«الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة    أمير حائل يستقبل وزير السياحة    توال و 5SKYE تعلنان عن شراكة استراتيجية لتعزيز التحول الرقمي في السعودية    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعًا جديدًا من الخفافيش في المملكة    "مطار الملك فهد الدولي" يحقق المركز الأول في نسبة الالتزام بمعايير الأداء التشغيلي    رغم عدم تعليق موسكو.. أوكرانيا تتهم روسيا باستهدافها بصاروخ باليستي عابر للقارات    تفاؤل أمريكي بوقف إطلاق النار في لبنان.. خلافات بين إسرائيل وحزب الله على آلية الرقابة    اكتمال وصول الدفعة الأولى من ضيوف خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وقائد بحماس    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    "تعليم البكيرية" يحتفي باليوم الدولي للتسامح بحزمة من الفعاليات والبرامج    أمين منطقة القصيم يتسلم التقرير الختامي لمزاد الابل من رئيس مركز مدرج    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    الذهب يواصل مكاسبه مدفوعًا بتصاعد التوترات الجيوسياسية وتراجع الدولار    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    أكاديمية طويق شريك تدريبي معتمد ل "Google Cloud"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    مدالله مهدد ب «الإيقاف»    9 مهددون بالغياب أمام «الصين»    وزراء داخلية الخليج يبحثون التعاون الأمني المشترك    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    وزير العدل: القضاء السعودي يطبق النصوص النظامية على الوقائع المعروضة    حمائية فاشلة !    الصقور السعودية    «المسيار» والوجبات السريعة    «كوكتيل» هرج    الخليج يتطلع لنهائي آسيا أمام الدحيل    البكيرية يتجاوز الجندل والعدالة يتألق أمام النجمة    البرلمان العربي يدين تهديدات كيان الاحتلال الإسرائيلي بضرب العراق    هوساوي يعود للنصر.. والفريق جاهز للقادسية    اكتشف شغفك    علاج فتق يحتوي 40 % من أحشاء سيدة    الاتحاد يستعيد "عوار" .. وبنزيما يواصل التأهيل    الغندور سفيرا للسعادة في الخليج    محافظ جدة يشرف أفراح الحصيني والقفيدي    الإعراض عن الميسور    «بوابة الريح» صراع الشّك على مسرح التقنية    الدرعية تضع حجر الأساس لحي القرين الثقافي والمنطقة الشمالية    «قرم النفود» في تحدٍ جديد على قناة «الواقع»    فيتو أميركي ضد قرار بمجلس الأمن بشأن غزة    مهرجان البحر الأحمر يعرض روائع سينمائية خالدة    إيطاليا تفرض عقوبات أشد صرامة على القيادة الخطرة    أرامكو تحصد 5 شهادات ماسية خلال حفل مستدام «أجود»    في مؤجلات الجولة الثامنة من" يلو".. قطبا حائل يواجهان الحزم والصفا    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    نواف إلى القفص الذهبي    الزميل أحمد بركات العرياني عريسا    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    سعود بن بندر يستعرض تحول التعليم في الشرقية    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقائع صعبة تحاصر القضية الفلسطينية
نشر في الحياة يوم 27 - 11 - 2010

هل ما زالت القضية الفلسطينية، في مركز الصدارة من جداول الأعمال العربية؟ تجيب الوقائع بالتشكيك والاستفهام والإبهام. لكن تراجع ترتيب الوضع الفلسطيني، ضمن الهموم التي تثقل على الأوضاع العربية، لا يعني أن"فلسطين"أخلت مركزها المحوري، في الصراع العربي ? الإسرائيلي، لأية قضية أخرى. التمييز، هنا، مطلوب وضروري، حتى لا يجري الخلط والدمج، بين طبيعة"القضية"، والأشكال المتنوعة للتصدي لأعبائها، وحتى لا يفسر خفوت الصوت العربي، فلسطينياً، تفسيراً يوحي باختناق الصوت الفلسطيني، الذي ما زال مدوياً... حتى الآن!
هذا الفارق يجعل البحث متجهاً صوب"القضية وأهلها"، طالما أن دينامية الصراع، تدور فوق أرضهم، وطالما أن ما تشهده"دول الطوق العربي"لا يتعدى بعض الأصداء الخافتة، لما يدور على امتداد الجغرافيا الفلسطينية.
يقف الوضع الفلسطيني راهناً، أمام انسداد سياسي، لا تند عنه"صرخة نور"، في المدى المنظور، وما يحيط بالحراك الفلسطيني، لا يقوم على تواصل مع أي إنجاز سياسي مرتقب، في موضوع الاستقلال والسيادة، أو في أي من قضايا التفاوض النهائية. هذا يفتح على القول أن الجهد الفلسطيني دخل منذ زمن في مسار السياسة الانتظارية، وأن إدارة التفاوض، مع ما يلازمها من عثرات وموازين قوى مختلة، باتت عنواناً"للصبر الانتظاري"الفلسطيني، الذي يطمح إلى مراكمة بنية داخلية، تكون جاهزة لاستقبال كل تغيير إيجابي، على اتصال بالآمال والأماني الشعبية الفلسطينية.
تدير الفترة الانتظارية، الطويلة، هذه، سياستان، إحداهما تختص بالسلطة الوطنية الفلسطينية، والثانية تتولاها حركة"حماس"، وفق مرجعيات مختلفة لكلا الطرفين، في الإيديولوجيا وفي التاريخ، وفي الأدبيات السياسية، وفي الحركة العملية اليومية.
