في تحول هو الأكبر في السياسة الأميركية النووية منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، وضعت ادارة الرئيس باراك أوباما معايير جديدة لاستراتجيتها النووية، متعهدة من جهة"عدم تطوير أي رؤوس نووية جديدة"وعدم استخدام السلاح النووي ضد التهديدات"غير النووية"، لكن مع توجيه رسالة صارمة الى إيران وكوريا الشمالية باستثنائهما من هذه العقبة ولخرقهما المستمر لاتفاقية مكافحة الانتشار النووي. ووضعت الإدارة الأميركية في أولوياتها حماية حلفائها وتقوية نظام"ردع إقليمي"ضد أي مخاطر نووية. وفي تقرير يعيد صوغ العقيدة النووية الأميركية ويقع في 72 صفحة، أخذت إدارة أوباما المنعطف الأكبر منذ رئاسة جورج بوش الأب وانتهاء الحرب الباردة، بإعلانها أنها لن تلجأ الى السلاح النووي الا"في حال الضرورة القصوى"للدفاع عن مصالحها ومصالح حلفائها الحيوية وأنها"تتعهد عدم استخدام السلاح النووي في وجه البلدان غير النووية"، وهو ما لم تلتزم به إدارات سابقة واحتفظت بالخيار النووي في وجه هجمات كيماوية أو بيولوجية تستهدف الولاياتالمتحدة. الا أن المراجعة تتضمن استئناء محوريا، وهو إبقاء خيار الضربة النووية في وجه البلدان التي لا تلتزم بمعاهدة مكافحة الانتشار النووي. وقالت الخبيرة في معهد العلوم والأمن الدولي جاكلين شير ل"الحياة"أن عقيدة أوباما النووية تستثني دولا مثل"إيران وكوريا الشمالية"وتحفتظ بحق استهدافهما لعدم التزامهما بالاتفاقية، اذ يشير التقرير الأميركي بوضوح الى أن"خرق كل منهما للأعراف الدولية ونشرهما أسلحة ومواد خطرة وزعزتهما للأمن الإقليمي، أمور تخلف تداعيات أمنية مضرة بالولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي". والى جانب سعي واشنطن الى استكمال عزل إيران والضغط عليها اقتصادياً، أكد وزير الدفاع روبرت غيتس أن العقيدة الجديدة تلتزم"بتقوية نظام الردع الإقليمي"للتعامل مع هكذا تهديدات وتلتزم بحماية أمن حلفاء الولاياتالمتحدة. وأوضح غيتس ان العقيدة الجديدة تقلص الظروف التي يمكن فيها للولايات المتحدة استخدام السلاح النووي، لكنها لا تشمل دولاً مثل ايران وكوريا الشمالية بسبب رفضها التزام بنود معاهدة الحد من الانتشار النووي. واضاف"جميع الخيارات مفتوحة بالنسبة الى الدول التي تدخل في هذا التصنيف". ويأتي التقرير عشية توجه الرئيس باراك أوباما الى العاصمة التشيكية براغ حيث ألقى خطابه لمكافحة الانتشار النووي العام الماضي أكد فيه رغبته في الوصول الى عالم خال من الأسلحة النووية. ويوقع اوباما في براغ الخميس، معاهدة"ستارت 2"مع نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف. ويلي ذلك استضافته لقمة الأمن النووي في واشنطن الاثنين المقبل والتي ستحضرها 47 دولة الى جانب الولاياتالمتحدة. ورأت شاير أن المراجعة الجديدة للسياسة النووية الأميركية تعكس التحول في ذهنية واشنطن وأسلوب التعامل مع تحديات القرن الحادي والعشرين، بالابتعاد عن مناخ الحرب الباردة حين كان تعزيز الترسانة النووية يستهدف روسيا والصين، الى اعتبار الإرهاب النووي يمثل"الخطر الأكبر والفوري"في وقت يسعى تنظيم"القاعدة"وحلفاؤه الى الحصول على أسلحة ذرية، كما أشار التقرير. ويعطي التقرير أولوية في السنوات المقبلة ل"محاولة إقناع المزيد من الدول بالتخلي عن السلاح النووي ومنع مجموعات إرهابية من امتلاك قنابل نووية أو مواد لتطويرها". أما بالنسبة الى الترسانة النووية الأميركية، فتؤكد أن واشنطن ستحتفظ بهذه الترسانة"طالما هناك أسلحة نووية". ويؤكد التقرير ضرورة امتلاك الولاياتالمتحدة القدرة العسكرية التقليدية"الأضخم ومن دون منافس"كما يشدد على إدخال تحسينات على قدرات الردع الصاروخية لديها، ويضيف بأن"التغييرات في بيئة التهديدات النووية غيرت سلم الأولويات في استراتيجتنا النووية وأهدافها، سعياً الى علاقة مستقرة استراتيجية مع كل من روسيا والصين". نشر في العدد: 17169 ت.م: 07-04-2010 ص: الاولى ط: الرياض