في هذه المقالة أتناول ظاهرتين متباينتين في المجال الاجتماعي، الأولى وثيقة الصلة بتطور كيان العائلة وتماسكه، والثانية تعالج مسألة الترويج الرسمي لظاهرة الزواج الموقت التي تتعارض مع تطور العائلة. ثقافة الزواج وتشكيل العائلة في العالم الغربي تختلف عن ثقافة الزواج في بلدنا، فالعائلات الإيرانية متماسكة. وفي الغرب قد تعيش الأم أو الأب منفردين، وقد يقرر زوجان عدم الإنجاب لغياب الرغبة في الأولاد. وقد تترتب على هذه الأحوال مشكلات اجتماعية أخرى. أما في إيران، فيحتل كيان العائلة مكانة اجتماعية عالية وسامية، وتقر القيم الثقافية وكتب الدراسة ووسائل الإعلام بهذه المكانة، فالعائلة هي منبع العاطفة والمحبة، والمرأة هي العنصر المؤثر في بث العاطفة، وركن العلاقات العاطفية، وفي تنشئة الأطفال، وهي تتحمل مسؤولية كبيرة في كيان العائلة. وعلى رغم أن السلطات المختصة تتبنى هذا التعريف، تشيع في الوقت ذاته ثقافة يرجع عهدها الى ما قبل الثورة الصناعية، تكرس الرجل الفيصل في كيان العائلة وتقسم الصلاحيات من الأعلى الى الأسفل. وفي وقت تحظى المرأة بحق تربية الأطفال، يربط القانون حقوق الأبناء بالرجل ويحرم المرأة منها. ولا تزال القوانين ترهن أنشطة المرأة، ومنها الدراسة والعمل، بموافقة الرجل. الى ما قبل الثورة الصناعية، كانت العائلة في مثابة وحدة إنتاجية على رأسها الأب، فهو رئيس هذه الوحدة، يوزع المسؤوليات بين افرادها. وفي تلك المرحلة، لم تكن ظاهرة الزواج تقرن وسطين اجتماعيين، بل تجمع بين عائلتين في أوساط الأشراف وغيرها من الأوساط الاجتماعية. وتوظَّف ثمار المصاهرات هذه في المجالات السياسية والاقتصادية، او تكون سُلماً الى تبوّؤ المراكز الاقتصادية او السياسية او الاجتماعية، ومثل هذه الزيجات لا يمت الى الحب والعاطفة بصلة. وأفضت الثورة الصناعية والأجور التي تقاضاها العاملون، الى تغييرات مجتمعية كثيرة، عززت ميل الأفراد الى الاستقلال في حياتهم الخاصة. وخلفت تغييرات تلك الثورة آثاراً اجتماعية اخرى في القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، وهي قرون الأيديولوجيات والديموقراطية، فضعفت دالة المعلمين في المدارس، وتخلخلت الأطر الاجتماعية، وتقوضت سلطة الرجال في العائلة. وترويج هذا النوع من الزواج لم يكن يوماً مطلباً نسوياً، بل كان على الدوام مطلباً ذكورياً. وفي الأعوام الثلاثة الماضية، راجت دعوات تشجع العائلات على قبول الزواج الموقت وتحض الطالبات على هذا النوع من الزواج باعتباره حلاً لبعض الظواهر الاجتماعية المكروهة. تسعى السلطات الى إرساء مشروعية مثل هذا الزواج، في وقت يشير احصاء أجري في 2003 في إيران، الى معارضة 87 في المئة من الرجال و96 في المئة من النساء الزواج الموقت، وموافقة 7 في المئة فقط من الرجال و2 في المئة من النساء، وتردد 5.5 في المئة من الرجال وأقل من 2 في المئة من النساء في تقويم هذا الزواج. وتُظهر دراسة أوجهَ الشبه والاختلاف بين الزواج الدائم والزواج الموقت، وأن المدة الأقصى للزواج الموقت هي 99 عاماً، وان المرأة لا تحق لها المطالبة بالنفقة لأنها تستلم مبلغ المهر مقدماً. ويمنح المولود من هذا الزواج حق الإرث من ابيه. وفسخ عقد الزواج الموقت يسير، على خلاف الزواج الدائم. وتسعى السلطات المعنية الى تنظيم العلاقة بين المرأة والرجل في الزواج الموقت، وتبيح للرجل الزواج مرة أخرى متى شاء، في حين يقتضي على المرأة الانتظار 30 - 40 يوماً قبل ان تتزوج مرة أخرى. وتوصي هذه الجهات المتزوجين الذكور بعدم اللجوء الى الزواج الموقت، لكن القانون لا يحظر ذلك. ويستطيع الرجال الزواج اثناء السفر، وذيوع مثل هذا الزواج يفضي الى عدد من المشكلات الاجتماعية. * مديرة قسم دراسات المرأة في رابطة علماء الاجتماع الإيرانية، عن"أرمان"الإيرانية، 10/4/2012، إعداد محمد صالح صدقيان