تحتفل الجمعية الأميركية لطب الإنجاب في اجتماعها القادم في شهر نوفمبر بمناسبة بلوغ لويس براون عمر الأربعين عاماً. ولمن يسمع بهذا الاسم للمرة الأولى، فإن هذه المرأة البريطانية هي أول طفلة أنابيب ولدت في العالم عام 1978 م، مع ملاحظة ان لويس أصبحت أما لطفلين انجبتهما بطريقة طبيعية فيما بعد. ومنذ ذلك الوقت احدثت تقنية أطفال الأنابيب والحقن المجهري او الإخصاب الإنبوبي نقلة نوعية في عالم الطب الإنجابي، وفي عام 2010 تم تكريم العالم البريطاني روبرت إدواردز الذي قام بتخصيب أول بويضة خارج رحم الأم وتم منحه جائزة نوبل في الطب. هذه التقنية المتقدمة لعلاج تأخر الإنجاب (اما لأسباب عائده للزوجة او الزوج) يتم فيها حقن البويضه بالحيوان المنوي خارج جسم المرأة وفي حاضنات خاصة ذات وسط ملائم لنموها حتى تتكاثر لمرحلة معينة (من 2-5 أيام) وبعدها تعاد البويضة الملقحة الى الرحم. وعادة مايلجأ الى هذه التقنية من العلاج لعدة اسباب تعود الى احد الزوجين، فهناك أسباب تعود للزوجة: مثل انسداد قناتي فالوب حيث لا تستطيع الحيوانات المنوية الوصول للالتقاء بالبويضة لإخصابها، وكذلك بعض حالات تكيس المبيضين المستعصي على العلاج بالطرق الدوائية وحالات مرض البطانة الرحمية المهاجرة. وأيضا يلجأ الى أطفال الأنابيب بصورة أسرع في حالات عمر الزوجة المتقدم ما بين عمر 35-40 عاماً وذلك لضيق الوقت وتجنب إضاعته في المحاولات الأخرى التي قد تأخذ وقتا طويلا او لا تحمل نسبة نجاح عالية. أما عند الرجال: فيلجأ لأطفال الأنابيب لعلاج العقم الناجم عن نقص أو قلة حركة الحيوانات المنوية حيث تحقن الحيوانات المنوية مع البويضة مباشرة فلا تحتاج الحيوانات المنوية للمرور عبر القناة التناسلية للمرأة حتى التقاء البويضة في قناة فالوب فنختصر بذلك الوقت والجهد على الحيوان المنوي الضعيف. وأيضا نلجأ لأطفال الأنابيب لعلاج العقم عند الرجال الذين تتولد لديهم أجسام مضادة للحيوان المنوي وفي حالات العقم غير معروفة السبب. وأخيرا يلجأ الى هذه الطريقة في حال توفر الحيوانات المنوية فقط عن طريق السحب المباشر من الخصية كما هي الحال في الحالات الإنسدادية او في حالات فشل الإنطاف عند الرجل. ما هي نسبة نجاح طفل الأنابيب وعلى ماذا يعتمد ذلك؟ تتراوح نسبة نجاح هذه التقنية ما بين 35 % إلى 55 % ويعتمد ذلك على أكثر من عامل، مثل سبب العقم عند أي من الزوجين والبروتوكول المستخدم من قبل الطبيب لتنشيط الإباضة واستجابة المبيضين للتنشيط (من حيث عدد البويضات وطبيعة هذة البويضات ) كما أن نسبة النجاح في بعض الأحيان تعتمد على عدد البويضات الملقحة المنقولة الى الرحم، حيث تقل كلما قلّ العدد ولكن المشكلة الأخرى التي قد تواجه الزوجين في حال نقل عدد كبير من البويضات الملقحة إلى الرحم هي مشكلة حمل التوائم وتعدد الأجنة التي قد يؤدي إلى بعض المضاعفات في فترة الحمل للأم والأجنة كازدياد نسبة الإجهاض أو الولادة المبكرة، ولذا لا ينصح بإعادة أكثر من ثلاثة أجنة أو اثنين في معظم المراكز الطبية حول العالم إلا في بعض الحالات الخاصة مع ملاحظة ان التوجه الحالي في الأوساط الطبية هو نقل جنين واحد، ومن العوامل التي تؤثر على نسبة النجاح أيضا سماكة بطانة الرحم حيث تؤثر على التصاق الجنين بالرحم وقد تستخدم احيانا مادة تساعد على ذلك .