الملك الحكيم يسبق الجميع في اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت الصحيح، فقد عانت المرأة السعودية من تهميشٍ واضح! ألحق بها الضرر البليغ؟ وعوملت وكأنها من الأحجار الكريمة الصماء، بقولهم إنها «الجوهرة المصون»، ولذلك، يجب إبقاؤها في علب السردين الخرسانية في أبنية متعددة الأدوار! متناسين أن البيئة الطبيعية أيام الرسول «عليه الصلاة والسلام» كانت غير البيئة التي نعيشها الآن... كانت البيوت رحبة، لها ساحات واسعة، تحفها الحدائق، تتيح للمرأة حرية الحركة والمشي والجري وممارسة البستنة وزرع خضراواتها بنفسها وتربية مواشيها ونعاجها وغزل خيوط ملابسها وغير ذلك، فلا تمل من البقاء في بيتها. أما وقد عوملت وكأنها قطعة من أثاث المنزل، يغيِّرُها الرجل وقتما يشاء، مستخدماً حقه في تطليقها بطرق مجحفة، بينما تبقى هي تعاني الأمرِّين، إذا تطَلَّب الأمر مخالعته! وقد يستغرق ذلك سنوات طويلة، ومعاناة طويلة، مع دفع المهر! وربما أكثر، غافلين عن توجيه الله تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). فكان لابد من وضع الأمور في نصابها، وإعادة الاعتبار الطبيعي لها، كعنصر بشري طبيعي، كما فعلت أم سلمة رضي الله عنها حين سارعت إلى الاستجابة لنداء الرسول «صلى الله عليه وسلم»، إذ نادى «أيها الناس...» إلى آخر الحديث، فقيل لها: إنه عليه الصلاة والسلام قال «أيها الناس»، فقالت: وأنا من الناس، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمشورتها. وعلى رغم تسابق الجميع في إلحاق بناتهم في التعليم (بعد أن مانعوا في البداية) إلا أنهم ظلوا ينظرون إليها كعضو بشري ناقص! وإلى درجة تفسيرهم عبارة «ناقصات عقل ودين» تفسيراً حرْفِيّاً، مع علمهم أن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) الآية، بينما التفسير الحقيقي أنهن عاطفيات أكثر، أي عاطفتهن يسبق تعقلهن، أما الدين، أي إمتناعهن عن الصيام في الحيض والنفاس، ولكنهن يقمن بقضاء تلك الأيام، وبذلك يتساوى الجميع، كما ساوى الله بينهم يوم البعث والحشر ويوم الجزاء والحساب، والجنة والنار (ولا يظلم ربك أحداً) وكلنا نعلم أن أحداً يعني الذكر والأنثى، فلا يجوز النظر إليها كناقصة، وهذا ما لا يرضاه الله. وقد أوصى عليه الصلاة والسلام بالنساء خيراً «رفقاً بالقوارير»، كناية عن عاطفتها الرقيقة، وليس لأنها ناقصة عقل، فلا تناقض في خلقه تعالى، ولا في قوله جل شأنه، فجاء قرار الملك الحكيم إمتثالاً لتوجيه الله تعالى، فأعاد الاعتبار لإناث الأمة، وحقهن في صنع القرار تحت قبة مجلس الشورى، والمجالس البلدية، والمقبل سيكون أكثر تألقاً واكتمالاً. ويحق للمرأة السعودية أن تفتخر وترفع رأسها لأنها سعودية، فلا مكان للمتخاذلين ولا للمترددين، فالتخاذل والتردد باديان في جوانب كثيرة، من دون تقديم المتخاذلين والمترددين أي حلول للبطالة المستشرية، ولا لاضطرار الإناث الاعتماد في تنقلاتهن على وافدين ومستَقْدَمين يفتقرون إلى أدنى درجات التأهيل والأهلية! ومن دون معرفة أية سيرة ذاتية، أو شهادة حسن سير وسلوك، فربما هو مدمن مخدرات، أو خريج سجون، أو منحرف، أو شاذ، أو متحرش، وغير ذلك الكثير! ومع ذلك نسلم لهم مقود السيارة ومعه مصائر فلذات أكبادنا وبناتنا ونسائنا (الدرر المصونة) فنبددها على سائقين غير محارم لهن؟ وتحت بنود سدود الذرائع استجرنا من الرمضاء بالنار! آن الأوان لكي نرجع إلى الحق (فماذا بعد الحق إلا الضلال) ويجب التوقف فوراً عن تركهن مع هؤلاء السائقين، والاستعانة بالبدائل المتوفرة لدى كل الأمم، وهي النقل العام، والمترو، وقطار الأنفاق، والقطار المعلق، والسطحي، التي تغطي مجتمعة كل المناطق والأحياء، فلا تحتاج المرأة للوجود مع غير المحرم آناء الليل وأطراف النهار داخل مقصورة مساحتها متر ونصف متر! إلى غير ذلك من الأمور التي يضيق المجال لذكرها. حفظ الله خادم الحرمين وبارك له في عمره، وأثابه الأجر العظيم على ما قدم ويقدم، فهو ملك الإصلاح الذي ابتعث مئات الألوف وأصلح القضاء والتعليم، والإسكان، وقضى على الفساد، وجعل من أمته أمةً يشار إليها بالبنان. [email protected]