يرتقب ان تحمل الأسابيع القليلة المقبلة محطات محورية في رسم الاستراتيجية الأميركية حيال الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي وتحديداًَ، كما تؤكد مصادر أميركية رسمية ل"الحياة"، من خلال"اسلوب التعامل مع مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الخاصة بلبنان". ومع التزام واشنطن النبرة الهادئة في متابعتها الملف اللبناني، ونظراً لانشغالها بأولويات خارجية أكثر الحاحاً في الشرق الأوسط مصر وسورية وليبيا واليمن والبحرين وعملية السلام، تتابع الادارة عن كثب تطور مواقف الحكومة الجديدة. وبعد"خيبة الأمل"، التي عبرت عنها ادارة الرئيس باراك أوباما، من التشكيلة الحكومية والتزامها الصمت في شأن البيان الوزاري، تولي اليوم أهمية قصوى لموضوع المحكمة الدولية"كمحرك أساسي لتقويم استراتجيتها حيال حكومة ميقاتي". وقال مسؤول أميركي ل"الحياة"إن"أفعال الحكومة وخطواتها حيال المحكمة ستكون أساسية في طريقة تعامل واشنطن معها". ونوه بموضوع مذكرات التوقيف بحق المشتبه فيهم كامتحان لمدى التزام الحكومة بروتوكول المحكمة، الذي تبناه لبنان رسمياً عام 2007. وتراقب واشنطن طريقة تعامل الحكومة مع المذكرات وما اذا كانت ستتحرك قضائياً وأمنياً على الأرض لتوقيف"المتهمين"، أو سترضخ للضغوط الداخلية وتغض النظر عن الاجراءات. وعلى رغم تطلع واشنطن الى الحفاظ على التعاون الدفاعي والمالي مع لبنان، ورفضها حتى الآن تسمية الحكومة"حكومة حزب الله"، فان موضوع المحكمة يبقى المؤشر الأهم لمستقبل هذه العلاقة نظراً الى كون المحكمة"هيئة دولية"وتستهدف، وفق الادارة الأميركية،"انهاء مرحلة الافلات من العقاب"في لبنان. وتأتي ورقة الكونغرس لتزيد التعقيدات أمام الادارة في هذا الملف ومع انتهاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، التي ترأسها الجمهورية ايلينا روس ليتينن، من صوغ مشروع قرار يدعو الى وقف المساعدات الى كل من باكستان والسلطة الفلسطينية ولبنان الا في حال اتمام شروط معينة. ومن أبرز هذه الشروط، في النص الذي سربه موقع"فورين بوليسي"، الحرص اولاً على عدم وصول أي مساعدات"لأي عنصر من حزب الله أو أي منظمة ارهابية تشارك في الوزارات السياسية أو الوكالات الحكومية أو لها دور حيوي في الحكومة". ويتمثل الثاني بايجاد آلية داخل الحكومة اللبنانية"لفحص وتدقيق مصير جميع المساعدات الأمنية لمنع وصولها الى جهات غير المؤسسات العسكرية والأمنية". كما يدعو النص الى أن تكون جميع الوزارات التي تتلقى المساعدات"شفافة وتخضع للمحاسبة"، ويحض على"تفكيك البنية التحتية لجميع المنظمات الارهابية ومصادرة الأسلحة غير المشروعة... وبسط الدولة سلطتها على جميع الأراضي"اللبنانية وتطبيق قرارات الأممالمتحدة. ويحمل النص بنداً يشدد على أهمية التعاون مع المحكمة الدولية وأيضاً ضمان أن المساعدات الأمنية للبنان"لا تُستخدم ضد اسرائيل ولن تُساهم في تخطي تفوق تل أبيب العسكري". وفي الجانب العملي يحتاج القرار الى موافقة مجلسي النواب والشيوخ والرئيس الأميركي قبل أن يتحول قانوناً. غير أن شروطه ليست غير مسبوقة وهي تشبه اللهجة التقليدية من الكونغرس حيال الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ 2005. وكانت الادارة ردت في اجتماعات مغلقة وعلنية بتأكيد وجود آلية تمنع وصول المساعدات الدفاعية الى عناصر"حزب الله". ويبدو موضوع المحكمة الخاصة بلبنان كالقاسم المشترك لدى الادارة والكونغرس في تقويم السياسة حيال الحكومة اللبنانية وانتظارهما استحقاقات مذكرات التوقيف والدعم المالي والقضائي قبل رسم شكل العلاقة اللبنانية - الأميركية في المرحلة المقبلة. يبقى ان مصدراً في وزارة الدفاع الاميركية اكد ل"الحياة"ان ليس هناك من زيارة قريبة لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي الى واشنطن لا هذا الشهر ولا الشهر المقبل.