هذا بالإضافة لأمور تتعلق بالمختبر وخبرة اخصائي الأجنة وما يستخدمه من مواد في التحضير والبروتوكول المستخدم في الحاضنة التي توضع فيها البويضات الملقحة جميعا أيضا تؤثر في نسبة نجاح عملية طفل الأنابيب. لماذا تفشل عملية أطفال الأنابيب أحياناً؟ تتأثر الأجنة الناتجة عن طريق الحقن المجهري بنوعية البويضات ونوعية الحيوانات المنوية، فكلما زاد عمر المرأة تكون نسبة نجاح عملية طفل الأنابيب أقل ويمكن أن يكون ذلك بسبب أن البويضات الأكبر عمراً تكون أقل قابلية للتلقيح. هذا بالإضافة ان وجود تشوه في أشكال الحيوانات المنوية يؤثر أيضاً على نجاح العملية حيث يؤدي ذلك الى تشوه الأجنة بسبب تشوه الكروموسومات وهذا يقود إلى عدم التصاق الأجنة بجدار الرحم أوقد ينتهي الحمل عندها بالإجهاض في عمر 8 أسابيع تقريبا. وفي بعض الأحيان قد يكون السبب مشكلة في البطانة الداخلية للرحم والتي من المفروض أن تستجيب لهرمونات الجسم وتتهيأ تبعاً لذلك لاستقبال الحمل، ولكن في بعض الأحيان تكون رقيقة بحيث يصعب التصاق الجنين بها. *كم مرة يمكن إعادة عملية طفل الأنابيب إذا فشلت المحاولة الأولى؟ * لا يوجد تحديد لعدد المرات والتي يمكن فيها اجراء محاولات الحقن المجهري، وهذا يعتمد على أكثرمن ظرف بخلاف القدرة المادية الخاصة بالزوجين اذ ان معظم دول العالم لاتغطي تكاليف عمليات اطفال الأنابيب او تغطيها لمحاولة واحدة فقط وتحت عدة اشتراطات منها عمر المرأة ووجود اطفال من عدمه لدى الزوجين. ومن العوامل الأخرى والتي قد تحد من فرصة اعادة محاولة الحقن المجهري: الوضع النفسي للزوجين أو في حال تعرض الزوجة لبعض الإختلاطات الناتجة عن تنشيط المبيضين مثل زيادة الإستجابة المفرطة للمنشطات وفي بعض الأحيان تشكل تكيسات على المبيضين. وهنا أود الإشارة إلى انه بعض الأحيان يلجأ الى تجميد بعض الأجنة الناتجة بحيث تنقل في الدوره التالية دون الحاجة لإعادة تنشيط المبيضين وذلك لتجنيب المريضة التعرض لهرمونات التحفيز مرة أخرى بالأضافة إلى تقليل العبء المادي على الزوجين عند تكرار المحاولة. العوامل التي تساعد على نجاح عملية أطفال الأنابيب: يعتمد نجاح هذه العملية اولا وقبل كل شيء على المشيئة الإلهية. ومن العوامل المساعدة بمشيئة الله انتقاء الحالة المناسبة للبروتوكول المناسب وذلك بعد إجراء التقييم الشامل للزوجة من قبل الطبيب المختص ويشمل ذلك الفحص السريري والفحص بواسطة جهاز الموجات الصوتية في أول يوم من الدورة للتأكد من وضع المبيضين والرحم وإجراء الفحوصات المخبرية الهرمونية وبالتالي علاج أي خلل هرموني موجود، هذا بالإضافة الى تهيئة الجو المناسب لنجاح العملية مثل تخفيف الوزن للمرأة والذي يلعب دورًا مساعدًا في حدوث الحمل، هذا بالإضافة لعمل الفحوصات الاستقصائية للتأكد من عدم وجود معوقات لاستقبال الجنين داخل جسم المرأة مثل الالتصاقات في الرحم أو وجود الألياف الرحمية والتشوهات الخلقية في الرحم والتي قد تتعارض مع نمو الجنين حين حدوث الحمل، ويمكن معرفة ذلك بإجراء عملية التنظير الرحمي