"يجسّد عطر أوم روح.. الرجل، السفير الرياضي، قائد الموضة والأسلوب الرياضي، الأب والزوج، والذي جاء مزيجاً من النفحات الخشبية النقية والأنيقة، إذ ينطلق العطر بنفحات نضرة من الحمضيات والصنوبر والزنجبيل، مع لمسة للفلفل الحار. وفي صميمه نجد تداخلاً من خشب الكشمير والجلود والروزماري الذي يشكل جاذبية رجولية آسرة. ثم ينتهي العطر مع أساس من خشب الماهوغني والبتشولي والمسك.."هكذا، بلغة ساحرة، تم تقديم عطر يحمل اسم لاعب كرة قدم أبواب التقاعد والاعتزال اسمه ديفيد بيكهام. هذا العطر ظهر منذ أيّام في أسواق الزينة والعطور، وحظي باهتمام الجمهور الواسع، فهو يحمل اسم بيكهام، اللاعب الذي كلّما اقترب من تعليق حذائه، إلاّ انهالت عليه العروض من أندية كبيرة، رغم إدراكها أنّه لم يعد كما كان قبل 15 عاماً. ظهر العطر في توقيت أعلن فيه بيكهام قراره القاضي بمغادرة النادي الأشهر في أميركا، غلاكسي لوس أنجلس، بعد حيازته لقب الدوري هناك.. وبدأت المزايدات بين أندية أوروبا واليابان والصين وربّما الخليج، لضمّ المدلل الانكليزي.. ولكنّ العرض الأقوى كان من نادي باريس سان جيرمان الذي استغلّ عشق فيكتوريا لمدينة الجنّ والملائكة، باريس، فقدّم له عرضاً يسيل اللعاب، ولا يمكن للاعب يقترب من الاعتزال رفضه، مليون دولار للشهر كما أفاد بذلك بعض المصادر، بينما تتحدث ألسنة النميمة عن أرقام مذهلة، لا أعتقد أن المالك القطري ساذجاً إلى الحدّ الذي يجعله يعامل لاعباً"منتهي الصلاحية"مثل أيّ لاعب جاهز للخدمة، لو لم تكن الحسابات تتجاوز المستطيل الأخضر.. إنّ الثنائي الخليفي وليوناردو يدركان أن الحلّ في جعل باريس سان جيرمان، من أندية الدرجة الأولى الأوروبية، يمرّ عبر تطهيره من العناصر التي لا يتجاوز أفقها برج إيفل أو ساحة فان دوم.. وهو ما أدّى إلى إزاحة كومباوري وتعويضه بالإيطالي أنشيلوتي، وجلب البرازيلي هيلك من نادي بورتو، كقفزة فنية لتحسين الأداء، وبلوغ مستوى أكبر أندية أوروبا، برشلونة والريال ومانشستر ويوفنتوس وبايرن وأياكس.. لأن باريس تستحق فريقاً كبيراً، وعليها ألا تكتفي بدور الكومبارس في المشهد الأوروبي.. وهذا أيضاً لا يكون إلاّ بخلطة فرنسية، إيطالية، أرجنتينية، برازيلية، إنكليزية، برعاية المال القطري. المعادلة تقتضي، كما أتصوّر، أن يكون لفريق باريس سان جيرمان، وجهان، الأول أن يضم لاعبين قادرين على مقارعة أندية قوية، ووجه دعائي لترقية وتلميع صورة النادي من خلال جلب بيكهام الذي تتلهف عدسات البابارازي لملاقاته، وهي التي أكلت رأس أميرة القلوب ديانا قبل 14 سنة. إنّ باريس تشعر بالحرج أمام العواصم الأوروبية الأخرى، كونها لا تملك فريقاً يمنحها التألق اللازم كما هو الشأن بالنسبة لمدريد أو روما أو لندن.. لهذا فإنّها مدينة لقطر بهذه المنّة، لأنها لم تأت لتستثمر في فريق له تاريخه، أو تحقق من ورائه مكاسب مالية وسياسية، ولكن لدواعٍ إنسانية .. كون باريس التي تعدّ واحدة من عواصم العالم، يفد إليها السياح من كل القارات، فيزورون برج إيفل ومتحف اللوفر والشانزيليزيه، لكنهم لن يشاهدوا مباراة لفريق بحجم برشلونة أو الريال.. فكان الحلّ في إجراء عملية جراحية بالغة الدقة في تركيبة النادي، تقتضي المزاوجة بين الحاجة إلى لاعبين يرفعون تحدي التفوّق أمثال باستوري، وآخرين يرفعون تحدّي التألّق أمثال بيكهام، وبينهما على الفرنسيين أنّ يفهموا حقيقة مرّة، هي أنّ اللعب مع الكبار لن يكون بالمجان.. وأنّ باريس التي تسحر الناس بمعالمها السياحية، ينقصها فريق لكرة القدم، وهو عنوان العولمة الجديد. [email protected]