تزوجتْ في الثامنة عشرة من العمر. ظنت انها ستحمل بسرعة. مضت السنة الأولى، ثم الثانية، فالثالثة وهي في انتظار الحمل الموعود، ولكن هذا ما لم يحصل. وفي كل شهر من السنة الثالثة كانت تبكي بكاء مراً عندما تأتيها العادة الشهرية، وكانت الأفواه من حولها تنفث السموم على مسامع الزوج كي يتزوج ثانية، ولكن الزوج كان متفهماً وصبوراً الى أبعد حد. اقترحتْ على زوجها عرض الأمر على الطبيب فرفض رفضاً قاطعاً. لكنها لم تيأس من المحاولة معه مرات عدة كي يوافق على الفكرة. وفي نهاية المطاف اقتنع بصواب فكرة شريكة عمره ووافق على استشارة الطبيب. وبالفعل ذهبا سوية إلى الطبيب وأجريا الفحوص اللازمة، فكانت النتيجة أن الزوج سليم، أما الزوجة فكشفت الفحوص أن لديها مشكلة التهابية في بوقي الرحم تحول بينها وبين أمومتها. خضعت للمعالجة المناسبة التي قررها الطبيب، وما هي سوى أشهر قليلة حتى وقع الحمل لترزق بطفلة وتصبح أماً بكل ما في الكلمة من معنى. لا شك في أن الأمومة لدى المرأة هي أغلى ما عندها، وعدم القدرة على الإنجاب يشكل طعنة كبيرة لأنوثتها، بل هو مأساة كبيرة لأنه يجعل حياتها جحيماً، وقد أظهرت الإحصاءات العالمية أن عدم إنجاب الأطفال هو السبب الأول لحدوث الطلاق. وكي تكون الزوجة مستعدة للحمل، لا بد من توافر أربعة شروط، هي: - إنتاج بويضة ناضجة شهرياً من أحد المبيضين. - سلامة قناتي الرحم من أجل استقبال البويضة، وكذلك السماح بمرور الحيوانات المنوية الآتية من الرحم للقاء البويضة، وأن تكون الأهداب المبطنة لقناتي الرحم سليمة بحيث تمكّن من دفع البويضة الملقحة في اتجاه الرحم. - أن يكون الغشاء المبطن للرحم مهيأً لاستقبال البويضة الملقحة. أما عقم الزوجة فينتج من أسباب مختلفة نوردها كما يأتي: 1- أسباب تتعلق ببوقي الرحم، وتعتبر هذه مسؤولة عن نسبة لا بأس بها من حالات الإصابة بالعقم، وتعمل هذه الأسباب بطريقة أو بأخرى على ظهور عوائق تحول دون لقاء البويضة مع الحيوان المنوي وبالتالي لا يحصل التلقيح، ومن هذه الأسباب: - الالتهابات المزمنة لقناتي الرحم. - الحمل خارج الرحم. - التهابات الزائدة الدودية. - العمليات الجراحية على البطن وما يعقبها من تشكل التصاقات. - قصر قناتي الرحم. - أورام قناتي الرحم أو المبيضين. إن الأسباب المذكورة تعمل بطريقة أو بأخرى على بروز عوائق تحول دون لقاء البويضة مع الحيوان المنوي كي يحصل التلقيح، الأمر الذي يمنع وقوع الحمل. 2- أسباب تتعلق بالرحم، وتشمل هذه: - التشوهات الخلقية للرحم، مثل الرحم ذي القرنين، وغياب الرحم الخلقي أو ضموره أو نقص تطوره. - الالتصاقات الرحمية. - داء البطانة الرحمية. - التهابات الرحم. - الأورام الليفية للرحم. 3- أسباب تتعلق بالمبيض، وفيها يفشل المبيضان في إنتاج البويضات اللازمة، ويحصل هذا الأمر نتيجة علل طرأت على المبيضين، أو بسبب خلل طارئ في الغدة النخامية أورام، مناورات جراحية والمراكز الدماغية. 4- أسباب تتعلق بعنق الرحم، وهي مسؤولة عن أكثر من 10 في المئة من حالات العقم عند المرأة. وتتضمن: - شح مفرزات عنق الرحم أو ندرتها، فهذه المفرزات تعتبر مهمة جداً لتسهيل مهمة تسلل الحيوانات المنوية الى قلب الرحم. - وجود أجسام مضادة في عنق الرحم تعمل على قتل الحيوانات المنوية. - انسداد عنق الرحم. - علاج عنق الرحم بالليزر أو بالكيّ. 5- أسباب تتعلق بالمهبل، وهذه يمكنها ان تمنع تقدم جحافل الحيوانات المنوية، وهي: - وجود مفرزات قيحية شديدة تتجمع في المهبل. - زيادة حموضة المهبل. 6- أسباب خارج الرحم وملحقاته، مثل أورام الأعضاء المجاورة للجهاز التناسلي، التهاب غشاء البريتوان، التهاب الزائدة الدودية. 7- أسباب تتعلق بالجماع، مثل صعوبة الجماع أو آلام الوصال الجنسي، واستخدام المزلقات الضارة بالحيوانات المنوية. إن الأسباب المؤدية الى العقم عند النساء كثيرة ومتنوعة، وتشخيصها يتطلب فحوصاً استقصائية كثيرة يختار الطبيب من بينها الأنسب، وتشمل هذه الفحوص: - قياس حرارة الجسم. - تنظير قناتي الرحم. - فحوص مناعية. - فحص الجينات والكروموزومات. - فحص الهورمونات لمعرفة حصول الإباضة وتقويم الجسم الأصفر في المبيض. - مسحة من جدار المهبل. - فحص التغيرات الفيزيولوجية الطبيعية لعنق الرحم. - اجراء التحريات المخبرية الميكروبيولوجية. - التصوير بالأمواج فوق الصوتية. - تصوير الرحم بالأشعة الملونة. - تنظير عنق الرحم. - تنظير بوقي الرحم. - فحص خزعة من بطانة الرحم. أما في شأن العلاج فيعتمد على السبب، وهو يكون إما دوائياً أو بالجراحة، وسواء كان العلاج بالأول أو بالثاني، فإن الحمل لن يقع فوراً بل بعد مدة تطول أو تقصر، والمهم في الموضوع هو الصبر. وفي الختام نسوق عدداً من الملاحظات التي تتعلق بمشكلة العقم: كلما زاد عمر المرأة قلّت لديها فرص حدوث الحمل خصوصاً بعد سن ال 35. يقال إن المرأة مصابة بالعقم بمرور عام واحد على زواجها من دون وقوع الحمل، شرط أن تكون هناك عمليات جنسية منتظمة ومستمرة. قد يخطئ بعض الأطباء في تحديد سبب العقم عند الزوجة فيصفون علاجات يمكن أن تترتب عنها مشاكل صحية. بعض النساء يتعجلن حدوث الحمل فيلجأن إلى أساليب ووصفات شعبية قد تكون سبباً في حدوث اختلاطات تجعل الحمل بعيد المنال. يصف بعض الأطباء منشطات للتبويض على رغم عدم وجود مشكلة على هذا الصعيد، وهذا التصرف خاطئ من أساسه، إذ لا يجوز وصف منشطات للإباضة إلا في حال التأكد من ضعف الإباضة أو عدم وجودها بالمرة. هناك نسبة من حالات العقم عند المرأة لا تفسير لها. قد ينتج العقم من أسباب نفسية وتوترات عصبية.