دفعت تداعيات قرار تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، السجالَ السياسي الداخلي الى ذروة جديدة من التصعيد، بعد اتهام الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله"تيار المستقبل"بالتحريض المذهبي، ومطالبته ميقاتي باسم"وطنيته وسنّيته"بأن يضع على جدول أعمال مجلس الوزراء ملف شهود الزور ويعمل لتحقيق مطالب زعيم"تكتل التغيير والإصلاح"العماد ميشال عون. راجع ص 7 وشمل الجدل المتصاعد معطيات كثيرة حول كيفية اتخاذ قرار التمويل، وقالت مصادر رسمية إنه سبق تحويل ميقاتي حصة لبنان إلى المحكمة الدولية زيارات قام بها لدمشق كل من شقيقه رجل الأعمال طه ميقاتي، وزير الصحة علي حسن خليل مع المعاون السياسي للأمين العام ل"حزب الله"حسين الخليل، النائب سليمان فرنجية ووزير الطاقة جبران باسيل، يوم الأحد الماضي. وإذ طرح مطلبا السيد نصرالله تحديات على الحكومة تزيد من تعقيدات الأزمة السياسية في البلاد، نظراً الى أن الهدف من مطلب فتح ملف شهود الزور الوصول الى ادانة موظفين كبار مدعومين من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وأن تحقيق مطالب عون يشمل إعطاءه حصة الأسد في التعيينات الإدارية المتنازع على الحصص فيها، بعد ان افتدى التمويل بقاء الحكومة، فإن ردود الفعل المرحّبة بقرار ميقاتي تحويل حصة لبنان من موازنة المحكمة استمرت أمس. وردّ المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري على خطاب نصرالله، مفنداً عدداً من مواقفه، واعتبر ان"ألف خطاب مثل هذا الخطاب لن يلغي اعتراف الدولة اللبنانية بالمحكمة ومسارها"، إزاء قول نصرالله إن المحكمة اسرائيلية وأميركية ومسيَّسة. وكرر بيان مكتب الحريري مراراً أن نصرالله"منزعج"من"تيار المستقبل"ومن الحريري وحجمه السياسي، و"لأن التمويل حصل وهو ساهم في حصوله". واعتبر أن الأمين العام ل"حزب الله""حاول أن يضفي على حملات تيار المستقبل السياسية ونوابه لباساً طائفياً ومذهبياً حاجباً حقيقة أنها خلاصة لمواقف وطنية تعبّر عن رفض شريحة كبيرة من اللبنانيين هيمنة السلاح". وأشار مكتب الحريري الى"مرارة غير مسبوقة"لدى نصرالله. وانتقد الحريري مطالبة نصرالله رئيسَ الحكومة"بمقايضة تمويل المحكمة بدفتر شروط يضع البلاد من جديد في مناخ الاحتقان السياسي الذي يدعي صاحب الخطاب التبرؤ منه". وسأل:"كيف تغطي قيادة الحزب وأمينه العام ومجلس الشورى فيه تمويل محكمة يقولون إنها اسرائيلية". وتوالت ردود الفعل على كلام نصرالله، فسأل رئيس حزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع:"لو كانت المحكمة كما تدّعون أميركية ? اسرائيلية ومسيّسة، ألم يكن من المفترض أن تستقيل أكثريتكم فيصبح الرئيس ميقاتي مستقيلاً وبالتالي لا يعود في إمكانه تمويلها؟". وقال إن"لسورية دوراً كبيراً في التمويل"، معتبراً أن نصرالله"اعتمد على اللامنطق ليبرر موقفاً تكتيكياً"، ورأى أن"لا وجود لملف شهود الزور، وأن وُجد فهم من أرسلوهم، فأين هسام هسام وأكرم مراد؟ ولماذا لا تتم محاكمتهم في سورية؟". ومساء، قال ميقاتي أثناء افتتاحه معرض الكتاب العربي، إنه بقراره تمويل المحكمة"انتصر لبنان، والانجاز الحقيقي يتحقق عندما يفي المجتمع الدولي بكل التزاماته تجاه لبنان". من جهة ثانية، وقع انفجار أمس في أحد الأحراش بين بلدتي صريفا ودير كيفا في جنوبلبنان تبين انه نتيجة قيام طائرة استطلاع اسرائيلية بتفجير جهاز تنصت زرع في المنطقة للتجسس على شبكة الاتصالات. وأعلن"حزب الله"في بيانٍ أن"المقاومة الإسلامية أحبطت عملية تجسس اسرائيلية، إذ اكتشفت جهازاً اسرائيلياً على خط السلكي في الوادي الواقع بين بلدتي صريفا ودير كيفا قبل أن يقوم العدو الصهيوني بتفجيره بواسطة طائرة استطلاع من الجو"، مؤكداً أن"أياً من مجاهدي المقاومة لم يصب بأذى جراء التفجير".