أعلن فريق دولي من الباحثين أن فك رموز الخارطة الجينية للإنسان النياندرتالي يشير الى نقاط مشتركة مع الانسان المعاصر ويكشف سمات جينية فريدة خاصة بالبشرجميعاً. ويعود بين واحد وأربعة في المئة من الخريطة الجينية للانسان 2 في المئة من الجينات الى الانسان النياندرتالي. وظهر هذا الكائن الذي يعتبر اقرب الكائنات الى الانسان المعاصر، قبل 400 ألف سنة واختفى عن الوجود قبل ثلاثين ألف سنة. وقال المشرف على الدراسة التي بدأت قبل أربع سنوات ريتشارد غرين انه"يمكننا القول على ما يبدو ان عملية انتقال جينية حصلت بين الانسان النياندرتالي والانسان المعاصر". ويقدّر العلماء أن تكون عملية الانتقال قد حصلت قبل خمسين الى ثمانين الف سنة، في الغالب حين غادرت أول جماعات من الانسان المفكر مهد الانسانية افريقيا، لتلتقي الانسان النياندرتالي في منطقة الشرق الاوسط قبل ان تنتشر في منطقة أوراسيا. وما يدعم هذه الفرضية وجود جينات نياندرتالية في الخريطة الجينية لدى أشخاص من أصل أوروبي او آسيوي وليس لدى الأشخاص من أصل افريقي. واضافة الى ذلك، لم يعثر على أي جينة مشتركة مع الانسان النياندرتالي الذي تم تفكيك رموز خارطته الجينية انطلاقاً من الحمض النووي المستخرج من بقايا عظام اكتشفت في كرواتيا عمرها بين 38 و44 ألف سنة وتعود الى ثلاث إناث. وقارن الباحثون الخارطة الجينية النياندرتالية مع الخارطة الجينية العائدة لخمسة افراد من البشر المعاصرين من افريقيا الجنوبية والغربية ومن فرنسا والصين وجزيرة بابوازيا غينيا الجديدة. وقارنوا ايضاً الخارطة الجينية النياندرتالية مع خارطة القرد الجينية التي تشبه بنسبة 98.8 في المئة من جيناتها خارطة الانسان الجينية. وأظهرت النتائج تطابقاً بنسبة 99.7 في المئة من الجينات بين الانسان النياندرتالي والانسان المعاصر وبنسبة 99.8 في المئة من الجينات أيضاً بين الانسان النياندرتالي والقرد. ويعود الجد المشترك للقرد والانسان النياندرتالي الى خمسة أو ستة ملايين سنة. وخلص الباحثون الى ان الانسان النياندرتالي والانسان المعاصر انفصلا خلال تطورهما في مرحلة تعود الى 270 ألف سنة و440 الف سنة. كما انهم اشاروا الى الشبه الكبير بين الجنسين. لكن المثير للاهتمام خصوصاً هو نقاط الاختلاف. ولاحظ سفانتي بابو مدير قسم علم الوراثة في معهد ماكس بلانك في المانيا ان"تفكيك رموز الخارطة الجينية للانسان النياندرتالي يتيح لنا البدء بتحديد السمات التي يختلف فيها الانسان المعاصر عن كل الكائنات الحية على الارض، بما فيها أقرب الكائنات اليه". ومن بين الأجزاء العشرين في الخارطة الجينية البشرية التي تشير بشكل واضح الى عملية الانتقاء الطبيعي الايجابي خلال التطور، تمكن الباحثون من عزل ثلاث جينات يرتبط تغيرها بشكل مباشر بالنمو المعرفي والعقلي. وترتبط التغيرات في هذه الجينات أيضاً بحالات انفصام الشخصية وتثلث الصبغية 21 والتوحد. أما أجزاء التباين الأخرى بين الخارطة الجينية للانسان المعاصر والانسان النياندرتالي فترتبط بالأيض وبنمو عظم الطوق والجمجمة والقفص الصدري.