أطلقت شاشات عراقية موسمها الدرامي لشهر رمضان، وهي تراهن على الهجرة العكسية للممثلين والمخرجين العراقيين من سورية إلى بلادهم. ففي أعمال درامية عراقية أنتجت بعد عام 2003، لم يهضم المتلقي العراقي فكرة"تحوير"البيئة السورية على أنها أمكنة بغدادية. ويرى كنان الحلفي، وهو مدير تصوير مسلسل"خارطة طريق"، أن العمل في العراق محاط بمصاعب شتى، تبدأ بشح الطاقة الكهربائية، ولا تنتهي بحرارة الجو ومشاكل التصوير. ويقول الحلفي ل"الحياة":"صوّرنا في محافظات عدة، وواجهنا متاعب لا حصر لها، مع ذلك العمل ممتع كونه لا يضطرنا إلى صناعة مكان عراقي مفترض، وأظن أن الموسم الجديد سيشكل مفاجأة على صعيد الدراما في البلاد". وشهدت الساحة الفنية العراقية، منذ اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، عودة غير مسبوقة لممثلين ومصوّرين ومخرجين عراقيين، لم يتمكنوا من العثور على خيارات عمل جديدة، بسبب الأوضاع هناك. وبدا أن المادة السياسية أخذت حصة كبيرة من الإنتاج العراقي لموسم 2012، فيما لا تزال المواد الكوميدية تحظى بالاهتمام، باعتبارها لازمة الدراما في الشهر الفضيل. ويلاحظ أن القنوات الممولة من رجال أعمال هي الأكثر قدرة على تجهيز الموسم الرمضاني بالأعمال التلفزيونية، بينما تظل المحطات التي تديرها أحزاب وقوى سياسية غير مهتمة بهذا الشأن. وبعدما دأبت قناة"الشرقية"على إنتاج مواد فكاهية بطعم السياسة، ترمي ثقلها، هذا الموسم، من خلال ثلاثة أعمال درامية، أحدها يمثل استمرارالمسلسل"العتاك"الذي بات محل جدل سياسي وفني بسبب خطابه والمادة"السياسية"المباشرة فيه. بيد أن"الشرقية"تواصل عرض المادة التاريخية، وتنتخب شخصيات في الفن العراقي، لتسلط بها الضوء على أحداث عراقية في التاريخ المعاصر. هذه المرة يمكن المشاهد العراقي التعرف إلى حياة اليهود العراقيين وهجرتهم من نافذة مسلسل"سليمة مراد"وهي مطربة لها إرث فني متميز. المادة التاريخية حاضرة في أعمال قناة"البغدادية"، التي كما يبدو تدخل هذا الموسم بقوة من خلال افتتاح"البغدادية 2"كمحطة مخصصة للدراما، مع أول أيام شهر رمضان. من هذه الأعمال مسلسل"علي الوردي"، عالم الاجتماع العراقي المثير للجدل، مؤلف"مهزلة العقل البشري"، ودورية"لمحات من تاريخ العراق الحديث". ويحاول"القناص 1006"تصوير لحظات العرب والخوف إبان الحرب الأهلية في العراق. وهو مسلسل ل"البغدادية"يخرجه أركان جهاد، وتختلط فيه الدراما الاجتماعية بالتشويق والاثارة. ينتظر من المسلسل أن يكون مادة موجهة لكسر الاحتقان الطائفي في البلاد. المخرج الشاب حسن الشاوي يقدم عمله"طريق نعيمة"، الذي يدور حول شخصية"الأم"العراقية التي تجتهد، في ظروف معقدة وغريبة، للحفاظ على ملفات طلاب المدارس بعد دخول القوات الأميركية البلاد. "العراقية"، القناة شبه الرسمية، وضعت ثقلها هذا العام في أربعة أعمال عراقية، إلى جانب عروض حصرية لأعمال عربية منها مسلسل الفنان عادل إمام"فرقة ناجي عطاالله". ويقول نوفل عبد دهش ل"الحياة":"أعمال القناة تعود لنصوص سياسية بمعنى أنها ليست موجهة، لكنها تتعرض لأحداث سياسية شهدتها البلاد". من أعمال"العراقية"مسلسل"باب الشيخ"للمخرج أيمن ناصر الدين الذي يقدم عرضا سياسيا عن أجواء حكم حزب"البعث". ومسلسل"حفر الباطن"للمخرج مهدي طالب، وهو عمل مأخوذ عن رواية"ضياع في حفر الباطن"للكاتب عبدالكريم العبيدي. ويعاين الحياة العراقية تحت وطأة الحرب مع إيران، ولاحقاالانتفاضة الشعبية في عام 1991 وقمعها. العمل الثالث بعنوان"خارطة الطريق"للمخرج السوري غسان عبدالله، وتدور فكرته حول رغبة عراقي يعاني الفقر بالهرب، لكنه يخوض في تجربة تنطوي على كثير من المفارقات، فالهارب من بلده بحثاعن الحياة، يضطر لخسارة كليته. أما العمل الرابع ل"العراقية"فهو مسلسل"أوان الحب"للمخرج فيضي الفيضي، وهو ينتمي للدراما الاجتماعية، وفيه تبحث عراقيات عن"الزوج المناسب"وخلال هذا البحث يتعرضن لكثير من المصاعب. ودخلت قناة"السومرية"رمضان 2012 بمواد منوعة منها الدراما السياسية، إذ تواصل إنتاجها للعمل الذي لاقى نجاحاكبيراً:"الحب والسلام"في جزئه الثاني، وهو يسرد حيوات عراقية واجهت"صور الموت"وقدرتها على تأويل"الألم"للتشبث بالحب... والحياة. في عمل آخر للقناة التي تبث من بيروت، يأتي مسلسل"بيت الطين 4"، وهو من تأليف وإخراج عمران التميمي وبطولة خضير أبو العباس، وحياة الشواك، ليخوض في النمط التوثيقي لتاريخ العراق الحديث، وبالتحديد المحطة الحرجة بين الملكية والجمهورية. وخصصت"السومرية"حيزاً للكوميديا عبر مسلسل"فندق قدري"وهو للمخرج تامر إسحاق، وبطولة أياد راضي وسعد خليفة ونغم السلطاني. وتنأى قناة"الرشيد"بنفسها، كما عهدها في مواسم رمضانية سابقة، عن السياسة، وتصر على إنتاج المواد الكوميدية. وهي تقدم للجمهور، هذا العام،"بنت المعيدي"للمخرج بسام سعد وبطولة هند طالب وآلاء حسين، بمشاركة ممثلين سوريّين وأردنيّين، إلى جانب مسلسل"دمبلة"للمخرجة التفات عزيز، و"شندل ومندل"لصاحب بزون و"أكبر كذاب"لعلي أبو خرمة.