أحيت"قوى 14 آذار"في لبنان الذكرى السابعة لانطلاقتها، في احتفال أقيم في مركز"بيال"في بيروت أمس، في غياب واضح للحضور الشعبي، واقتصار الأمر على القيادات الذين خصص لهم ممر حمل إشارة"شخصيات مهمة"وبعض المناصرين الذين دخلوا عبر ممر خصص"لأصحاب الدعوات". وأعلنت خلال الاحتفال وثيقة سياسية لقوى 14 آذار، وطغى الحدث السوري على الكلمات التي ألقيت، إلى جانب المطالبة بالعدالة وبدولة المؤسسات، وأحيط الاحتفال بإجراءات أمنية. وحرصت معظم الشخصيات المنضوية تحت هذه القوى على وضع الوشاح الأحمر، أحد رموز"ثورة الأرز". حضر الاحتفال رئيس كتلة"المستقبل"النيابية فؤاد السنيورة ورئيس حزب"الكتائب اللبنانية"أمين الجميل ورئيس حزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع ونائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري والنائب مروان حمادة ووزراء سابقون ونواب والمطران بولس مطر ممثلاً البطريرك الماروني بشارة الراعي، والشيخ سامي عبد الخالق ممثلاً شيخ عقل الطائفة الدرزية، إلى جانب شخصيات سياسية واقتصادية. واستهل الاحتفال بشريط يستذكر مواقف"شهداء ثورة الأرز"بدءاً بالرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري، وصولاً إلى الرائد وسام عيد. واعتلت المنصة الإعلامية مي شدياق التي أكدت"أن الهمة لم تفتر، ولم تتعثر مسيرة ثورة الأرز". وطالبت الرئيس السوري بشار الأسد ب"الكف عن قتل شعبه"، وانتقدت سياسة"النأي بالنفس التي لا تشبهنا". وقالت:"تعبنا من تخييرنا بين السيئ والأسوأ، و7 أيار مايو عنوان لم يعد يخيفنا وفزاعة 40 ألف صاروخ لم تعد ترهبنا". وتوقفت عند الذكرى الأولى لانطلاق الثورة السورية التي تصادف اليوم، وقالت:"ربيعنا أزهر وعاجلاً أم آجلاً سيأتي ربيع دمشق وتتفتح الأزهار". شباب عايشوا"ثورة الأرز" وتوالت كلمات لشباب يمثلون مختلف الطوائف والمناطق، فتحدث خضر فيصل مكاوي"ابن بيروت"عن تجربته في المجتمع المدني وتجربة رفاق له غير محازبين، وقال:"ثورة الأرز بداية الربيع العربي"، ورأى أنه"لا يمكن لأي شخص إلا أن يحيي بإجلال شهداء ثورة سورية"، متحدثاً عن تجربته ومشاركته في ثورة الأرز، وقال:"بداية العمل من ساحة الحرية الذي بدأ بخيمة وتحول إلى مخيم حضاري لم يقفل طرق ولا مؤسسات"، مشيراً إلى أن"العدالة لا تؤدي إلى فتنة... ولا يمكن أن ننتظر الحل من الدول الصديقة وغيرها". ثم تحدثت الإعلامية جمانة نمور. وسألت:"ماذا يريد لبنان؟"، وأجابت:"لبنان يريد مواطنين في وطن وليس أفراداً يتقاسمون مساحات، ويريد أن يتوقف عن كونه ضيفاً على موائد أجندات العالم وأن نحترم تاريخه لنستخلص منه العبر، وأن نحبه كفاية لننتمي إليه. يريد أن يصبح وطناً قابلاً للحياة لأن انتظاره في خانة الأوطان قيد التنفيذ طال". ورأت أن"أنظمة القمع في المنطقة العربية أوصلت شعوبها إلى أكثر النقاط يأساً"، مؤكدة أن الحرية ستؤم"كل زاوية وزنقة". وقال سليم مزنر مواطن مؤمن باللاعنف إنه لا ينتمي إلى"حزب ولا تيار". وذكر بأنه تظاهر في ساحة الشهداء استنكاراً للتمديد للرئيس اميل لحود في أيلول سبتمبر 2004. وقال:"كنا زمرة ليس أكثر من 20 شخصاً، وفي شباط فبراير 2005 تظاهرنا لطلب العدالة ووقف القتل، وأسقطنا حكومة الوصاية وبدأت الثورة السلمية بالانتصار على مؤسسات الخوف. ثم دهشنا في 8 آذار مارس، واسأل لماذا لا يكون احتفال سنوي بذكرى 8 آذار ذكرى الوفاء لسورية. هل يخجلون منها؟ نحن هنا وفاء لسورية وشعبها. تحية من أحرار 14 آذار إلى أحرار 15 آذار". وطالب ب"العدالة لرفيق الحريري وكل أصحابنا الذين قتلوهم والعدالة لموسى الصدر". وحيت ديما سامي الخطيب"من جب جنين في البقاع الغربي، كل الثوار في كل سورية". وروت تجربتها مع 14 آذار التي وصفتها بأنها"مناسبة عظيمة على الصعيد الوطني". وقالت:"نريد من 14 آذار دولة تخلق فرصاً للشباب، وأن يكون فيها حوار حضاري بعيداً من لغة التهديد والتخوين. وتؤمن لنا على الأقل جواز سفر نشوف حالنا فيه ولا نتبهدل على أبواب السفارات ونفتش في المطارات لأننا مصنفون على لائحة الإرهاب". مطرود من الجنوب وعرّف الشاب هادي الأمين عن نفسه بأنه"مطرود من الجنوب بقوة السلاح"، وقال:"من لم يقبلوا أن يبقى الوطن شبه وطن ويكون المواطنون دمى ممسوخة، والدولة شبه دولة والحرية شبه ممارسة، وبعدها لأجل كل ذلك استشهدوا ترى ماذا يأتي بعدهم؟". وأضاف:"الجواب: تأتي بعدهم ثورة... ثورة 14 آذار التي آمن ناسها أي المواطنين اللبنانيين مسيحيين ومسلمين بأن لا منتصف لطريق ولا منتصف لشعور ولا لقرار ولا بقاء حيث الجمود والخوف ولا ثأر بل بعض عدالة تطاول من تركوا في الساحة حفراً عميقة، وكل من اعتاد تقطيع لحم الأبرياء قطعاً صغيرة كي لا يختنق ساعة أكلهم". وانتقد"هيمنة سلاح غير ذي شرعية"، معتبراً أن 14 آذار"كانت وما زالت ثورة مؤمنين بالله المتعالي على كل الحروب المندورة على اسمه والجرائم المهداة إليه". واستذكر"شهداء المجازر الإسرائيلية في قانا وغزة وشهداء سورية والمعذبين فيها الذين يرفضون مصالحة السجان وممارساته". وأضاف:"شهداء قانا وغزة لو قيد الله لهم أن ينطقوا الآن لقالوا بوحدة دمائهم مع شهداء المجازر في حمص وكل سورية ولرددوا القاتل قاتل عدواً كان أم صديقاً أم شقيقاً". وتحدثت ملوك محرز"من طرابلس الفيحاء"، فاستذكرت مقتل أمها بالرصاص في طرابلس، وقالت:"الوحش فجّر كبيراً أولاً وثانياً وطالت لائحة الموت، ولم أكن أعلم أن الوحش هو نفسه الذي فجر جسد أمي وفجر أجساد هؤلاء، فإذا به وحش واحد في دولتين، صرت واحدة من 14 آذار للحفاظ على من تبقى منا لنحمي ثورة أربكت البعض إلى حد محاولة إلغائها من التاريخ. وأكدت"أن الثورة لن تهدأ حتى سقوط الوحش". وعبر ميشال حاجي جورجيو عن افتخاره بأنه لاجئ من الأناضول شارك في 14 آذار 2005، ورأى"أن 14 آذار حال سلمية ديموقراطية إصلاحية عربية أممية"، واستعاد مواقف للمفكر سمير قصير في مؤلفه"عسكر على مين"، وحيا كل الذين"جرى إخفاؤهم ونفيهم وكنت أحب أن أذكر ميشال عون لكنه لا يريد أن يتذكر أنه نفي على يد السوريين". وقال:"أنا ابن لاجئ في الأناضول، وأقول للاجئين أهلاً وسهلاً بكم. وأقول إلى كل المنددين بلجوء السوريين إلى لبنان: استحوا. هل نسيتم كيف استقبلونا في حرب تموز 2006؟". ولم يغب رئيس حركة"التجدد الديموقراطي"الراحل نسيب لحود عن الاحتفال فحضر من خلال شريط وثائقي يلخص مواقفه خلال ثورة الأرز وترشحه إلى رئاسة الجمهورية". وفي الشريط المصور الذي اختصر كلمات قيادات قوى 14 آذار، سؤال واحد:"ما هو لبنان الذي تحلم به؟". واعتبر منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد"أن كل من يثبت هوية بلاده وكرامة الإنسان والحرية والديموقراطية هو من 14 آذار"، وقال سمير فرنجية إنه يحلم بلبنان السلام ويتمنى على"14 آذار أن تخوض معركة سلام لبنان كما خاضت معركة استقلاله". أما الياس عطالله فدعا إلى"لبنان الخالي من المحاصصة والزعامات المتحاصصة للدولة". وقالت الوزيرة السابقة نايلة معوض إنها تحلم"بلبنان سيد حر مستقل وديموقراطي وبقضاء قوي. والمعارضة لا تكون بالسلاح والقوة". وقال النائب مروان حمادة إنه يحلم"بعودة رفيق الحريري وعودة لبنان الابتسامة والكرم والكرامة والسيادة والاستقلال"، وأكد السنيورة أن لبنان الذي يريد هو"لبنان قيم الحرية والديموقراطية والدولة القوية القادرة والعادلة التي تحترم جميع أبنائها على أساس الكفاءة لا على أساس ولاءاتهم". ورأى الرئيس الجميل أن"ثورة الارز اثمرت الربيع العربي ربيع الإنسان العربي وإذا لم يحقق هذا الربيع للمواطن العربي طموحاته نكون أخفقنا". وأجاب رئيس حزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع:"هو لبنان القوي، تعبنا من لبنان الضعيف، ولبنان القوي يعني الرئيس الشهيد بشير الجميّل. وهو لبنان الإنماء والعمران والتطور والبحبوحة، مللنا من لبنان التعتير، ولبنان العمران والازدهار يعني الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وهو لبنان الطليعي، ويعني لبنان الشهيد كمال جنبلاط. ولبنان الجذور والأصالة والصلابة والاعتدال، لم نعد نريد لبنان التطرف والسطحية، ويعني الكاردينال البطريرك نصرالله صفير والإمام موسى الصدر، ولذلك نحن مستمرون بالنضال حتى تحقيق كلّ أهداف ثورة الأرز". الوثيقة السياسية وتلا النائب بطرس حرب نصّ الوثيقة بعنوان"من"انتفاضة الاستقلال 2005 إلى انتفاضة السلام 2012"، وقال:"أخطار جسيمة تداهمنا وتحدق بنا اليوم: خطر وضع لبنان في مواجهة النهوض العربي التاريخي الذي بدأ يرتسم مع التحولات الكبرى التي يطلقها الربيع العربي، وخطر تلاشي الدولة جرّاء الهيمنة على قرارها من قبل أطراف سياسية لم تستمد قوتها من صناديق الاقتراع وإرادة أكثرية اللبنانيين، بل من سطوة السلاح الخارج عن الشرعية الوطنية والموجّه إلى صدور اللبنانيين، وتستند أيضاً إلى منظومة وصاية استبدادية هي في طور التداعي وخطر التراجع الاقتصادي وسوء الأداء وتراكم المشكلات وتداعيات ذلك على الاستقرار، وخطر تحويل الانقسام السياسي بين اللبنانيين إلى انقسام من طبيعة أخلاقية بين من يدعم الجلاد ضد الضحية ومن يتضامن مع المظلوم ضد الظالم". وجاء في الوثيقة أيضاً:"في مواجهة هذه الأخطار، يجب أن يتركز الجهد على إعادة بناء وتدعيم ركائز الدولة الواحدة الجامعة... نحن اليوم أمام قرار مصيري: إما انتظار ما يحدث حولنا وتلقي نتائجه ومحاولة التكيف معها وإما المبادرة من أجل تحصين الأرضية الصلبة التي تسمح للبنان بالاستفادة من النهوض العربي لتدعيم تجربة عيشه الواحد ونظامه الديموقراطي وإخراجه من دوامة الحروب الساخنة والباردة وبناء سلامه الداخلي". وتابعت الوثيقة:"السلام الداخلي شرط لبقائنا أحراراً متساوين ومتنوعين، وشرط لإعادة وصل ما قطعته سنوات الحرب وسنوات الوصاية في ما بيننا، وشرط لحماية بلدنا من تداعيات سقوط النظام في سورية، ولبناء دولة تليق بنا ونعتز بها، تنتمي إلى العصر لا يحكمها الخوف والعجز، تستطيع أن ترتكز على قدرات اللبنانيين وتنطلق بهم نحو المستقبل، دولة متسلحة بالحق والسيادة وبقرارات الشرعية الدولية في مواجهة العدو الإسرائيلي لا سيما القرار 1701 بما يؤمن دوراً فاعلاً للبنان في الجهود المبذولة لبناء عالم عربي جديد، ديموقراطي وتعددي... عالم عربي يشبهنا ونشبهه، تحكمه قيم الاعتدال والتواصل والتداول السلمي للسلطة". وأوضحت أن"لهذا السلام الذي ندعو إليه ركيزتين: الأولى من طبيعة أخلاقية، وهي ألا نكرر أخطاء الماضي بالاستقواء بقوى إقليمية أو دولية ولا نقع في فخ المطابقة بين طائفة وحزب يدّعي تمثيلها والنطق باسمها، فلا نحمّل الطائفة بأسرها وزر الأخطاء الجسيمة التي يقع فيها هذا الحزب أو ذاك... والركيزة ثانية من طبيعة سياسية، وهي أن نعيد بناء حياتنا المشتركة بشروط الدولة الجامعة، لا بشروط طائفة أو حزب سياسي أو ميليشيا مسلحة أو وصاية خارجية". ورأت أنه"لهذه الغاية علينا أن نعيد الاعتبار إلى الدولة، بوصفها صاحبة الحق الحصري في امتلاك القوة المسلحة واستخدامها". ودعت إلى"نشوء بيئات وتجمعات عابرة للطوائف توفر شروط التلاقي على ثوابت وطنية مشتركة، وتعيد الأولوية للمشترك السياسي-الوطني على أي عامل آخر، وتثبت المساواة التامة والفعليةَ بين المسيحيين والمسلمين، لكي نستطيع وضع ما التزمنا به في اتفاق الطائف موضع التطبيق، ولا سيما لجهة المناصفة، وصياغة قانون حديث للأحزاب يساهم في تعزيز الحياة الديموقراطية، وقانون عصري للانتخابات".