أو البطني والذي يمكن من التشخيص والعلاج في نفس الوقت. هذا بالإضافة الى أنه يجب ان يتم تقييم جودة الحيوانات المنوية عند الزوج بعد إجراء الفحص المخبري للسائل المنوي وإعطائه علاجات التقوية لتحسين قدرة الحيوان المنوي على تخصيب البويضة. وبعد اختيار البروتوكول المناسب، لا بد من أخذ الحقن الهرمونية اللازمة لتحفيز المبيض مع التقيد باليوم والكمية التي يحددها الطبيب. ولا بد من مراجعة الطبيب بالوقت الذي يحدده حتى يتمكن من رصد الإباضة لتحديد يوم سحب البويضات من كلا المبيضين، هذا بالإضافه الى ان الفحص بالموجات الصوتية الدوري خلال فترة المعالجة يحمي المريضة من مشاكل فرط التحفيز للمبايض وما يصاحبها من مشاكل صحية. وبعد عملية سحب البويضات لا بد من إعطاع العلاجات المدعمة للحمل والتي تساعد على ثبات الأجنة بعد إرجاعها وتمنع التقلصات الرحمية، مع الدعم النفسي اللازم للزوجة خلال كل مراحل هذه العملية. نصائح للمرأة الحامل بواسطة تقنية أطفال الأنابيب: يفضل قبل البدء بالمحاوله استعمال بعض الفيتامينات مثل الزنك وحمض الفوليك والاسبرين وممارسة رياضة المشي حيث تساعد على تنشيط الدورة الدموية وتخفيف الوزن والذي يفضل فيه الا تكون كتلة الجسم أكثر من 27، كما يفضل الابتعاد عن الوجبات السريعة والمعلبات لما تحتوية من مواد حافظة ضارة، ويفضل الابتعاد عن تناول الكبدة والبن المخاض والمرتديلا والنقانق والسجق والبيض غير المطهي جيدا كما في المايونيز، ولا بد من التوقف عن بعض العلاجات المستخدمة لتخفيف الوزن والكريمات الخاصة بذلك لما لها من تأثير ضار. ويفضل الإكثار من السوائل خاصة الماء (على الأقل 8 أكواب في اليوم) والتقليل من الأغذية التي تحوي الكافيين مثل القهوه والشاي والمشروبات الغازية والتقليل من بعض الأغذية مثل القرفة والشوكولاته والبقدونس والحلبه وأيضاً يفضل الابتعاد عن استنشاق الأبخرة الناتجة عن بعض مواد التنظيف. ويجب التنبيه على انه لا ينصح بالمعاشرة في الاسبوعين التاليين للإرجاع وتجنب الاجهاد الجسدي للزوجة، مع إمكانية ممارسة نشاطات الحياة العادية البسيطة. ولا ينصح بأخذ الحمامات الساخنة جدا او استخدام الجاكوزي الممتلى بمياه ساخنة لانها ترفع درجة حرارة الجسم وقد تسبب الاجهاض. وهنا أيضا لا بد من الإشارة الى أن بعض السيدات يأخذن بعض الوصفات أو خلطات الأعشاب من بعضهن ظنا منهن أن ذلك يثنت الحمل ولكن ذلك قد يؤذيه وقد تؤدي الى الإجهاض. * هل هناك مشكلات صحية يعاني منها الجنين القادم عن طريق الانابيب؟ * يعتقد البعض ان طفل الانبوب مختلف عن غيره من الاطفال الذين يولدون طبيعياً من ناحية القدرات العقلية التي يرونها أقل من نظرائهم، ومن الناحية الصحية يعتقد البعض ايضًا بزيادة فرص مرضهم وتدني مقاومة اجسادهم للأمراض فضلا عن اصاباتهم المستقبلية بأورام سرطانية. وهنا يجب التأكيد أن هذه المخاوف في غير محلها حيث ان نتأئج الدراسات في هذا المجال غير متواترة والكثير منها اثبت انه لا يوجد أي اختلاف لنتائج الحمل بين الطريقة الطبيعية وبين عملية أطفال الأنابيب، فمنذ عام 1978 م وهو عام ولادة أول طفل انبوب كما أشرت سابقاً، تمت ولادة حوالي 6 ملايين طفل