يستوقف المراقبين والمحللين المعاصرين مشهدُ المنافسة الاقتصادية بين العملاق الآسيوي والقوى الاقتصادية الاوروبية. ويفسر كثيرون أن المنافسة ليست جديدة ولا مفاجئة. ففي أواخر القرن الثامن عشر أقبل البريطانيون على تناول الشاي الصيني بشره أدى الى خلل الميزان التجاري بين البلدين. وألزمت الصين مستورد الشاي النهم تسديد ثمن وارداته فضة، عداً ونقداً. فلم يلبث بنزيف الفضة أن أرهق الخزينة البريطانية. وبحث البريطانيون عن سلعة ينتجونها هم في مستعمراتهم وقد يرغب الصينيون في استهلاكها واستيرادها وتسديد ثمنها لقاء الذي يتقاضونه عن مبيعاتهم من الشاي، فاختاروا نباتاً يزرعونه في بعض مناطق الهند هو الأفيون. وفي غضون العقود التسعة التالية، زاد استهلاك الصينيين من الافيون 12 ضعفاً. وهو كان 75 طناً في أوائل القرن التاسع عشر، فبلغ 900 طن في ثلثه الاخير. وفي 1839، أراد محافظ ولاية كانتون الصينية ردع تجار الافيون وقطْع دابر استيراده، فحجر على آلاف الصناديق، وراسل الملكة فيكتوريا وأبلغها عزم بكين على حظر الاستيراد، فرد بالمرستون، وزير الخارجية، بإرسال اسطول حربي الى السواحل الصينية. واستولت البوارج على كانتون وجوارها من غير عسر. وسوغ بالمرستون اجراءه العسكري بإرساء سياسة التجارة الحرة في الامبراطورية البريطانية وخارجها. وسمَّت صحيفة ال"تايمز"اللندنية العملية"حرب الافيون". وندد النائب الشاب، ورئيس الوزراء المقبل، ايوارت غلادستون، برفع العلم البريطاني على سفن حربية تقوم بأعمال قرصنة في خدمة تجارة حقيرة ودنيئة. واضطرت الحكومة الصينية، في 1842، الى التوقيع على اتفاقية نانكين، التي تعهدت بكين بموجبها تسديد 20 مليون دولار نظير 500 مليون دولار في عملة اليوم تعويضات ورسوماً الى لندن، وفتح 5 موانئ أمام سفنها، الى سيادتها على هونغ كونغ. وشنت فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، بعد انقضاء 12 سنة على معاهدة نانكين، حرب أفيون ثانية على الصين، وحملت الامبراطورية الوسطى على توقيع معاهدة بكين، في 1860. وألزمت المعاهدة الثانية الصين بفتح موانئ أخرى بوجه الاستيراد، وتسديد تعويضات أخرى، والاقرار بتجارة الافيون. وأدت السياسة المهينة هذه الى سقوط سلالة كينغ، وشقت الطريق الى الحرب الاهلية، والى الثورة الشيوعية في نهاية المطاف.