انتهى اجتماع بغداد بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد الى نتائج غير مشجعة، فشاع أن ثمار المفاوضات الإيجابية ستنعقد في اجتماع موسكو. وعززت التوقعات هذه اجتماع الرئيسين الإيراني والروسي في الصين عل? هامش قمة شنغهاي، وزيارة وزير الخارجية الروسي طهران. ويبدو أن ثمة احتمالات كثيرة في قمة بغداد، منها استمرار المواجهة الاميركية الروسية حول الملفين السوري والإيراني، فكل من موسكووواشنطن يطالب بأهداف خاصة في هاتين القضيتين، لذا تحتدم المنافسة بينهما للفوز بمزيد من المكاسب كلٌّ عل? حساب الآخر. وتنفذ المطالب الاميركية في الشأن السوري والملف الإيراني من طريق زيادة"الضغوط"عل? إيران والسعي الى عزلها عل? الصعيدين الدولي والإقليمي. ولا تهمل واشنطن احتساب المصلحة الإسرائيلية في معالجة الملفين السوري والإيراني. في الازمة السورية تسعى الولاياتالمتحدة الى التضييق عل? الحكومة السورية وتأجيج اشتعال نيران الأزمة من أجل تقويض النفوذ الإقليمي لإيران من طريق إضعاف أبرز حلفاءها في المنطقة، وإقصاء إيران بعيداً عن الأهداف الغربية. والحق أن سورية هي الخط المتقدم للمقاومة، وجسر إيران إلى الارتباط بحركات المقاومة في مواجهة إسرائيل. وإذا بسط الغرب سيطرته عل? سورية قَلَّمَ مخالب اليد الإيرانية، فتتنفس إسرائيل الصعداء وترتاح، وتطلق يدها في بلوغ مآربها في دول المنطقة . اما المصالح الروسية في سورية، فهي وراء المواجهة بين العملاقين الروسي والاميركي، فالعلاقات الروسية-السورية راسخة وقديمة وتاريخية، والحكومة السورية هي من حلفاء روسيا الإستراتيجيين. ويتعارض إحكام الغرب قبضته على سورية وتغيير حكومتها مع مصالح موسكو، لكن روسيا لا تقوى على مواصلة سياسة مجابهة الإجماع الدولي الساعي الى تغيير النظام في سورية، في وقت تؤيد الدول الغربية، ومنها الولاياتالمتحدة، والدول العربية مثلَ هذا التغيير. وتتصدى روسياوالصينوإيران لهذه المساعي، وتؤيد الحكومة السورية. وثمة من يرى أن روسياوالولاياتالمتحدة تريدان الصيد في المياه السورية العكرة لتقاسم الكعكة السورية، وأن التجاذب في الأزمة السورية والمساومة الروسية في الملف النووي الإيراني قد يذللان عدداً من النزاعات بين البلدين أميركا وروسيا. ويرمي الضغط الأميركي عل? إيران إلى ضمان الأمن الإسرائيلي. وسعت روسيا إلى حمل طهران على انتهاج سياسة"مرنة"في ملفها النووي، مستفيدة من العلاقة الوطيدة التي تجمعها بها. وقد تصطف روسيا مع الجانب الغربي، أو تقف موقف المتفرج وتلتزم الصمت على نحو ما فعلت في المرات السابقة، لتترك إيران وحدها في مواجهة عقوبات اقتصادية جديدة. ولقاء موقفها هذا، ستطالب موسكوواشنطن بضمانات في سورية، فتحترم الدول الغربية المصالح الروسية في سورية، وتصدع بالنفوذ الروسي في البلد هذا. وتحاول روسيا بما تملك من قوة الحؤول دون توسل الخيار العسكري الغربي في سورية، فمثل هذا الخيار يقيِّد اليد الروسية ويضعف مكانة موسكو في المجتمع الدولي، ويطلق العنان للأسرة الدولية في تقرير مصير سورية. لذا، يسعى الروس إلى إنجاح اجتماع موسكو والحفاظ عل? أوراقهم في مواجهة الولاياتالمتحدة للحفاظ عل? مصالحهم الإستراتيجية . وما تقدم هو واحدة من القراءات لتفسير أحوال العلاقات بين روسياوالولاياتالمتحدة. واذا صحت مثل هذه التوقعات، وجب على إيران تحصين مصالحها والتزام السياسات المناسبة والإجراءات الفعالة لتفادي أن تكون لعبة بين قو? الشرق والغرب. * صحافي، عن"أفرينش"الإيرانية، 14/6/2012، إعداد محمد صالح صدقيان