في العالم عن طريق عملية أطفال الأنابيب, كما تمت دراسة ما لا يقل عن 100 ألف طفل منهم في مختلف أنحاء العالم، ولا يوجد دليل علمي قوي يثبت أي زيادة في التشوهات الخلقية الرئيسية أو اختلاف في مستوى المشاعر الاجتماعية او ذكاء الأطفال من عمليات أطفال الأنابيب، لهذا فإن عملية أطفال الأنابيب والتلقيح المجهري عملية آمنة بإذن الله والحمل الناتج عنها هو حمل مماثل للحمل الطبيعي، بل إنها تعطي أفضل فرصة نجاح يمكن الحصول عليها. وكما أشرت في البداية ان لويس براون اول طفل انبوب في العالم قد تمكنت من ولادت طفلين بحمل طبيعي. الأضرار الجانبية الناتجة من عملية أطفال الأنابيب: هناك بعض المخاطر الصحية التي ينطوي عليها العلاج بهذه الطريقة، وهي تشمل: 1 - الحمل المتعدد: فهناك احتمال لحدوث حمل متعدِّد بطريقة أطفال الأنابيب. والحمل المتعدد له مخاطر صحِّية على الأمِّ والطفل، وذلك لأنَّ الحمل بتوأم أو بثلاثة توائم يجعل الحمل أكثرَ عُرضةً للولادة المبكرة، ولنقص الوزن عند الولادة. 2 - متلازمةُ فرط تنبيه المبيض: يمكن للأدوية المستخدمة لتحفيز المبيضين في أثناء عملية الحقن المجهري أن تؤدِّي إلى متلازمة فرط تنبيه المبيض، حيث يتضخم المبيضان ويصبحان مؤلمين، مما يؤدي إلى ألم وانتفاخ في البطن. ويمكن للحالات الأكثر شدَّةً أن تؤدِّي إلى ضيق في التنفُّس، واحتباس السوائل في تجويف البطن، وتشكُّيل جلطة دموية، وقد تحتاج الزوجة في هذه الحالات إلى التنويم في المستشفى. 3 - العدوى والالتهابات: عندما يجري نقل البويضات من الزوجة، تُمرَّر إبرة رفيعة من خلال المهبل إلى المبيضين. ورغم أنَّ المضادات الحيوية والتعقيم الجراحي تساعدان على تقليل هذا الاحتمال، إلا انه ليس مستحيلاً الحدوث. الجديد في عالم الطب الإنجابي للحمل بهذه الطريقة: مر علم الطب الإنجابي بتطورات كثيرة وما زال هذا العلم يأتي لنا كل يوم بجديد فبخلاف عملية اطفال الأنابيب التقليدية توجد تقنية ثقب القشرة الخارجية للبويضة ثم إدخال بعض الحيوانات المنوية تحت الطبقة الخارجية للبويضة وهو ما يسمى التلقيح تحت القشرة (Subzonal Insemination) ومن ثم يمر الحيوان المنوي إلى السيتوبلازم الخاص بالبويضة ليتم الإخصاب. وهناك تقنية الحقن المجهرى للبويضة حيث يتم إدخال حيوان منوي واحد مباشرة في سيتوبلازم الخلية وهي ما يسمي(ICSI) وغالباً ما تفيد في الحالات التي يكون سبب العقم فيها من جانب الزوج مثل النقص الشديد في الحيوانات المنوية أو عندما يكون نوع الحيوان المنوي غير جيد او غير متحرك، ويستفيد أيضا من هذا الإجراء الأزواج الذين يشكون من انعدام وجود الحيوانات المنوية في السائل المنوي لسبب انسدادي خلقي ( عدم تكون أو تخلق ناقل المني او الأسهر)، أو الاسباب الانسدادية الناتجة عن الأمراض التناسلية الأخرى التي تؤدي إلى انسداد القنوات الناقلة للحيامن. وفي عمليات الحقن المجهري يتم الإستعانة بأشعة الليزر Laser Manipulation لعمل ثقب في جدار البويضة ومن ثم حقن الحيوان المنوي فيها ومما قدمه العلم الجديد أيضا عمليات ثقب جدار الأجنة Assisted Hatching لعلاج عدم علوق الأجنة بعد إرجاعها بسبب عدم انغراسها في بطانة الرحم.