تحية إلى مصر وشبابها هكذا، بوجوه كوضح نهار كشهقة فجر في حنجرة الظلام أيقَظوا أياماً من سُباتها، ريحاً من غفوتها هكذا، بهتافات تغسلُ الصدأ تشقُّ صدرَ الصدى وقبضات ترفع سقف الشرق/ تمنع سقوط السماء جَزّوا رقاب الصمت أشعلوا محركات هواء معطل فتحوا خزائن القهر شاخ الدهر وما شاخت لهم أحزان هم الساحة والميدان حبَّةُ المسك في ذخائر الأمهات وفلذةُ الروح في كبد البلاد لهم هتفت بساتينُ الدنيا ونبضاتُ مدن مسيجة بأنين الفقراء. *** هكذا، بابتسامات شهداء "يسقطون"الى أعلى يصعدون سلالم الروح بسُمرة ناحلة ونخوة الينابيع بأمنيات مبلّلة بالموسيقى وقناديل مضاءة بزيت السلوان أوقَدوا ناراً في صقيع الفزع برداً وسلاماً على كل عراء أعادوا مياه الوجه الى مجرى كرامتها والأحلام الى رُشدها. *** هكذا، أنقياء كطفولة الورد وبراءات الندى كشامة فرح على وجنة النسيم أو ضحكة شمس على خد الصباح لا حاجةَ لمن يفسّر أحلامهم هم أدرى بالمدى والميدان ضحكاتهم جنائن معلّقة أصواتهم شجرُ يناير ربيعٌ مُتفتح في أكمام الشتاء لا قائد سوى ريعان الشباب ومعالي الضمير ومصر المحروسة بالنذور والآهات بتمائم الفجر وصلوات العطر بهدايا الغيم وصايا الشهداء نيلها وفيٌّ لضفافه ومجراه لمائها أمنياتٌ لا تشيخ لنهرها سمفونية البقاء. في أكفهم المرفوعة سطورُ غد وحكايا الجدات للأحفاد على الجباه السمر أوشام صبر ما يَبس دمعٌ في محاجرهم ولا نامت على وسائدهم شهوات التراب نسائم القلب تلاعب سهول القمح بين أهدابهم ناعمةٌ آمالهم مثل قطن تقطفه أيد خشّنها طول الانتظار قلوبهم خضراء خضراء للظلم مخالب وأنياب للعدل أكفُّ عاصفةٍ تهبُّ/ تصفع وجه الطغاة. *** لهم همهمة الأماني تحت جلد الأغنيات حداء الطفولة على أَسرّة الغيم خُضرة الأنفاس في رئة الحياة كأنهم سلالة الضوء صفوةُ اللهب في قسماتهم أناشيدُ زهر على الوجوه فضة التعب في هتافاتهم هدير شعب غزير العُشب والطرائف رغم شحوب الأيام. *** هذي أم الدنيا ما اعترى جبينها ضيقٌ ما بلغت سن يأس ولا جفَّ في رحم غدها ماءُ حياة تُمهلُ ولا تُهمل ولاّدةٌ ، ولاّدة في مخاضها آلام ٌ تسبق جنين الشمس طلقة ضوء تثقب سواد الأحزان صرخة مولود تشق صدر التوجس تُعلن قيامة نهر تدحرج صخرة الأوهام. *** هذي أم الدنيا على رأسها قوسُ الزمان في ضفائرها جدائلُ الريح وفي ساعديها سوارُ الغضب تنادي بنيها أنْ هلموا لقطاف جمر الفتوّة ونشوة الندى. تفتح رمان الأسى في الساحات اخضرّ إسفلت الشوارع ضَحكت الشرفات جاء الحقُّ، زُهق الباطل هبّ شعبٌ بأسره وأسراره الى شَم نسيم...الحرية.