رأى أوباما أن التوقيع على معاهدة"ستارت 3"، على ما يسميها الروس، انتصار للجانبين، الروسي والأميركي، وتالياً للمجتمع الدولي. وفيما سمى أوباما ميدفيديف"الصديق والشريك"، كان الروس أكثر حذراً. واقتصر بوتين على تسمية أوباما ب"الزميل". وترث معاهدة"ستارت 3"روحيّة معاهدات نزع السلاح بين الاتحاد السوفياتي والولاياتالمتحدة إبّان الحرب الباردة. والاتفاقات السابقة حدت من السباق النووي. والسباق اليوم ليس وارداً و"ستارت 3"في المعنى العسكري والتقني، لا طائل منها. والصناعة العسكرية الروسية في أزمة عميقة وربما مميتة، فنصف الموازنة العسكرية تنفق على الصواريخ النووية الجديدة، ولكن الاختبارات على صواريخ"بولافا"كانت فاشلة وتطوير"توبول"بطيء جداً. ومن ناحية أخرى، يستحيل إنتاج القاذفة الاستراتيجيّة، توباليف 160، انتاجاً صناعياً. وفيما تضطر روسيا اليوم إلى إحالة قاذفاتها وصواريخها السوفياتية القديمة إلى التقاعد، يسعى البنتاغون في تمديد خدمة قاذفاته وصواريخه الى 2030، ويرجئ تطوير جيل جديد من الصواريخ الاستراتيجية. وعلى هذا تتبوأ معاهدة ستارت مكانة عالية في نظر القادة الروس فهي تضمن الحفاظ على التوازن النووي مع الولايات المتّحدة. ومن غير ردع نووي، تتخوّف موسكو اقدام الولايات المتّحدة على فرض قيم غريبة علينا مثل الديموقراطية وحرية التعبير والقضاء المستقل، وتقويض الأسس التي تقوم عليها الدولة الروسية. ومن حسن الطالع أنّ أوباما أعلن سعيه في النزع الشامل والكامل للسلاح النووي. وهذا ما استفاد منه الطرف الروسي. وحاول عبثاً، إقناع الاميركيين بالعودة عن نشر نظام الدفاع الصاروخي الاستراتيجي وهو يهدد التوازن النووي في المستقبل. وعليه اعلنت روسيا ببراغ، من جانب واحد، احتفاظها بحق الانسحاب من معاهدة"ستارت 3"اذا رأت أن شكّل بناء الدفاع الصاروخي يهدد القدرات النووية الاستراتيجية الروسية. والحق أنّ موسكو لا تخشى نظام الدفاع الصاروخي على قدر ما تخشى أن يفشل التصديق على المعاهدة في الكونغرس جراء اعتراض بعض الجمهوريين. وقد يرتبط التصديق على المعاهدة بأمور أكثر أهمية. أوباما طلب الى ميدفيديف اسهام روسيا في عقوبات جديدة على ايران، وقد يؤثر سلفاً في التصديق وفاء موسكو، في نهاية المطاف، بوعدها الى ايران بيعها 6 أجهزة من نظام اس اس - 300. وتتصل بالمسألة معالجة العلاقة بجورجيا، وموقف السلطات الجديدة في قيرغيزستان من القاعدة الأميركيّة بماناس. ومعاهدة"ستارت 3: قاصرة عن أداء دور الركيزة الاساسية لتحسن جدي في العلاقات الروسية - الأميركية. معلق، عن"نوفايا غازيتا"الروسيّة، 12/4/2010، اعداد علي شرف الدين نشر في العدد: 17183 ت.م: 21-04-2010 ص: 26 ط: الرياض