تغطي الثلوج الكثيفة أجزاء واسعة من سفوح جبال الأطلس المتوسط والكبير وقممها حيث المسالك الوعرة وشدة الصقيع التي ُتؤثر في حياة القرويين الذين يكتنزون الحطب لليالي الشتاء الطويل، في إقليم يمتد على مساحة 20 ألف كيلومتر مربع ويرتفع 3 آلاف متر في منطقة تعتبر الأغنى في المغرب و مجموع شمال أفريقيا، بموارد المياه العذبة والبحيرات التي يؤمها السياح الربيع والصيف. وللوقوف على حياة سكان الجبال انتقل وفد إعلامي ضمن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى جهة تادلة - ازيلال - وسط المغرب لمعاينة التحولات التي طرأت على معيشة سكان المنطقة، التي شهدت عام 2006 إطلاق فكرة"الالتقائية"التلاقي بين مشاريع الحكومة وبرامج التنمية البشرية بهدف القضاء على الفقر وتحسين معيشة الأسر التي ترتبط مداخليها البسيطة بتربية الماشية والزراعة والري والصناعات اليدوية. محافظ المنطقة محمد الدردوري قال إن منطقة تادلة ? ازيلال في جبال أطلس، حصلت على 8 بلايين درهم بليون دولار استثمارات عام 2009 لتطوير البنية التحتية وبرامج التعليم والصحة والمشاريع العقارية والزراعية والسياحية، ولم تكن الاستثمارات تتجاوز 200 مليون درهم قبل العمل في برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أعلن عنها ملك المغرب محمد السادس في 18 أيار مايو 2005 . وأضاف إن العزلة التي تواجه المنطقة بسبب ضعف الطرق السريعة واتساع المساحة ووعورة المسالك الجبلية، تحرمها من استثمارات إضافية على رغم جمال طبيعتها ومساهمتها بنحو 15 في المئة من الإنتاج الزراعي في المغرب، بخاصةٍ الحبوب والألبان والزيوت والعسل والفواكه والخضر. وتحدّث عن مشروع توسيع مطار"بني ملال"ليصبح مطاراً دولياً ويستقبل أولى الرحلات من ميلانو حيث تعيش جالية محلية مهمة في شمال إيطاليا، تشكل المصدر الأساس للدخل بعد الزراعة والسياحة في جهة يقدر سكانها بخمسة ملايين من العرب والأمازيغ. وعاين الوفد الإعلامي في قرية ناوور الجبلية، تحسن دخل معيشة السكان القرويين الذين استفادوا من تمويلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإنشاء مشاريع صغيرة أو في إطار تعاونيات واتحادات تنموية ساعدت على ازدياد الدخل ومظاهر الارتقاء الاجتماعي على رغم حالة الفقر التي تلازم سكان الجبال بسبب عزلة الطبيعة، التي تكون قاسية على سكانها المقيمين ورائعة للزائرين العابرين. وقالت المنسقة العامة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية المحافظة نديرة الكرماعي، إن الإحصاءات أظهرت تراجعاً للفقر وتحسناً في معيشة السكان في المناطق التي شملتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي استفاد منها نحو 4 ملايين من سكان القرى والأرياف وضواحي المدن في نحو 16 ألف مشروع في المملكة. واعتبرت الكرماعي"أن الفقر تراجع 41 في المئة في المناطق القروية التي استهدفتها المبادرة في مقابل 28 في المئة فقط في المناطق الأخرى التي لم تشملها مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"المعروفة اختصاراً"إن دي أتش". وتراجع معدل الفقر في منطقة"تادلة ? ازيلال"بنحو عشر نقط من 24 إلى 14 في مقابل 9,5 في المئة على المستوى الوطني. ويساهم في الخطة 15 دولة منها ألمانياوإيطاليا وفرنسا والسعودية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية. وتجاوزت استثمارات مبادرة التنمية البشرية نحو 11,5 بليون درهم 1,4 بليون دولار في أربع سنوات. وقالت المنسقة العامة"إن المبادرة لا تحل محل الحكومة بل تواكب عملها وتكمله في المجال الاجتماعي". وتستعد الرباط لتوقيع اتفاقات تهدف إلى تأمين دعم إضافي للمبادرة المغربية للتنمية البشرية للقضاء على الفقر وتقليص معدله دون 7 في المئة عام 2014 وقبل 2015 التي حدّدها برنامج الأممالمتحدة لتحدي الألفية، سنة فاصلة لتقليص الفقر والأمية في العالم، وتأثرت برامجها الدولية بتداعيات الازمة الاقتصادية العالمية والتغيرات المناخية.