تؤديه الجينات وعناصر الوراثة في العلاقة بين المبيدات وأمراضها وأورامها. وتسعى هذه الدراسات أيضاً إلى رصد جوانب من العلاقة بين نظام الأكل والحياة اليومية من جهة، وحدوث أمراض ضمنها السرطان بأثر من المبيدات، ما يعني أن الأمر يتصل بظاهرة مُركّبة ذات عناصر متعدّدة ومتداخلة. ولعل من المفيد التذكير أيضاً بأن الحياة استمرت على الأرض منذ ملايين السنين، من دون تدخل كيماوي من البشر!