لم يحط بأفغانستان بعد غير نحو نصف عدد القوات التي طلبها أوباما في كانون الأول ديسمبر الماضي. وتفصل القوات عن موعد ابتداء الانسحاب 14 شهراً. وعلى سبيل المقارنة، انقضت خمسة أشهر على زيادة القوات الأميركية في العراق، في 2007، حين ظهرت دلائل على نجاح الخطوة: فتراجع العنف الطائفي، وانقلبت القبائل السنية على"القاعدة". وأما في أيار مايو 2010، فلم يلح بأفغانستان تغيير. والمناطق التي دخلها الجنود الأميركيون مثل مرجه، بهلمند، لم يخلها أنصار طالبان، ولم تتولَّ ادارتها سلطة أفغانية فاعلة. وتشهد قندهار هجوماً حاسماً تقلل الاغتيالات، ورفض كرزاي إزاحة شقيقه الفاسد من موقعه وسيطاً محلياً فرص نجاحه وإفضائه الى خطة سياسية متماسكة. والى هذا يدعو، ربما الى التشاؤم التجاذب بين القادة العسكريين الأميركيين وبين الحلفاء والديبلوماسيين الذين يتعهدون استراتيجية أوباما. وليس بين المسؤولين المدنيين الأميركيين الكثر، المكلفين التعامل مع كرزاي، من حاز ثقته. وليس فيهم من هو على وفاق مع القائد العسكري الأميركي، الجنرال ستانلي ماكريستال. ويذهب مسؤول أفغاني الى أن"الهوة بين كبار القادة المدنيين بين المستوى السياسي لم تكن يوماً أوسع منها اليوم، ورأس المشكلة مع كرزاي. فالرئيس الأفغاني لا تدعوه مصلحة فعلية الى بناء حكومة حديثة، وقاوم السعي الأميركي في انشاء سلطات اقليمية ومحلية مسؤولة. وهو يرى نفسه وسيطاً، وغايته تقتصر على وقف إراقة الدم. وأخفق أوباما في تدبير الشطر الأميركي نفسه. فكارل ايكنبري، الجنرال المتقاعد والسفير بكابول، علاقته بكرزاي معطلة، وقد تكون علاقته بماكريستال أشد سوءاً. وعارض ايكنبري انشاء ميليشيات محلية بقندهار، وعرقل خطط تنمية محلية. وهذا على خلاف الحال في العراق حيث لم تخرج الى العلن خلافات بين باتريوس والسفير كروكر. ويتساءل المحلل في"مركز الأمن الأميركي الجديد"، أندروا إكسوم،"هل السفير الاميركي في كابول، أم الممثل الخاص في أفغانستان وباكستان، هو محاور السياسيين الأفغان الفعلي؟ وهل تؤيد السفارة الأميركية بكابول حملة مكافحة التمرد تأييداً كاملاً؟". وجواب السؤال الأول مبهم، والثاني النفي. وعليه فأول ما على أوباما فعله، لإنقاذ خطة زيادة القوات الأميركية في أفغانستان، هو الجواب عن السؤالين. * صحافي، عن"واشنطن بوست"الأميركية، 14/5/2010، إعداد حسام عيتاني نشر في العدد: 17211 ت.م: 19-05-2010 ص: 26 ط: الرياض