تقيم"السلطة الوطنية"بنيان أدائها، فوق مداميك تاريخية مستمدة من تراث قريب مصدره منظمة التحرير الفلسطينية، ومن شرعية كفاحية متصلة، تبدأ منذ مطالع القرن الماضي وتمر بكل فترات الكفاح المسلح والسلمي، الذي قادته حركة التحرر الوطني الفلسطينية. وعليه تصير قراءة التجربة"السلطوية"الحالية، نابضة بضجيج الأيام الفلسطينية القتالية، ومفعمة بروح الانتفاضات الشعبية المتتالية. هذا يضع السلطة في موقع المناقش، من الداخل، في معنى كل تحرك، سلمياً كان أم عسكرياً، وفي موقع من له القدرة على الاختيار والتصويب والتصحيح... لأن رصيد"أهل السلطة"يعينهم على أن يكونوا في هكذا موقع من الترشيد والتوجيه.
من جهة أخرى، انتقلت"حماس"من وضعية الشريك الكفاحي"المضارب"أيام الرئيس الراحل ياسر عرفات، إلى موقع الحاكم البديل، الذي يطمح إلى وراثة الحركة الوطنية الفلسطينية، بتاريخها ورمزيتها، بالاستناد إلى عدة"مفهومية"وسياسية مغايرة. تجدر الملاحظة، أن"حركة المقاومة الإسلامية"، باشرت مراكمة عناصر سلطتها البديلة، أيام عرفات، وكانت طليقة اليدين سياسياً وشعبياً، فهي لم تكن مسؤولة أمام"العالم"عن عملياتها، سياسياً، لأن ردود الفعل والضغوط السياسية، كانت تتجه صوب"السلطة الوطنية"ومؤسساتها. كذلك، لم تكن مسؤولة شعبياً، لأن معالجة الآثار الناجمة عن المواجهات المقررة"حماسياً"، ودفع كلفتها المادية، كانت مطلوبة من"السلطة"المسؤولة عن شعبها! لقد حاولت"حماس"، من خلال عملياتها الانتحارية، أو"الاستشهادية"قطع مرور الزمن النضالي الذي فاتها، إذ أن"باعها"في ميدان المواجهة مع العدو الإسرائيلي، كان قصيراً، تاريخياً، بل إنها، كفرع من حركة"الإخوان المسلمين"، كانت منصرفة إلى"شؤون"أخرى، أيام كانت الحركة الوطنية الفلسطينية، بمختلف فصائلها، تخوض معاركها المتوالية.
لكن ما تحفل به السطور السابقة، يجب ألا يذهب بالتحليل بعيداً من أمرين: الأول: هو اشتراك طرفي حركة التحرر الفلسطينية، حالياً، في المأزق السياسي.
والثاني: هو عدم القدرة على تسفيه أي من خطابي الطرفين، تسفيهاً سياسياً مطلقاً، بل الأجدى القول، أن كل خطاب ينطوي على مبرراته الخاصة، وعلى مأزقه المخصوص أيضاً.
يظهر مأزق جناح الحركة الوطنية، في"السلطة"، من خلال العجز عن تحقيق إنجاز وطني ملموس، للشعب الفلسطيني، وهو ماضٍ في سبيله نحو إقامة دولته المستقلة. تساهم في صياغة هذا العجز، سياسة إسرائيل المغلقة، لكن ذلك لا ينفي وجود عوامل ذاتية، تساهم في تعميق الإخفاق ومفاقمته. يأتي في طليعة ذلك، الإرباك الذي يواجه مسألة إعادة"صياغة الوحدة الوطنية الفلسطينية"، التي تتطلب إعادة تجديد الحركة الوطنية عموماً، على أصعدة الفكر والسياسة والقيادة والبرنامج والأهداف... البعيد منها والقريب. كذلك فإن مأزق"حماس"، يظهر في"ماضويتها"التي تقفل على العقلانية الفلسطينية وتلغيها، وعلى اختزاليتها ومبادرتها إلى قطع السياق التاريخي النضالي للشعب الفلسطيني، بحيث يتحول التأريخ لهذا الشعب، عملية استنسابية، وتعاد نقاط بدئه إلى"صفر نضالي"، يبدأ عده التصاعدي، بعد انطلاق"الحركة الوطنية"مع"جناحها الإسلامي"!. هذا يؤدي في السياسة إلى مسلك فرز، بديلاً من مسلك التوحيد، الذي يعتمده"الجناح الكفاحي"الآخر، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على صعوبة اندراج حركة"حماس"ضمن الوحدة الوطنية الفلسطينية الشاملة، لأن لهذا الاندراج ثمنه وكلفته ومترتباته... الأمر الذي لا يبدو متلائماً مع الحسابات الخاصة جداً للذين يتولون"شؤون الإمارة الإسلامية"في قطاع غزة.
ولأن البحث عن أسباب الأزمة طويل، ولأن الراهن الفلسطيني، لا يمكن عزله عن السياق البنيوي العام، للمسيرة الكفاحية الفلسطينية، يصير من الأنسب الاحتكام إلى"قياس مرجعي"، لدى محاكمة السياسات التي تتحكم بمصير الشعب الفلسطيني، اليوم. لعل المرجعية الأساس، هي ملاحظة انتساب كل أداء سياسي، إلى المصالح العليا للشعب الفلسطيني، واتصاله اتصالاً وثيقاً بها. يأتي في مقدمة ذلك، الحفاظ على الوحدة، والمراكمة على طريق الاستقلال، وفتح كل المنافذ والمسام، أمام التنفس السياسي للشعب... ليكون مأمولاً الفوز بكيان يؤطر الهوية الفلسطينية. لعله من المفيد التذكير أن السير في هذه الشعاب يتطلب عقلنة السياسة والثقافة والاجتماع والحسابات. أما الاحتكام إلى"المطلقات"فلا يؤدي إلا إلى تبديد الإنجازات التاريخية الفلسطينية.
* كاتب لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.