سَيُقطِبُ حاجِبيه، استنكاراً، ذلك المُلتصقُ عنوةً بقناعِ العلمِ والعلمانية، كما يلتصِقُ الطفلُ بجذعِ أمه، إذا ما استشهدتَ بنَصٍ ديني أو آيةٍ قرآنيةٍ لإثباتِ حقيقة ما أو لتفسيرِ واقعةٍ وقعتْ. فما بالك لو حَدّثتَهُ عن السحر وأثره في حاضرنا وضرورة الإلمامِ به لفكِ ألغازهِ والتَخلُص من قيده. فحتى المؤمنون يمكنهم التواري خلف الخطاب العلمي وهم بذلك يفعلون كما يفعلُ منْ يُديرُ ظَهرهُ لسائقِ القطار ظناً منه أنَّهُ بفعلتهِ تلك يغيرُ اتجاه الرحلة. فكما يعتقدُ الإنسانُ المُسلمُ أنَّ دَوَرانَهُ حول الكعبة في شهر الحج يعفيه منْ كلِّ ذنوبه دفعهً واحدةً، كذلك يعتقدُ انسانُ العصر الحديث أنَّ ارتِداءهُ قفطانِ العلم يوازي تَخَلُصَهُ وبضربةٍ واحدةٍ من آثار الإيمان الديني والإيمان السحري. فعلى سبيل المثال، التزمتْ الماكينة الإعلامية لأنظمة المقاومة والممانعة لعقودٍ عدَةِ خلتْ بعدمِ ذكرِ عِبارة"دولة اسرائيل"مُستخدمةً عِوَضاً عنها عبارة"الكيان الصهيوني الغاصب". بينما ما نشهده الآن هو زوال أنظمة الممانعة والمقاومة واحداً تلو الآخر وبقاء ذلك الكيان الغاصب. كما التزمتْ، في الماضي القريب، أعتى دولتين عسكرياً على سطح الأرض، الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي، بتطوير ترسانتهما من أسلحة الدمار الشامل، وها هما الآن تحاران في كيفية التخلص منْ عبءِ تلك الأسلحة التي ما عادتْ ذات جدوى ولا مجال لاستخدامها عملياً. وفي ذلك ما يُذكرُ بما قاله أدونيس في كتابهِ"الصوفيّة والسوريالية"عن سلطة الوهم وسيادته: وللوهمِ حكمٌ في الإنسان، شأن العقل. ولهذا كانَ أثرُ الوهمِ في النفس أقوى منْ أثرِ العقل، وكان حُكمُ الوهمِ هو الغالبُ على الخلق. * كاتب سوري