سعدت مثل غيري من الإيرانيين بمطالعة افتتاحية صحيفة"كيهان"التي عبرت عن شعورها إزاء أعداء ايران، ودعت الى ضرورة اتخاذ الإجراءات الرادعة لمواجهة الأعمال العدائية التي تستهدف مصالح الشعب الايراني. لكن عندما يدور الكلام على المعاهدات الدولية وموادها وفقراتها، يجب حمل أبعاد هذه القضية محمل الجد. فإساءة تفسير هذه المعاهدات قد يؤدي الى عواقب خطيرة لا يمكن حلها. لذا، اناشد المعنيين بقضية غلق مضيق هرمز مطالعة المعاهدات الدولية ومساعدة اصحاب القرار. ولا يخفى عليّ ان الصحافة ربما لا تكون المكان المناسب لمثل هذه الابحاث والدراسات. واهتمت الاوساط السياسية بقضية العبور من المضائق البحرية، ووضعت المعاهدات والاتفاقيات لتنظيم المرور في هذه المياه مثل قناتي السويس وباناما و 14 مضيقاً آخر في العالم، منها مضيق هرمز. وترهن بنود معاهدة جنيف الصادرة في 1958 أحوال العبور في المضائق بتحديد ملكية مياه المضيق والسيادة عليها، أهي إقليمية أم دولية حرة، ام ان ملكيتها تعود الى عدد من الدول المطلة على المضيق؟ لكن، ثمة شروط للسيطرة على المضيق. وما جاء في المادة الرابعة من اتفاقية جنيف هو مرآة الخلاف بين بريطانيا واليونان على قضية مضيق كورفو. وأجازت المادة هذه عبور السفن الحربية في هذا المضيق، واعتبرت أن مياهه دولية حرة مشرعة على الملاحة الدولية، ولا تخضع لسيادة الدول المتشاطئة عليه. وذهب اتفاق جامايكا في 1982 الى أبعد من ذلك، وسنّ أحكاماً جديدة لعبور السفن وملكية الدول للمياه الاقليمية والدولية الحرة. لكن الولاياتالمتحدة هي الدولة الوحيدة التي لم توقّع على اتفاق جامايكا، على رغم أن بعض مشرعي الاتفاقية يرون انها قاعدة عرفية دولية تسري على كل الدول في الاسرة الدولية. ووفق الاتفاقات المائية والملاحق التابعة لها والتي صادقت عليها إيران منذ 1973، يقع الثلث الشمالي من مضيق هرمز في نطاق المياه الايرانية، وتتقاسم ايران مع سلطنة عمانالمضيق. وتضطر الناقلات الى عبور المياه الايرانية لعمقها، وفي بعض الاحيان تلجأ الناقلات الى المياه الايرانية القريبة من الجزر الايرانية الواقعة شمال المضيق. وعلى رغم موافقة ايران على اتفاق جامايكا، لم يصادق مجلس الشورى عليها الى اليوم. ومواقف بعض القوى البحرية، والولاياتالمتحدة على وجه التحديد، هي في مثابة تحدٍ حقيقي لا يستهان به. فواشنطن تنسب الى نفسها حق عبور المضيق استناداً الى الحقوق العرفية. ولم أحسب أن ايرانوالولاياتالمتحدة لم توقعا على اتفاق جامايكا بعد نحو بعد 30 عاماً على إقراره، ولم أتصور أن ايران تستند في مواقفها الى البنود العامة في"اتفاق حقوق المعاهدات"وليس الى"اتفاق حقوق البحار". ومرد المناوشة العسكرية - القانونية في 6 كانون الثاني يناير 2008 بين قطع من البحرية الاميركية والزوارق الإيرانية الى اختلاف تفسير القوانين السارية على المضيق. ولا شك في أن غلق مضيق هرمز يجب ألا يكون الخطوة الاولى. وتترتب على مثل هذه الخطوة مشكلات قانونية وتبعات سياسية كبيرة. وحري بطهران، إذا شاءت غلق المضيق، مراعاة قواعد القوانين الدولية لتفادي المشكلات القانونية او السياسية. * عن"موقع ديبلوماسي ايراني"الايراني، 15/12/2011، إعداد م. ص.