القدس المحتلة - ا ف ب - كشف تقرير للتلفزيون الاسرائيلي كيف غطى كبار المسؤولين الاسرائيليين على اعدام جهاز الامن الداخلي (الشين بيت) فلسطينيين شاركا في اختطاف حافلة اسرائيلية قبل 27 عاما. ففي 12 من نيسان/ابريل 1984 قام اربعة فلسطينيين من قطاع غزة ينتمون الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومسلحين بالسكاكين بتحويل مسار حافلة من حافلات الرقم 300 على خط تل ابيب-اشكلون وعلى متنها اربعون راكبا. وبعد ان طاردتها عدة سيارات عسكرية توقفت الحافلة بالقرب من مخيم دير البلح وسط قطاع غزة. وطالب الخاطفون بتحرير 500 اسير فلسطيني في اسرائيل مقابل اطلاق سراح الرهائن. وفي اليوم التالي للاختطاف قامت وحدة نخبة اسرائيلية بقيادة الجنرال اسحاق مردخاي بالتدخل مما ادى الى مقتل جندية اسرائيلية واثنين من الفلسطينيين الاربعة المهاجمين. ووجدث جثة الفلسطينيين الاخرين وهما ابنا العم صبحي ومجدي ابو جامع في ما بعد. واعلن الجيش الاسرائيلي وقتها انهما توفيا نتيجة لاصاباتهما. ولكن تبين في الحقيقة انه تم القبض عليهما وهما احياء ثم قتلا بدم بارد بالضرب باعقاب البنادق وقضبان الحديد بناء على اوامر من رئيس الشين بيت افراهام شالوم. ولسوء حظ الشين بيت التقط المصور الاسرائيلي اليكس ليفاك صورة تظهر عملاء الشاباك يقودون مجدي وصبحي ابو جامع وهما على قيد الحياة ومكبلان الى حتفهما، في حين كان العملاء يحاولون منعه من التقاط الصورة. ونشرت صحيفة حدشوت الاسرائيلية هذه الصورة وتعرضت بعدها للعقاب كونها اخترقت امر الرقابة العسكرية. واثارت قضية الحافلة 300 زخما اعلاميا وتوجه ثلاثة من مسؤولي الشين بيت وهم رؤوفين حازاك وبيليغ راداي ورافي مالكا،الذين كانوا غاضبين من هذا التصرف ومن اكاذيب رئيسهم، للتشاور مع رئيس الوزراء في حينه شيمون بيريز. وقال حازاك في مقابلة بثتها القناة التلفزيونية الاسرائيلية العاشرة الاحد، "قال لنا (بيريز، الرئيس الحالي لاسرائيل) انه يتوجب علينا باي ثمن التغطية على افراهام شالوم". وكانت النتيجة اتهام اسحاق مردخاي الذي ضرب الرجلين بعقب بندقيته ظلما بقتلهما قبل ان تتم تبرئته من التهمة في وقت لاحق. ويقول مردخاي بمرارة "رئيسا الوزراء بيريز وشامير كانا على علم بالحقيقة. ولكنهما كانا مستعدين للتضحية بجنرال ووضعه في السجن لفترة طويلة من اجل انقاذ الشين بيت". وحصلت لقاءات سرية وخدع وتمويه واكاذيب وعمليات تنصت وضغط للتغطية على العملية. وفشلت لجنتا تحقيق متعاقبتان في الكشف عن الحقيقة. ولكن حازاك وراداي ومالكا اصرا على موقفهم وعلى المطالبة باستقالة شالوم الذين اتهموه "بتدمير الشين بيت" وبتدبير مؤامرة ضد الجنرال مردخاي. والتقى الثلاثة وقتها المستشار القانوني للحكومة اسحاق زامير والمدعية العامة دوريت بينيش. وبعدها بدا تحقيق جنائي ضد افراهام شالوم. وقالت بينيش التي تشغل اليوم منصب رئيسة المحكمة العليا في البرنامج "اكتشفنا قوة الشين بيت المفرطة وراينا كيف من الممكن ان تكون هذه القوة خطرة على بلادنا". واجبر زامير على الاستقالة لرفضه ترك التحقيق وتولى خلفه يوسف هاريش عام 1986 القضية. ولكن بسبب رغبة شامير في اغلاق الملف، منح ابراهام شالوم واربعة من عملائه عفوا رئاسيا من رئيس اسرائيل في وقتها حاييم هرتسوغ. وفي اعتراف مسجل قال عميل الشين بيت ايهود ياتوم عن الفلسطينيين الاسيرين "حطمت رأسيهما بقضيب الحديد" بنا على اوامر رئيسه المباشر افراهام شالوم. واصبح ياتوم لاحقا نائبا عن حزب الليكود اليميني. ومن ناحيته، اعترف شالوم "لو كنت عرفت انه تم تصويرهما احياء لما اعطيت الامر الغبي بقتلهما".